انقسم المناقشون بندوة ورشة الزيتون، التي خصصت مساء الإثنين الماضي لمناقشة رواية "الألفين وستة: قصة الحرب الكبيرة" لنائل الطوخي، إلي فريقين، الأول هاجم استخدام الرواية لما اسموه بألفاظ الشارع، وكذلك لكسرها للتابوهات المعروفة، والآخر رأي أنه لا يجب إخضاع الرواية لأي نوع من المنطق، وأنها تسخر من جميع الثوابت والمقولات كمقولة "زمن الرواية" أو مقولة "الرواية ضد الشعر". مثّل الفريق الثاني الكاتب حسن بدار الذي اعترض علي استخدام الأعمال الأدبية لألفاظ الشارع الخارجة، وكذلك الكاتب محمد رفيع الذي اعترض علي فكرة كسر التابوهات بشكل مجاني، كما أشارت الروائية هويدا صالح إلي أنها ليست ضد اللغة الفجة لكنها عادت واشترطت أن تكون تلك اللغة موظفة في العمل، وهي الاعتراضات التي رد عليها نائل الطوخي قائلا: لماذا كان الاعتراض علي لغة البذاءة فقط، لماذا لم يعترض أحد علي استخدام لغة النصوص الدينية في غير سياق مناسب في الرواية؟ لقد كان ما يشغلني هو كيفية تحرير يدي عند الكتابة وليس وضع الحدود لها، وهو ما دفعني لأن أخلط في الرواية العامية بالفصحي، واللغة البزيئة بالراقية بلغة النصوص الدينية، وفي النهاية ليس عيبا أن نكتب الكلام الذي نقوله في الشارع. من ناحية أخري وقع الشاعر شعبان يوسف في نفس الانقسام ففي بداية كلامه قال: أي محاولة لإخضاع الرواية للمنطق سيفسدها، لأنها تحكي عن عالم لا منطقي مواز للعالم الواقعي اللامنطقي أيضا الذي نعيش فيه، ولأنها تسخر من المثقفين ومقولات النقاد، فهي ليست مرشحة للصدور عن المؤسسات الرسمية، وقد حاولت أن أجد شبيها لها ضمن الأعمال الروائية لكني لم أجد، رغم أنها تشبه في جرأتها رواية تلك الرائحة لصنع الله إبراهيم، ثم عاد شعبان ليقول: هناك مجانية في استخدام بعض المفردات، وكأن الكاتب يتحقق له الاستمتاع عند كتابة مثل تلك المفردات. بينما أكدت هويدا صالح أن الرواية ليست الأولي التي تسخر من صورة المثقف وتتتبع تغير المثقف صاحب القضايا الكبري، وسجلت تحفظها علي شخصية "مجدي السيناوي" في الرواية قائلة: لقد أتت شخصية عنيفة تتاجر في السلاح وغيره، وكأن الكاتب يريد التكريس للصورة النمطية التي يأخذها الناس العاديون علي أهل سيناء، وأشار الناقد عمر شهريار لسخرية الرواية من فكرة خلق الثنائيات الضدية كثنائية الرواية الشعر، وقال: هذه ثنائيات نحن نخترعها في الواقع ونناضل من أجلها ونحاول أن نضفي عليها طابع القداسة، وقد هاجمها نائل في الرواية حينما سعي للمزج بين الفصحي والعامية، والوعي الكتابي بالوعي الشفاهي، والتداخل بين شخصية الراوي والسارد، كما حاول كسر الفاصل بين الأدب المؤسسي الذي تنتجه النخبة وبين الأدب الجماهيري، تماما مثلما يريد أحد أن يكسر الفاصل بين فيروز وشعبان عبد الرحيم. وتساءلت القاصة هدي توفيق: هل حقا استطاع الكاتب أن يخلص روايته من شعريتها؟، وقال الروائي محمود الورداني: أحببت تلك الرواية علي عكس روايتي نائل السابقتين، وهو فيها يقدم عالماً مفارقاً وعنيفاً ومنحطاً بقدر انحطاط العالم الذي نعيش فيه حقيقة، وهو معركة الحرب بين الرواية والقصيدة التافهة، ولذلك لا يمكن تطبيق المقولات النقدية سابقة التجهيز عليها.