افتتح معرض الفنانة التشكيلية إيمان حكيم بعنوان "غنوة الحياة" بجاليري "شاديكور" بمصر الجديدة، بأتيليه الفنان عادل ثابت، وقام بافتتاحه الموسيقار هاني شنودة والمطربة إيمان يونس، عبرت الفنانة من خلال ثلاثين لوحة تصويرية زيتية عن الريف المصري وواقع البسطاء، وعن حياة الفلاحين والفلاحات، بأسلوب فني تقني تأثيري. بحثت في معرض الفنانة إيمان للوصول لمعني ومضمون وفلسفة "غنوة الحياة" التي اختارتها عنوانا لمعرضها، رغم أن أغلب اللوحات المعروضة عبرت فيها عن حياة القرويين، ومعاناة الرزق اليومي، بيع الطيور أو الفاكهة، فجاءت بطلة أعمالها المرأة الكادحة، ووجدت أنها بأدواتها الوجدانية والحسية ومقصد أخلاقي وإنساني، أخرجت من هذه المعاناة والحالة الدرامية ابتسامة قناعة هي ثقافة الرضا والتفاؤل التي تكمن بقلوب البسطاء، وهؤلاء البسطاء هم الذين يغنون للحياة مهما كان الواقع مؤلما. أكدت ذلك المعني في تعبيرات وملامح شخصياتها، كما جاءت لوحات أخري استكمالاً للحياة الخاصة للبسطاء، وهي لحظة عصاري، وعرس شعبي، والحقول، والدعاء، وأمومة، وأنا والبرتقال، كلها لوحات تتضمن فلسفة القناعة بالواقع. الموضوع الفني الاجتماعي لأعمال الفنانة إيمان يذكرنا بإحدي فترات أعمال الفنان "فان جوخ" حين عبر عن حياة الكادحين والفقراء، وحياة الريف والحقول، وإن كان جوخ قد أكد علي المعاناة والتعاسة، بشحنة انفعالية درامية عالية بالألوان القاتمة، فإن إيمان الحكيم بفلسفة أخري خلقت من المعاناة وحالة الشجن غنوة للحياة، وإن كان كلاهما يحمل اتجاها تقنيا تأثيريا، وفلسفة ورؤية وتضامنًا عاطفيا تجاة حياة الفقراء. تكوينات اللوحات واقعية، يسودها اتزان في البناء الفني، واندماج وترابط بين عناصره، وتجسيد للحالة الانفعالية لشخصياتها، تتبع الفنانة الاتجاه التأثيري في أسلوبها التقني، ولكنها في هذا المعرض قدمت حلولا فنية كثيرة، منها لوحة "غنوة الحياة" هذه اللوحة تحمل عدة نغمات، موضوعها بائعة مصرية الملامح تجلس أمامها أقفاص البرتقال، وتبتسم وتغني، رغم عدم وجود مشتري، استخدمت الفنانة الألوان الزيتية، وجاءت ضربات فرشاتها قصيرة منفصلة أحيانا ومتصلة أحيانا، تركيبات لونية متماسكة تحمل آثاراً ملمسية ناعمة وخشنة في آن واحد، لم تخلط الألوان كثيرا علي اللوحة، بل جعلتها بنقائها وإضاءتها، البرتقالي والبنفسجي هما أيضا نغمة لونية وإيقاعية، وضوء دافئ نابع من مشاعر الشخصية، وانطبع علي ملامح البائعة، أما خلفية اللوحة فهي مشهد مكاني يوجد فيه شخصيات تختفي من بين الضوء، هذا الضوء الخافت الناتج عن شروق الشمس، ودلالة ورمز علي بداية البحث علي الرزق. معالجة فنية أخري أكثر إبداعاً وأقرب إلي غنائية تشكيلية، قدمتها الفنانة بجرأة في لوحة "أنا والبرتقال" هذة اللوحة موضوعها فتاة صغيرة تحتضن طبق برتقال، وتميل برأسها بخفة ومرح، وملامحها هادئة، توحي أنها سوف تتقدم خطوة، لتقديم هذا الطبق لأحد الضيوف، أما تشكيلياً فرغم أن الأسلوب الفني الأدائي في تلوين الفتاة والفاكهة هو التأثيرية التي اتبعتها الفنانة في كل أعمالها، فإن خلفية هذه اللوحة جاءت نقلة في التقنية، ضربات الفرشاة بمساحات جريئة أقرب إلي الهندسية المرنة الحرة، ألوان صريحة نقية من البرتقالي والبنفسجي والأزرق، أما توزيع الإضاءة فهو نغمة يعلو صوتها علي كل النغمات، هو رحلة ضوئية، بدء الضوء من طبق الفاكهة التي تتمسك به الفتاة، وألقي بنفسه وألوانه عل كل عناصر التكوين والخلفية، وأصبح التكوين والخلفية نسيجا تشكيليا صعب انفصالهما.