بالأسماء.. ننشر نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 بمحافظة الوادي الجديد    رئيس جامعة قناة السويس يُكرم مدير عام المعامل بكلية العلوم لبلوغه سن المعاش    محافظ البنك المركزي يترأس الوفد المصري باجتماعات "التنمية الإفريقي" في كينيا    «الإحصاء»: 23.2% انخفاضاً بقيمة العجز في الميزان التجاري خلال مارس    ارتفاع كمية الأقماح الموردة لشون وصوامع الشرقية ل600 ألف طن    الرئاسة المصرية: السيسي ونظيره الصيني يعقدان مباحثات شاملة في بكين    برلماني: مشاركة الرئيس في قمة بكين تساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين    «المؤتمر»: اعتراف عدد من الدول الأوروبية بدولة فلسطين خطوة تاريخية    كوريا الشمالية ترسل بالونات محملة ب«نفايات» إلى جارتها الجنوبية    حسين الشحات يوجه رسالة ل شيكابالا بعد إعلانه التدخل لحل أزمة الشيبي    الطلائع يستضيف بورفؤاد في كأس مصر    كريم فؤاد: موسيماني جعلني أمر بفترة سيئ    بسبب خلافات مالية.. مقتل شاب على يد طليق أمه في مشاجرة بالإسماعلية    بنسبة نجاح 95.5 ٪.. محافظ الوادي الجديد يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية    السيطرة على حريق بشاحنة مواد بترولية في السويس    القائمة الكاملة لحفلات النجوم في عيد الأضحى وأماكنها    كل ما تريد معرفته عن حفلات شيرين عبد الوهاب خلال الفترة المقبلة    نقيب الموسيقيين يهنئ رضا بدير بحصوله على جائزة الدولة التقديرية    «حياة كريمة» تطلق قوافل طبية مجانية اليوم في محافظتين.. اعرف الأماكن    للحاصلين على الابتدائية والإعدادية.. موعد سحب ملفات المدارس العسكرية الرياضية    رئيس جهاز 6 أكتوبر يتابع سير العمل بمحطة مياه الشرب وتوسعاتها    مصر للطيران تسير اليوم أولى رحلات الجسر الجوى لنقل حجاج بيت الله الحرام    مصر تثمن دور عمليات حفظ السلام لتعزيز وصون السلم والأمن الدوليين    مصرع مسنة صدمتها سيارة أثناء عبورها الطريق فى البلينا بسوهاج    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية بالفيوم    الحبس سنة لطبيب بالإسكندرية وغلق عيادته ونزع اللافتات بسبب الإهمال الطبى    وزيرة البيئة: خفض أحمال التلوث بنسبة 25% والوصول إلى المستهدف لعام 2025    وزيرة الهجرة تستقبل أحد أبناء الجالية المصرية في كندا    رئيس جامعة حلوان يتفقد كلية التربية الرياضية بالهرم    دوري المحترفين، القناة يجدد الثقة في أحمد العجوز للموسم الجديد    «السبكي» يستقبل رئيس «صحة النواب» في زيارة تفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي    جامعة القاهرة: قرار بتعيين وكيل جديد لطب القاهرة والتأكيد على ضرورة زيادة القوافل الطبية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 29 مايو 2024: تحذير ل«الأسد» ومكاسب ل«الجدي»    بعد ترميمه.. "الأعلى للآثار" يفتتح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    الأول من نوعه.. وزير النقل يشهد توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مشروع لتخريد السفن بميناء دمياط    بعد مجزرة المخيم.. بايدن: عملية إسرائيل في رفح الفلسطينية لم تتخط الخطوط الحمراء    توضيح حكومي بشأن تحويل الدعم السلعي إلى نقدي    وزارة الصحة تكشف المضاعفات الخطرة للولادات القيصرية غير المبررة.. انفوجراف    الرئيس الإسرائيلي خلال زيارة إلى المناطق الشمالية: الحرب ستنتهي وسيعود سكان الشمال إلى منازلهم    متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    بلاتر: كل دول العالم كانت سعيدة بتواجدي في رئاسة فيفا    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    المدير التنفيذي للأهلي: الخطيب لم ينفذ البرنامج الطبي الخاصة به بسبب نهائي إفريقيا    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في جلسة لعبت الذكريات دور البطولة إبراهيم أصلان: أشبه بيكاسو في اقتناص اللحظة
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 04 - 03 - 2010

قطع الروائي والقاص إبراهيم أصلان أو "عم إبراهيم" كما يناديه البعض، استرساله في الحكي ليوجه ملحوظة أساسية تتعلق برغبته في حذف أي شيء يمكن أن يفسر علي أنه زهو بنفسه قبل النشر في الجريدة، وبعدها عاود إلي حكيه عن نفسه وزوجته وجيله الأدبي وأوضاعنا العامة وأعماله ومنها مجموعته القصصية الأخيرة "حجرتان وصالة".
