طالب د. رأفت رضوان رئيس الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار بإلغاء شهادة محو الأمية بعدما تحولت إلي «مفسدة» مؤكدا بيعها بمبالغ تتخطي أسعار بعض شهادات الدكتوراه! وقال في حوار ل«روزاليوسف» إن المعوقات التي تواجه قضية الأمية كثيرة ومتشابكة ومنها عدم وجود قاعدة بيانات خاصة بالأميين وارتفاع نسبة المتسربين من التعليم حيث وصل عددهم إلي 80 ألف متسرب، وكذلك غير الملتحقين أساسا وبلغ عددهم 150 ألف طفل بالإضافة إلي بعض العادات والموروثات الاجتماعية مثل صعوبة تعليم الفتيات في بعض قري الصعيد. ناديت بمشروع «يوم لمصر» فما هي فكرته؟ تجارب دول العالم اعتمدت علي الشباب كطاقة بشرية في محو الأمية خاصة بالدول النامية التي تواجه مشكلة في تمويل مشروعات وبرامج محو الأمية مثل كوبا التي كان للشباب دور كبير في محو الأمية بها، وكذلك التجربة التايلاندية التي كانت تحت شعار «صيف محو الأمية» وتجربة ماليزيا «يوم من أجل ماليزيا» ويمكن تكرار نفس التجارب في مصر خاصة أن هناك قري وصلت نسبة الأمية بها إلي 70%، وفي الوقت نفسه يوجد عدد لا بأس به من الشباب الجامعي بتلك القري لذلك فالمشروع يقوم علي أن يتبني شباب كل محافظة قضية محو الأمية بشكل تطوعي ويتم تكوين مجلس إدارة من الشباب يقوم بتشكيل مجالس فرعية من الشباب علي مستوي القري والنجوع والمراكز. ويكون دور الهيئة هو توفير الموارد من فصول لمحو الأمية وحوافز مادية. وهل وصلت فكرة المشروع للمحافظات؟ هناك محافظات لديها مشروعات خاصة بها كالمنيا التي حققت العام ا لماضي أعلي معدل لمحو الأمية وصل ل120 ألف فرد من خلال مشروع «منيا بلا أمية» والمحافظة الوحيدة التي سعت لتبني فكرة المشروع هي الإسكندرية، حيث قابل الشباب رئيس المجلس المحلي لاتخاذ خطوات فعلية لتنفيذ المشروع وإذا تم تعميم المشروع علي مستوي جميع المحافظات سنتمكن من القضاء علي الأمية خلال 3 سنوات. وما رأيك في القانون الجديد لمحو الأمية.. وهل تخطي سلبيات القانون القديم؟ القانون القديم كان ينص علي وجود مجلس تنفيذي بكل محافظة يرأسه المحافظ وبعضوية مديري الإدارات التنفيذية مثل الصحة والتعليم والتضامن وغيرها، وللأسف كان مجلسا شكليا تسبب في «تفرقة الدم بين القبائل»، أي ضياع المسئولية بين الجهات المختلفة ولكن القانون الجديد رقم 131 لسنة 2009 ينص علي وجود وحدة مستقلة بكل محافظة يتولي المحافظون فقط رئاستها ووضع خطة قومية بمدة زمنية للقضاء علي الأمية، وتكون تلك الوحدة مسئولة عن تنفيذ خطط وبرامج محو الأمية التي تضعها الهيئة. وهل نجحت تلك الوحدات؟ رغم أنها أفضل من المجالس الشكلية إلا أنه يوجد حتي الآن 17 وحدة علي مستوي المحافظات وهناك محافظات لم تستجب وتنفذ القانون من جهة أو تواجه مشكلة التمويل من جهة أخري. لماذا تضمن القانون الجديد تغيير الفئة العمرية لمشروعات محو الأمية؟ - نظرا لضخامة عدد الأميين حيث وصل عددهم إلي 15.9 مليون أمي خلال العام الحالي بعدما كانوا 16.7 مليون أمي العام الماضي في الوقت الذي نعمل في حدود ميزانية ضئيلة تقدر ب 150 مليون جنيه سنويا. كما أن الفئة العمرية بين «15 - 35» عاما يبلغ عدد الأميين فيها 4.9 مليون مواطن. وما الذي ينقص قانون محو الأمية الجديد؟ - أتمني الغاء شهادة محو الأمية لأنها أصبحت «مفسدة» وتباع ويفوق سعرها أحيانا شهادة الدكتوراه حيث وصل ثمنها لأكثر من 2000 جنيه، ولذلك يجب وضع مزيد من الضوابط لمنع التلاعب مثل وجود قاعدة بيانات للدارسين بالرقم القومي وإدارة مستقلة للامتحانات والاستكتاب. تعددت مشروعات محو الأمية لكنها لم تحقق المطلوب منها.. فما أسباب ذلك؟ - بالفعل تم تقديم العديد من مشروعات محو الأمية تحت شعارات مختلفة بل وطرحنا للهيئة أفكارا كثيرة لإنجاح تلك المشروعات، فقمنا علي سبيل المثال باستصدار فتوي بجواز الزكاة لمشروعات محو الأمية واقترحنا أن يحصل 10% من موظفي الإدارات المحلية الذين يبلغ عددهم 3.5 مليون موظف علي اجازة تفرغ لمواجهة مشكلة الأمية، ولكن للأسف كل هذه الأفكار والاقتراحات لا تجد آليات لتنفيذها أو ارادة لتحويلها إلي واقع. وكيف تري سياسة الدولة تجاه قضية الأمية بوجه عام؟ - أثبتت كل الدراسات التنموية أن الأمية هل المعوق الأساسي للتنمية في مصر كما أنها السبب الرئيسي وراء تراجع مكانتها في التقارير الدولية ولكن للأسف التركيز في مصر حاليا علي مكافحة الفقر، وله النسبة الأكبر من الدعم والتي تصل إلي 60 مليار جنيه سنويا. توجد ثلاث أولويات هي مكافحة الفقر والجهل والمرض ويجب التركيز علي مكافحة الجهل لأن الأمي الفقير أو المريض ليس لديه خيارات أما المتعلم الفقير أو المعلم المريض لديه خيارات لتغيير واقعه، فالتعليم هو الاداة الوحيدة للتغيير فبدلا من أن تربي الشعب المصري علي إعطائه «السمك» علينا تعليمه كيف يصطاد. ما هي أبرز المشاكل والمعوقات التي تواجه قضية الأمية؟ - لا توجد قاعدة بيانات خاصة بالأميين فلا نعرف أماكنهم وكذلك الموروث الثقافي الخاص والذي يظهر في مقولة «بعد ما شاب ودوه الكتاب»، وهو ما أدي لوجود 8.5 مليون أمي فوق سن 45 عاما، وكذلك مشكلة التسرب من التعليم من أبرز معوقات محو الأمية حيث يوجد 150 ألف طفل سنويا لا يلتحقون بالتعليم وذلك طبقا لاحصاء الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء ويوجد 80 ألف متسرب سنويا وهو ما أكدته وزارة التربية والتعليم، كما أننا لا يمكنا التغاضي عن المعوقات الاقتصادية وأخري ترتبط بالعادات والتقاليد كعدم تعليم الفتيات بالصعيد والمشاكل الاجتماعية بالاسرة المصرية. لماذا تركزون علي محو أمية القراءة والكتابة ولا تلتفتون للأمية المعرفية؟ - إطلاقا فهناك برامج متعددة هدفها توظيف مهارات الأمي فهناك «البرنامج الصحي» لمحو الأمية، و«البرنامج البيئي» وبرامج خاصة بحقوق الإنسان والقروض الصغيرة وغيرها. هل هناك عجز في الكوادر العاملة بالهيئة؟ - هناك حوالي 3200 موظف بالهيئة، و70 ألف مدرس و70 ألف فصل وتتم الاستعانة بفصول وزارة التربية والتعليم، وبالفعل نعاني عجزا في أعداد المدرسين العاملين في محو الأمية ورغم أن لدينا حوالي 1.4 مليون دارس حاليا في برنامج مدته 9 شهور إلا أننا بحاجة لزيادة عدد المعلمين خاصة مع وجود 10.5 مليون سيدة أمية و5.5 مليون رجل أمي. وماذا عن دور الأحزاب؟ - الحزب الوطني فقط هو الذي يتفاعل معنا وهناك جهود حقيقية بالأخص بمحافظة الإسكندرية وذلك في ظل غياب تام لبقية الأحزاب.