كان أول شاعر كتب بالعامية يفوز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب منذ عدة سنوات، فكان اعترافاً رسمياً بهذا الفن الراقي بعد أن وضع أسسه بيرم التونسي، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين، وغيرهم.. وكان أول شاعر عامي يفوز بإجماع الآراء تقريباً بجائزة مبارك، وهي أعلي الجوائز المصرية وأرقاها. في إحدي قري الإسماعيلية يعيش الآن الخال عبد الرحمن الأبنودي، بعيداً عن ضوضاء القاهرة، وعن "دوشة الإعلام"، ولكنه أبداً لا يستطيع العيش بعيداً عن "وادي عبقر" يستلهم منه أشعاره وجنونه الفني.. هي "خلوة شرعية" بالفن، ولقاء حميمي مع الإبداع بعيداً عن أعين الرقباء، وبعيداً عن تلطف الظرفاء. تري ماذا يقول "حراتي القط" لزوجته "فاطنة" بعد فوز الأبنودي بهذه الجائزة الرفيعة؟ أخشي أن يطالب بحقه في الجائزة، وأن ينسبها لنفسه.. فالرجل ورسائله إلي زوجته أيام السد العالي، ولحظات تفجير "الديلاميت" وسر الانفجار الرهيب كانت كلها مقدمات لابد منها للفوز بالجائزة.. وتري أيضاً هل يرضي "أبو زيد الهلالي سلامة"، وصحابه بفوز الأبنودي بهذه الجائزة منفرداً؟ أم يطالب أبطال السيرة الهلالية التي قضي ردحاً طويلاً من عمره في تجميعها بحقهم كذلك؟ أغلب الظن أيضاً أن أكثر السعداء بفوز الأبنودي بهذه الجائزة ستكون "وهيبة" التي سجل الخال حكايتها مع حبيبها تحت شجر البرتقان، التي أصبحت معلماً أساسياً من معالم الغناء في مصر "تحت السجر يا وهيبة يا ما كلنا برتقان".. وستنضم إليها "عدوية" التي أقسم الأبنودي أنه لن يسافر "إلا ومعايا عدوية" .. ما أكثر محبينك يا خال. "عيون القلب فرحانة" يا خال ، وسر سعادتها أنك تستحق الفرحة، وتستحق التكريم، فقد أسعدت الشعب مراراً وبكيت معه وله مراراً.. وتوحدت معه في أحلك لحظاته، وعشت في السويس مع أهلها مقاوماً لا بالكلمة وحدها، ولكن بالحياة نفسها.. والحمد لله "عدي النهار" الأسود، ووجدت مصر من "يدفع مهرها" حباً وتضحية وفخراً. يا خال، الجائزة ليست لك وحدك، وليست فرحة "لآية ونور" وحدهما.. ولكنها فرحة لنا جميعاً.. ويا أيها الذي نحب ونفرح له وبه، شكراً لأنك جعلتنا نفرح، وجعلتنا نحبك.