تساؤلات الحضور وتعقيبات الشاعر شعبان يوسف أرجعت أصلان، في اللقاء الذي عقد بمنزل الروائي عمرو كمال حمودة، سنوات كثيرة إلي الوراء، إلي بداياته مع الكتابة وحبه للقصة القصيرة، فقال: "أعمالي الروائية كتبتها بمزاج كاتب قصة قصيرة ك"وردية ليل" و"مالك الحزين" و"عصافير النيل"، فأنا أعتمد علي الذاكرة البصرية، وهناك مشاهد لا أنساها أبدا، وفي رواية "عصافير النيل" هناك مشاهد تمتد طويلا في الزمن، وكان علي أن أكتبها بالحس الآني، أي في اللحظة التي تحدث فيها، وهو ما يتطلب كلمات مغسولة ومتخلصة من دلالاتها السابقة، وهذا فعل نقيض لفعل القراءة نفسه، خاصة مع رغبتي في أن يشم القارئ ويسمع ويحس ويعيش فيما أحكي وكأنه في حالة حياتية.
اللغة المكثفة
تسأله فتاة: عن مدي تأثير عمله في التلغرافات بالمواصلات السلكية واللاسلكية علي لغته الأدبية المكثفة، فيجيب: لا يوجد حاجة تؤثر عليك إلا إذا وجدت استجابة داخلك إليها، ولولا أنني لا أحب كثرة الكلام، ربما لم أكن قد تأثرت، لكن لحسن حظي أنني عملت بمكان الكلمة فيه بفلوس، لقد قضيت 15عاما في وردية الليل تلك وكانت هوايتي أن أقرأ التلغرافات والبرقيات التي يتبادلها الناس فيما بينهم مستبعدا برقيات البنوك والبرقيات الرسمية، وكنت منشغلا بملء الفجوات بين كلمات التلغراف الواحد قبل أن أكتشف أنها ليست فجوات ولكنها استكمال لخبرة سابقة بين شخصين، وأصبحت بعد ذلك منشغلا بمتابعة نوافذ المباني المضيئة السهرانة معنا في العمارات القريبة أو البعيدة، بل أصبحت أعرف من النوافذ من سافر لقضاء أسبوعين في المصيف ومن عزل".
التفكير بالجسد
ويذكّره الشاعر شعبان يوسف بأنه أشار إلي تلك النوافذ في روايته "وردية ليل"، فيضحك أصلان قبل أن يقول: "أنا مبقتش عارف دلوقت إيه اللي كتبته وإيه اللي مكتبتوش"، وبعد برهة صمت يعود ليقول:" أنا لست مفكرا، أنا من الناس التي تفكر بجسمها، وأنا لدي يقين بأن المعيار الأساسي في أي عمل فني هو قدرة الكاتب علي التعامل مع المادة المتاحة في الواقع، فالواقع مليء بأشياء جمالية وفنية غالبا لا نلتفت إليها والمتعة أن تخلق شيئا مما يهمله الناس، وكل عذابات مشواري مرتبطة برغبتي في الاستعانة بالأدوات الفنية التي تمكنني من عمل ذلك، لذلك عندما نزلوا إلي شارع فضل الله عثمان لمعاينته قبل تصوير فيلم عصافير النيل، اندهشوا بشدة لأنه مختلف تماما عن ذلك الذي كتبت عنه في الرواية، والسبب لأنني أكتب عن الحالة التي عليها الأشياء أي أراها من زاوية مختلفة".
