الحدث العلمي الأضخم هذه الأيام علي مستوي العالم، هو بدء التجارب العلمية التي يجريها بعض علماء الفيزياء لمعرفة كيف نشأ الكون، بني العلماء جهازا أسموه جهاز صادم الهدرون العظيم يعتقدون أنه الطريق العلمي لمعرفة سر نشأة الكون الفسيح الذي يضم المجرات والنجوم والكواكب ومن بينها كوكب الأرض الذي نعيش عليه . يعتقد البعض أن هذا التفكير نوع من الالحاد والعياذ بالله، وأن هؤلاء العلماء ضلوا الطريق الذي دلت عليه الأديان السماوية التي أخبرتنا أن الله سبحانه وتعالي هو خالق كل شيء وأنه سبحانه يقول للشيء كن فيكون . ربما نسي هؤلاء أن الله موجود في روح الانسان وفي عقله، تدركه الفطرة السليمة دون حاجة الي ارشاد أو توجيه . جهاز صادم الهدرون العظيم نجح للمرة الأولي يوم الثلاثاء الماضي في صدم شعاعين من جزيئات بروتون، في تطور غير مسبوق بتاريخ العلم، وصفه القائمون علي المشروع بأنه "فتح جديد في عالم الفيزياء،" في سياق سعيهم للتوصل إلي إعادة سيناريو "الانفجار الكبير" الذي يعتقد البعض أنه تسبب في نشوء الكون. قال المعهد الأوروبي للدراسات النووية المشرف علي عمل الجهاز الذي تكلف بناؤه عشرة مليارات دولار، وتمتد قنوات تسريعه علي مسافة 17 ميلاً عند الحدود بين سويسرا وفرنسا، إن محاولات صدم الشعاعين كانت قد بدأت في نوفمبر الماضي، بعدما جري تسريع دوراتهما إلي 3.5 تيرا إلكترون فولت. قال ستيف مايرز، منسق شؤون الجهاز لدي المعهد الأوروبي إن استمرار تطور العمل علي النحو الذي يسير عليه حالياً قد يؤدي إلي خلق ما يعرف ب"الذرات الإلهية" التي يعتقد أنها كانت الجزيئات الأولي التي أسست الكون بعد الانفجار الكبير. وأضاف أن التطورات الأخيرة ستساعد علي فهم أفضل لنظرية "السر الأكبر،" التي تشير إلي أن كل ذرة في الكون لديها نظائر غير مرئية، موجودة في أبعاد أخري غير معروفة، تتجاوز الأبعاد التي يدركها العلماء حالياً، وهي الطول والعرض والارتفاع والزمن . طبعا الكلام عن التسريع والجزيئات والبروتون وما الي ذلك من مصطلحات الفيزياء لا يستطيع معظم الناس فهمها الا الذين درسوا علوم الفيزياء وعرفوا مدلولات تلك الكلمات، ولكن مانعرفه دون حاجة الي فيزياء أو كيمياء هو أن الله سبحانه وتعالي موجود، وهو خالق الكون الذي نعرف عنه شيئا والذي لا نعرف عنه شيئا، وكلما أمعنا التفكير ازداد يقيننا بأن الله موجود، وعليه فما يفعله العلماء هو مجرد تجربة علمية قد ينتج عنها مزيد من المعلومات المفيدة للانسان في تحسين فهمه للأمر، وقد تنتهي بتدمير الحضارة الانسانية علي الأرض . الطريف في الموضوع - بعيدا عن التعقيدات الفيزيائية - أن هذه التعقيدات دفعت البعض الي وصف التجربة بأنها الحادية يعني تنبع من تفكير يبحث عن بديل لله سبحانه وتعالي الذي خلق السماوات والأرض وما فيهما وما عليهما وخلق ما نعلم وما لا نعلم سبحانه . حينما تعطل الجهاز في نوفمبرالماضي عند الاستعداد لتشغيله بعد اكتشاف قطعة خبز سقطت من طائر الي داخل أنابيب التسريع في الجهاز، قال العلماء إن المسرّع كان في تلك اللحظة متوقفاً عن العمل، وأن سقوط القطعة خلال التشغيل كان سيدفع الجهاز تلقائياً إلي وقف العمل، لكن الأضرار الناجمة عن ذلك قد تكون كبيرة، لكن علماء آخرين قدموا تفسيرا - غير علمي - لما حدث، فقال عالما الفيزياء، باخ نيلسون، وماساو نينوميا، إن الطائر الذي سبب العطل "مرسل من المستقبل، بهدف ضرب المشروع نظراً لمخاطره الكبيرة ". ذكر كل من نيلسون، الذي يعمل بمركز "نيلز بوير" للفيزياء بالعاصمة الدنماركية كوبنهاجن، ونينوميا، المتخصص في علوم الفيزياء النظرية بمركز "يوكاوا" الياباني، أن صادم الهدرون الكبير هو أحد المشاريع العلمية التي " تهدد المستقبل"، لذلك فإنها تتعرض بشكل دائم لأعطال غامضة. يحاول العلماء من خلال الجهاز إثبات وجود جزيئات شبه ساكنة تعرف باسم "جزيئات هيغز"، يعتقد أنها تشكل الكتلة الأساسية للأشياء في الكون، ولكن سلسلة من الحوادث كانت تعرض مساعيه دائماً للعرقلة، بينها القبض علي أحد العلماء المشاركين فيه بتهمة الضلوع بنشاطات إرهابية، ومن ثم حصول انفجار مغناطيسي غامض، وصولاً إلي حادثة الطائر. يفترض علماء الفيزياء أن الانفجار الكبير الذي يقومون بتمثيله الآن حدث قبل حوالي 15 مليار سنة حين انفجر جسم ساخن كثيف بدرجة لا يمكن تخيلها في حجم عملة صغيرة وسط ما كان حينئذ مادة جوفاء طاردة سرعان ما تمددت، مما أدي إلي تشكل النجوم والكواكب وفي نهاية الأمر ظهور الحياة علي الأرض. علي أية حال لا يستطيع العقل البشري أن يتجاوز قدرته المحدودة التي وضعها الله سبحانه وتعالي فيه ليكون مخلوقا مفكرا في قدرة الله عز وجل، ومهما شطح العقل فإنه يعود الي خالقه في نهاية المطاف، فالأديان السماوية تكشف للانسان حقيقته وتزيل عن عقله وقلبه غشاوة الجهل والنسيان . لا يحول ذلك بالطبع بين الانسان وبين أن يسعي الي معرفة الأسرار التي خفيت عليه، وما كان مقدرا أن يعرفه فهو بإذن الله سبحانه وتعالي، وما كان مقدرا ألا يعرفه فلن يصل الي شيء منه ولكنه سيجد الله في نهاية أي طريق يسلكه .