شهدت جلسات المؤتمر الدولي الثاني لقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، الذي عقد بالتعاون مع لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلي للثقافة، والجمعية الفلسفية المصرية، ودار "العين" للنشر، تحت عنوان "الفلسفة وحقوق الإنسان"، بحثا للدكتورة سوزان ينجفسون، المحاضرة بكلية اللاهوت باستكهولم في السويد، بعنوان "حقوق من؟ وأية عقلانية؟ العالمية والنسبية المتعلقة بحقوق الإنسان في الفكر الغربي" دعت فيه إلي ضرورة الاهتمام بحقوق الإنسان كقيم عالمية، مشيرة إلي أن حقوق الإنسان تعطي الحق لكل أقلية أن يكون لهم دولة خاصة، كالأقباط في مصر. ورد الدكتور حسن حنفي علي تلك الفكرة قائلا: هناك أقليات في كل دول العالم بما فيها الهند وأمريكا، لذا يصبح من غير المعقول أن يكون لكل منها دولته الخاصة، حتي وإن كان هذه صحيحا، فهذا يقتضي أن يكون لتلك الأقلية تراثها ولغتها ونمط حياتها الخاص، وهذا لا ينطبق علي أقباط مصر، وللأسف نحن في دول العالم الثالث أكثر تمسكا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان من الغرب أنفسهم، نري فيه الأمل للحق والخير والحرية بينما هم يكيفونه لخدمة مصالحهم. كان حنفي قد تساءل خلال المؤتمر عن معني فلسفة حقوق الإنسان؟ قائلا: ليس هناك مفهوم مطلق لحقوق الإنسان، فكل مفهوم لها موسوم بطابع ثقافته، كما أن المفهوم ليس غربيا بالضرورة، بل هو مفهوم ينشأ مع كل ثقافة، حين يصبح الإنسان فيها مركزا للعالم، ولكن سيطرة الثقافة الغربية جعلتها مصدر للفكرة، كفكرة ومفهوم نظري غاب عن تراثنا القديم. وأكمل: لقد ظهرت حقوق الإنسان من خلال الأدب وليس من اللاهوت، رغم أن هناك علاقة بين مفهوم حقوق الإنسان وبين الإصلاح الديني، فإن السؤال يكمن في مدي فعالية الأخير في إبراز مفهوم حقوق الإنسان، إننا مازلنا نعطي الأولوية للنقل علي المصلحة، وقد ارتبط مفهوم حقوق الإنسان بالثورة والرفض لكل من الدولة والكنيسة. وأضاف: للأسف أحد عيوب ثقافتنا هو المفاهيم الفضفاضة غير المحددة، في مصر هناك 14 جمعية لحقوق الإنسان في مصر، ولكنها جميعا لا تستطيع التأصيل لمفهوم نظري تحشد حوله الناس، ومع ذلك تؤيدها المنظمات الدولية، برغم ما نراه، من انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان، كلقطة فيديو دقيقتين لأسير إسرائيلي قد تحدد حرية 200 أسير فلسطيني. واستطرد قائلا: الإنسان في الغرب يعرف حقوقه ولا يعرف واجباته، والعكس صحيح في العالم الثالث، والمواثيق تكيل بمكيالين، فإذا ما تأذي أحدهم في أوروبا وأمريكا تقوم الدنيا، وإذا مات الملايين، في روندا، ونيجيريا، وغزة، لم يحرك أحد ساكنا، وفي مقابل ذلك بدلا من أن نقوم بدورنا، تجد في بعض الثقافات لا يوجد لأحد حقوق باستثناء الله. ومن جانبه قدم الدكتور صلاح قنصوة عددا من الملاحظات التأسيسية المنهجية، حول عدد من الأفكار الواردة في المؤتمر قائلا: الفلسفة لاحقة علي الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدليل أن فكرة حقوق الإنسان فكرة حديثة، كما أن الغرب، الذي نتحدث عنه وكأنه كشك بجانبنا يحيك المؤامرات لنا، ليس واقعيا، وللأسف هناك تصور أن الغرب له رؤية فكرية وموقف واحد، وهذا ليس "الغرب" فكل الأفكار التي نناقشها وتتناقض فيما بينها، ليست جميعها تنتمي للغرب في كل الأشياء، الغرب مرحلة وليس منطقة جغرافية، تمور فيه الأفكار وتتناقل، هو صاحب الحرب العالمية والثانية، لذا علينا أن نبتعد قدر ما نستطيع عن الأساطير الفكرية التي نستعملها ببساطة وسهولة، فالفلسفة ليست ترديدا لأقوال الفلاسفة الآخرين، وردودهم علي بعضهم هذا حديث لا يفيد كثيرا، أما الملاحظة الأخيرة أن ما نتحدث عنه من حقوق الإنسان جديد، بينما تحولت الفلسفة لأساطير. أما أنيس منصور مقرر لجنة الفلسفة في المجلس الأعلي للثقافة فأشار إلي أن التحول في الفكر الإنساني بدأ مع ظهور الأنساق الشمولية كالفاشية والنازية التي قضت علي جوهر الإنسان، الذي تحول إلي رقم أو خانة.