مجموعة "حجرتين وصالة"
فتحت نادية رفعت زوجة الأديب عمرو كمال حمودة، الحديث عن مجموعة أصلان الجديدة" حجرتان وصالة" الصادرة عن دار "الشروق" التي صنفها علي أنها متتالية منزلية، وقبل أن تنتهي من سؤالها بادرها أصلان بالحديث عن المجموعة قائلا: "هي تجربة فنية كاملة، رغم أنني لا أعرف كيف كتبتها، وهذه هي المرة الأولي التي أقول فيها ذلك عن كتاب لي، لكني الآن أراها مراوحة بين الرواية والنص الروائي والمتتالية والنص".
وبعد أن أكد الشاعر شعبان يوسف أن المجموعة تتميز بالروح الفلسفية، عاود أصلان الحديث موضحا أنه بعد نشرها مسلسلة في جريدة "الأهرام" قام بالاشتغال عليها مرة أخري لما تتمتع به الجريدة من طابع محافظ فخلق بينها نوعًا من الترابط والتوالي، وقال: "أنا لم أكتبها بقصد".
التواصل الإنساني
وتسأله نادية رفعت مرة أخري عن سبب تركيزه الدائم في أعماله علي فكرة التواصل الإنساني، خاصة في مجموعته الجديدة التي تعكس تفاصيل، فيضحك أصلان ضحكة المفاجأ قائلا: "والله ممكن يكون كلامك صحيح، بس مكنتش عارف إن التركيز علي التواصل ده متفشي كده إلي هذا الحد، ويمكن السبب لأني عندي إحساس مضمر إن فيه مشكلة في عملية التواصل بين الناس وبعضها، فآليات التواصل ليست كفئا، وهناك سعي في المجموعة للتواصل بين الزوج والزوجة لأن لكل واحد عالمه الخاص به وهذا أخطر شيء. وعلق شعبان يوسف: "الزوج والزوجة في المجموعة كيانان مختلفان تماما، رغم أنهما عاشا مع بعض 40 سنة، ورغم ذلك هناك حالة صمت بينهما والحوار لا يدور بالكلمات ولكن بالأفكار"، ويعلق أصلان:"أي اثنين أو أكثر بينهم حياة مشتركة ونسيج عمل رابط بينهما، ويليق بنا إذن تأمل هذا النسيج".
سأله عمرو كمال حمودة: وهل أن يعيش الناس مع بعضهم ويكون لكل واحد عالمه الخاص نوع من العبث؟، فأجابه أصلان: "الإحساس بالعبث ملمح إنساني عميق جدا، بعضنا قد يعيشه وقد لا يعيشه، لكن ما عمقه بداخلي هو أنني استجبت بشدة لأدبيات الفكر الوجودي في الستينيات وكنت أحد المشغولين به، رغم يساريتي بالنسبة للقضايا الاجتماعية، وفي الوقت نفسه لا أري أنه ينتقص من الإنسان أن يكون وحده، أي أن يكون غير قابل للذوبان في إنسان آخر أو شيء آخر، ومع تجربتي المحدودة وبمعرفتي بأنماط لا أول لها ولا آخر من الناس علمت أن ما يدور بداخل الإنسان من رابع المستحيلات أن يعرفه أحد بما فيه الإنسان نفسه.
