حالة من الحزن واليأس لابد أن تصيبك بعد مشاهدة عرض "تصبحي علي خير يا ماما" الذي عرض السبت الماضي للمخرجة عبير علي ضمن فعاليات الموسم الثاني للمسرح المستقل الذي يقيمه مركز الهناجر للفنون بمسرح روابط ، المسرحية تستعرض الأزمات التي يعاني منها الشباب سواء مشكلة العنوسة أو البطالة وغيرها من خلال هلاوس امراة تعيش بمفردها وتتوهم في خيالها بأن جيرانها أصبحوا أبناءها الذين يقررون الانتحار في نهاية العرض بسبب يأسهم الشديد من الواقع المؤلم الذي يعيشونه، وبالرغم من جودة العمل المسرحي حتي أنه يعتبر أقوي الأعمال التي عرضت بالموسم المستقل حتي الآن، إلا أنه عرض مؤلم قد يدفع علي اليأس لأنه يرسخ في النهاية لفكرة الانتحار وكأنها حل لكل المشاكل التي يعاني منها المجتمع لكن مخرجة العرض عبير علي نفت ذلك وقالت: لابد أن أعتذر للجمهور عن الحزن الذي شعروا به بعد العرض خاصة أن فريق «المسحراتي» كان يحرص دائما علي عرض القضايا في قالب كوميدي خفيف وهذا ما كان يتوقعه مني الجمهور هذا العام لأنهم اعتادوا علي هذا الشكل لعروض الفريق. وتضيف: هذه المرة وجدت وسيلة أخري غير الكوميدي ففكرت في اللعب علي الشكل العبثي من خلال استعراض أن فكرة اللامعقول أصبح فكل الأشياء غير المنطقية أصبحت عادية نتداولها يوميا، وبصراحة أصبح العالم من حولنا أكثر تخبطا، لذلك كنت أبحث عن نص جديد أقدمه وكأن "تصبحي علي خير يا ماما" وهو نص للكاتبة الإيطالية "مارشا نورمان" يتناول قصة فتاة وأمها هذه الفتاة تقرر الانتحار وهجران العالم بسبب إصابتها بمرض الصرع لكنها قبل أن تنتحر تحاول أن توفر لوالدتها كل شيء تطلبه حتي لا تتركها وحيدة. وتقول: بصراحة جذبني النص للغاية وبدأت العمل عليه وفكرت في تعديله بشكل يكون مناسب لما أريد أن أناقشه وأطرحه من خلال ما نعانيه من واقعنا مثل التهميش بفعل الفقر وعدم التواصل فهولاء الأشخاص يقررون الانتحار بسبب ما يعانونه من مآسي في حياتهم حتي يشعر المجمتع بمدي المأساة التي سببها لهم، لكن رأيت أن العرض بهذه الرؤية سيصبح مأساويا للغاية فقررت أن أتناول هذه القضية من خلال مجرد هلاووس لسيدة وحيدة تتخيل أنها تزوجت وأنجبت أبناء قرروا الانتحار نتيجة الوحدة وعدم تواصلها مع العالم لكنها تحاول التواصل مع الأحداث اليومية لجيرانها وتتخيل أنهم أبناؤها وتقيم معهم حوارًا في خيالها عن حياتهم ومشاكلهم، لذلك لا أعتبر العرض يرسخ لفكرة الانتحار لأنني لم أتناول مسرحية "نورمان" كما هي بل حاولت صياغة فكرة المسرحية من خلال هلاوس هذه المرأة حتي يكون العرض أخف جرعة في توصيل هذه الرسالة خاصة أن المشاهد يخرج من العرض يتألم لكنه لم يخرج أبدا مفكرا في الإنتحار !! وعن ضيق قاعة مسرح روابط قالت: بالطبع إذا كان العرض بمسرح الهناجر الذي أعتبره بيتي كان سيخرج بشكل مختلف تماما لكنني أري أن قاعة روابط أكثر حميمية وهو ما أفاد العرض كثيرا كما أنني تعمدت أن يكون الديكور بسيطًا وكأن الممثلين يجلسون في الفراغ الكوني أي خارج الكرة الأرضية مثل الأشلاء المتناثرة