عاد جمهور السويس بذاكرته إلي لحظة النصر والتحرر من الاحتلال، فصفق بقوة وحماس، لأكثر من مرة، حينما عرض فيلم وثائقي عن الفنان الأسواني محمد حمام، الذي ربما لا يكون معروفا للأجيال الحالية، في الاحتفال الذي أقامته له الهيئة العامة لقصور الثقافة مساء الأربعاء الماضي، بمناسبة الذكري السنوية الثالثة لرحيله، وقد أطلت عليهم من خلال الفيلم وجوه أبطالهم الشهداء، وازداد تصفيقهم قوة مع نغمات وكلمات أغنية حمام الشهيرة "يا بيوت السويس، يا بيوت مدينتي، أستشهد تحتك وتعيشي إنتي". ومن علي خشبة مسرح قصر ثقافة السويس، المكان الذي غني عليه حمام، عبر محافظ السويس اللواء محمد سيف الدين جلال عن اندهاشه من القيام بالاحتفال بالفنانين والأبطال بعد موتهم، وطلب من مجاهد الاحتفال بالكابتن غزالي في إطار مهرجان البحر الأحمر الذي يوافق 30 مارس، وعندما أبدي "الكابتن غزالي" اندهاشه وقال "أنا لسه عايش" ضحك الحضور وضحك المحافظ، وأعلن عن قرار إطلاق اسم "محمد حمام" علي أحد الشوارع الرئيسية في المحافظة، وهو المطلب الذي كان مصطفي شقيق محمد حمام قد طالب به. ولد محمد حمام بأسوان عام 1932، واسمه الحقيقي هو محمد سيد محمد إبراهيم، وكان "حمام" اسم "الدلع"، عمل مهندسا معماريا وفي سجن الواحات تعرف علي الناقد الدكتور لويس عوض والفنان التشكيلي حسن فؤاد أثناء اعتقالات 1959، حينها كان يغني "حمام" علي المسرح الذي أقامه المعتقلون بالسجن، فشجعه عوض وفؤاد، وبعدما أفرج عنه عام 1965، أعجب به كمال الطويل وقدمه في أحد البرامج التليفزيونية، وحينما حدثت نكسة 1967، انضم لفرقة كابتن غزالي الغنائية واسمها "أولاد الأرض" ليغنوا علي الجبهة وغني حمام "يا بيوت السويس" من كلمات عبد الرحمن الأبنودي، كما غني تتر مسلسل "الأم" الإذاعي ومسلسل "الرحلة". قال خيري شلبي عن سبب المشاكل التي قابلها حمام في مشواره الفني: كاد حمام يقترب من نجومية عبد الحليم حافظ، لكن شيئا ما في شخصيته حرق نجوميته، والسبب التشتت بين الاشتغال بالفن والسياسة، "، كالاشتراك في تأسيس حزب "التجمع" ومن قبله حزب "الراية" الشيوعي. وقال عنه عبد الرحمن الأبنودي صاحب أشهر أغنياته: " رحلة حمام فصول متوالية من سوء الحظ، لأنه دائما يتأرجح بين انتماءين، في البداية ما بين تخرجه في كلية الفنون الجميلة وعمله بالهندسة، ثم التأرجح بين فنه وممارسته للسياسة التي لم يصبها في مضامين أغانيه فقط، ولكنه شارك بهذه الأغاني في المناسبات الثورية والحزبية وغيرها". وفي كلمة أحمد مجاهد التي ألقاها في الإحتفالية ما يؤكد علي حظ الرجل العثر، حكي مجاهد عن حمام القاهري المولد والأسواني الأصل والسويسي الهوي، وسرد واقعة جمعته مع الفنان أحمد منيب الذي أكد له أن أغاني محمد منير الأولي كانت، مقسومة لحمام لكن الحظ لم يساعده، واختلف مجاهد عن خيري شلبي والأبنودي حينما أشاد بقدرة حمام علي الجمع بين الإيديولوجيا والفن.