وعبر قصص المجموعة "حجرتان وصالة" يقارن أصلان بين المرأة قديما وحاليا ويحكي: "المرأة زمان كانت تستمد قيمتها ونجاحاتها من قيمة ونجاحات من تتولي رعياتهم، ولم يكن هناك فاصل بين الاثنين، أما الآن فأصبح للمرأة طموحاتها ومشاكلها ومشروعاتها، ومناصبها التي لا تعلم عنها جداتنا ولا أمهاتنا شيئا، في ظل واقع غير مهيأ لتلبية هذه الطموحات، وقد أصاب دفء القلوب شيء من البرودة، ولذلك كانت عدة الأم القديمة هي خبرتها بالدنيا وقدرتها علي التدبير، أذكر أنني كنت أرجع يوميا من التسكع في حواري إمبابة وأجد أمي محضّرة الصينية وعليها الأكل، وفي يوم أكلت ونمت فهيئ لها أنها نسيت تضع لي حصتي من اللحم، فظلت مستيقظة لا تريد أن توقظني من النوم، إلي أن صحوت العصر وسألتني هل كانت الصيينية عليها حصتي من اللحم، وبعدما أجبتها بالإيجاب نامت، أمي تلك ربت 12 ولدا وبنتا كنت أنا أكبرهم، ومات لها خمسة أطفال، لكنها كانت بمثابة أركان الحرب أو وزير الدفاع الذي يعيش النضالات باعتبارها قدرًا عاديا، وإلي الآن وأنا في هذه السن حينما توقظني زوجتي من النوم أصحو قائلا: أيوه يامّه".
معني القضايا الكبري
وتتعجب إحدي الفتيات الحاضرات: "يقولون إن القصة القصيرة فن صعب، لكن عندما أقرأ قصصك أشعر بسلاسة"، فيجيبها أصلان من فوره: "اجتهدت 40 سنة في تطوير أدواتي وعلاقتي باللغة، حتي وصلت إلي هذه المرحلة، ورغم ذلك ما أكتبه يعاد النظر فيه عشرات المرات قبل أن ينشر، والحقيقة أن القصة القصيرة فن صعب جدا، وقد اكتشفت العلاقة الكبيرة بينها وبين الفن التشكيلي، فالفنان التشكيلي عليه أن يختار لحظة واحدة مناسبة تختزل الماضي وتعبر عن المستقبل وبيكاسو يصور تلك اللحظة بواقعية رجل يقبض علي ديك ويذبحه، ويظل الديك يرفرف في دمه، بيكاسو قال إن اللحظة المناسبة هي تلك التي يضع فيها الرجل السكين علي رقبة الديك، وقد تبدو قصصي الموجودة بالمجموعة منقطعة الصلة بالقضايا الكبري، تلك القضايا التي تشغلنا التي تتحول إلي كبيرة بسبب تأثيرها علي حياتنا، ودور الأدب والفن هو السعي داخل المياه الجوفية للإمساك بطبيعة العلاقات التي تؤثر علي البشر، القضايا الكبري أراها في الكتب النظرية لكنها لا تستحق أن أكتب لها رواية أو قصة، لأنني أري أن تعامل رجل مع ولده أو امرأته ليس منقطع الصلة مع القضايا الكبري، ويحضرني هنا مثال للكاتب الألماني الشهير بوتشر، الذي أحب أن يكتب عن مشكلة نقص الخبز والكساد أيام الحرب في ألمانيا، فلم يكتب سوي قصة بعيدة تماما عن تلك المعاني المباشرة، أما كتابنا فيحولون واقعة مثل هذه إلي مناحة وخطبة عصماء، ومهمة الأدب والفن ألا يفكر أو يتخيل بدلا من القارئ، بل يجد الحالة النفسية التي تدفع القارئ للتخيل والتفكير بنفسه، وللأسف وسائل إعلامنا وأدباؤنا لا يفعلون ذلك وهذه نكبة عظيمة".
حال الثقافة الآن
أخيرا تسأله الفتاة: لماذا تراجعت الثقافة بين الشباب عن فترة الستينيات وبماذا تنصحهم؟" ويجيبها أصلان: "أنا مش بأعرف أنصح، لكني تعلمت أن أجتهد وأجدّ في عملي مؤمنا بأنني كلما تعبت عليه خرجت النتائج بشكل أفضل، والحقيقة أن الثقافة في الستينيات كانت أعمق ولم يكن مشغولا بها سوي الذين يهتمون بها بالفعل، لكن الثقافة الآن أصبحت أوسع لكن أخف، أذكر أنني كنت أقرأ حوالي 12 ساعة في اليوم، وكانت وظيفتي هي القراءة واكتشاف الكتب القديمة علي السور، ومازلت إلي الآن أذكر بالخير الناس التي وجهتني إلي كتاب حلو.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.