اعترض الناقد محمود الضبع، في الندوة الشهرية التي تعقدها سلسلة "كتابات نقدية" الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، والتي ناقشت كتاب "بحثًا عن الشعر" للشاعر رفعت سلام، علي فكرة الكتب المعتمدة علي مقالات مجمعة، وتساءل: إلي أين ستمضي بنا؟ فالكثير من الكتب الصادرة في الهيئات الثقافية المختلفة مجرد تجميع لمقالات سبق كتابتها ومنها هذا الكتاب الذي نشر في الصحف والمجلات علي مدي 30 عاما. وأكمل الضبع في الندوة التي شارك بها كل من الناقد الدكتور هيثم الحاج علي، والناقد الدكتور محمود الضبع، وأدارها الناقد الدكتور محمد بريري، قائلا: الكتاب شهاد تاريخية علي تجارب شعرية عربية بدءا من بلوتولاند للويس عوض، وحتي شعراء التسعينيات في المرحلة الحالية، مرورا بتجارب شعرية مهمة خارج مصر مثل قراءة المشهد الشعري الفلسطيني، والشعر الكردستاني. صلاح فضل رئيس تحرير السلسلة قال: الكتابة التي ترقي لمستوي الشهادة والوثيقة أهم من الدراسات النقدية المتخصصة، لأنها مادة علي كل المتخصصين دراستها وتحليلها، وتعيين محددات الحركة النقدية النشطة في ضوئها، ولعل واحدة من الأمور التي نفتقدها بشدة في النقد العربي الحالي أن لدينا دراسات علمية وأكاديمية، ولكننا لا نعثر علي المادة الأصلية المصاحبة للمادة الأدبية من رواية أو شعر أو غير ذلك، التي تحكي لنا كيف بدأ العمل، ووصف كتاب سلام بأنه شهادة وثائقية من الدرجة الأولي، تحتم علي من كتب رسائل دكتواره أو ماجستير عن أدب السبعينيات أن يعيدوا النظر بعدما كتبه سلام. وأضاف: فيما يتعلق بجيل السبعينيات، مازلت أعتقد أن جيل السبعينيين هم من زجوا بتلك التصورات السائدة عنهم باعتبار أن الجيل ينتهي عند 10 سنوات، هذا الوضع بالكامل يحتاج إلي إعادة نظر في فلسفة الأجيال، والمزيد من التدقيق الفلسفي والمنهجي، فالجيل الحقيقي يمتد لثلاثة عقود علي الأقل، فضلا عن الموجات المتتالية بعدها، ولكن التحول من العصر الناصري للساداتي كان تحولا مفصليا، والجيل السبعيني جيل متمرد. أما هيثم الحاج علي، فأكد علي المعني ذاته قائلا: الكتاب لا يتبع منهجاً نقدياً واضحاً بقدر ما هو وثيقة لشاعر يكتب تجربته الخاصة في تلقي وكتابة الشعر، وهجومه علي نقاد شعر السبعينيين، له علاقة بظروف تارخية لأنهم واكبوا الحدث، والناقد يتأخر خطوة عن الابداع ليلمح جوانب الظاهرة، وسلام يحاول طوال الكتاب أن يبحث عن جوهر الشعر وأفقه المفتوح، والمقالات النظرية المتعلقة بقصيدة النثر و الحداثة والعامية في مصر، مقالات لها ثقلها النقدي، أما باقي المقالات فهي شهادات أكثر منها نقداً، وهي دعوة للنقاد كي يتعاملوا مع الكتاب باعتباره مادة خاماً. أما الشاعر رفعت سلام فرد علي ناقديه قائلا: تجميع المقالات ليس بدعة، في تراثنا الثقافي، أو تراثنا العالمي، لدينا طه حسين، والعاقد والمازني، وغيرهم، وهنا إليوت في الأدب الإنجليزي، المهم هو وحدة الموضوع والمنهج، أما موقفي من قصيدة النثر فهو مبدئي لا علاقة له بأجيال الشعر المختلفة، سواء في كتابتي عنها أو في مشاركتي في ترجمة أهم مرجع عنها وهو كتاب سوزان برنار، فضلا عن مقالاتي العديدة في هذا الشأن. وأكمل: هذا الكتاب شهادة شاعر من هذا الزمان علي ربع قرن من الشعر المصري والعربي والحركات الثقافية المصرية، وفيه لا أتحول كشاعر إلي ناقد بقدر ما أقدم رؤية كشاعر للشعر وللحياة الثقافية، المسمي ليس مهما، المهم أن يجد القارئ في الكتاب ما يعكس الهموم والأفكار الشعرية والمفاهيم للشاعر في هذا الزمان.