أجمل ما يحمله يناير كل عام هو معرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي ما زلنا نتصدر به الشرق الأوسط كله.. ويقولون إنه لا يزال المعرض الثاني في الترتيب العالمي لمعارض الكتب.. وهذا العام يعيد إلي الأذهان بعضا من تاريخ معرض الكتاب في السبعينيات والثمانينيات لأن ضيف شرف المعرض هذا العام هو روسيا.. كنا نذهب إلي معرض الكتاب في الثمانينيات لنجد أعظم كتب أطفال في الجناح الروسي الذي كان وقتئذ جناح الاتحاد السوفيتي.. وكانت كتبه عظيمة القيمة رخيصة الثمن ذات أوراق داكنة اللون ولا تحمل صورها أكثر من ثلاثة ألوان.. هي كتب رخيصة الثمن وغير مكلفة في طباعتها.. ينطق شكلها أنها آتية من بلد اشتراكي يسعي لغزارة الانتاج دون اهتمام بالمظهر الخارجي.. وكنا نستطيع شراء عشرات من تلك الكتب بتكلفة معقولة.. وكما كنا نلح علي والدينا بالذهاب لمعرض الكتاب كل عام، صار علينا أن نسمح لأبنائنا بالذهاب بهم لزيارة المعرض أيضا.. وأصبح لزاما علينا أن نخضع لاختياراتهم للكتب - أو بعضها كما يتيسر الحال - ونشتري لهم ما يحبون قراءته.. ولكن الفرق كبير جدا جدا.. ولا توجد كتب اشتراكية كما كان في زمننا.. كل الكتب للأطفال والكبار صارت رأسمالية جميلة الشكل والمحتوي أيضا ولكنها باهظة الثمن.. فهل نأمل أن يشهد هذا العام كتبا روسية غير غالية الثمن؟ أم أن انهيار الاتحاد السوفيتي وقدوم روسيا كضيف شرف عالمي سيغير من أسعار الكتب ويحولها إلي كتب عولمية رأسمالية؟ عموما سيأتي وفد عالي المستوي من أدباء وشعراء ورسامي جرافيك وسياسيين وغيرهم من روسيا لحضور افتتاح المعرض والمشاركة في كثير من فعالياته.. وسيكون هناك اهتمام بالأطفال وكتبهم إذ سيتم عرض كتب أطفال روسية مترجمة إلي العربية، ومسابقات خاصة بهم، وعروض فلكلورية روسية، ومرسم حر للأطفال في المعرض.. وبالإضافة إلي ذلك سيكون هناك جناح خاص بأعمال الكاتب الروسي الشهير تشيكوف والتي تمت ترجمتها إلي العربية.. هذا ومن المنتظر أن تعرض روسيا كثيرا من الصور القديمة ومنها صور نادرة للسد العالي في إطار احتفاليات المعرض بالصداقة المصرية الروسية القديمة.. الأهم من كل ما سبق هو أن روسيا متمثلة في سفارتها في مصر وبالأخص مستشارها الثقافي قد أقامت استعدادات في إطار فعاليات المعرض بمجموعة من الموائد المستديرة بين الأدباء الروس ونظرائهم من مصر.. وسوف تتناول موضوعات الندوات قضايا عن تبادل الأدب الروسي والتبادل الثقافي بين روسيا ومصر. كما سيتضمن البرنامج الثقافي مواضيع مثل الاستشراق الروسي وقضايا الترجمة.. وهي موضوعات هامة ينبغي أن ننظر لها من منظور ثقافي مجرد تماما من أي نزعات سياسية لأننا في مصر نحتاج إلي إعادة اكتشاف الأدب الروسي من جديد.. وهو أدب له قيمة عالمية وتاريخية وتمت ترجمة الكثير منه إلي الانجليزية والفرنسية وغيرهما.. وبالرغم من أنه قد ترجم إلي العربية أيضا، نحن لا نقرأه ولا نعطي له الاهتمام الكافي.. جميل أن يأتي معرض القاهرة للكتاب ال42 وجميل أن يكون ضيف الشرف بلد له تاريخ طويل في الأدب والفن والثقافة..