" الحظ لما يواتي يخلي الأعمي ساعاتي " .." قيراط حظ ولا فدان شطارة " .. " الحظ دخل من بابهم وبدل فولهم بكبابهم " .. وغير ذلك من الأمثال الشعبية تنطبق علي المعلم حسن شحاتة المدير الفني لمنتخب مصر الذي أثبت بما لايدع مجالا للشك أنه شيخ طريقة وراجل بركة .. مكشوف عنه الحجاب.. طريقه سالك .. مبخت ومحظوظ إلي أقصي الدرجات . الشواهد علي ذلك عديدة.. فالأسباب والمعطيات والواقع تؤكد أن إعداد المنتخب المصري قبل بطولتي كأس الأمم الأفريقية 2006 و 2008 لم يكن بالاعداد الذي يصنع أبطالا كما أنه لا يوجد تخطيط مدروس وعلمي للمنتخب الوطني لكي يفوز ببطولة 2006 ويحافظ علي لقبه في 2008 كما أن الأسباب والمنطق لم يقنعا أن نفوز علي المنتخب النيجيري بثلاثية في أول مباراة في بطولة أنجولا 2010 علي الرغم من غياب القوة الضاربة للفراعنة المتمثلة في أبوتريكة وعمرزكي ومحمد بركات ومحمد شوقي فضلا عن المستو ي الهزيل والحالة النفسية السيئة التي عاني منها منتخبنا بعد الخروج من تصفيات المونديال علي يد الجزائر . لعل سيرة شحاتة تذكرنا بأحداث الفيلم الكوميدي الشهير " بوشكاش" والذي قام ببطولته نجم الكوميديا محمد سعد .. واختصاراً فإن الفيلم يحكي عن وكيل لاعبين وحارس مرمي سابق مصري تسبب في هزيمة فريقه - عندما كان لاعباً - أمام فريق أفريقي فما كان من الفريق الأفريقي إلا أنه دعا" بوشكاش " إلي احتفال في بلد الفريق الأفريقي للاحتفال بالحارس الذي تسبب في خسارة فريقه وتم إهداؤه خلال هذا الحفل سلسلة أفريقية من ساحرة القبيلة وأكدت الساحرة لبوشكاش أن هذه السلسلة ستجلب له الحظ طوال أرتدائه لها . وبالفعل جلبت السلسلة الحظ لبوشكاش وأصبح في رواية الفيلم الهزلي أعظم وكيل أعمال لاعبين بالاضافة إلي وجود الحظ بجواره دائماً في جميع مواقف الفيلم ، السؤال الذي يطرح نفسه .. هل هناك علاقة بين السلسلة الفضية التي يرتديها شحاتة بالسلسلة التي ارتداها محمد سعد " بوشكاش " وإذا جاءت الاجابة بنعم فنرجو الحفاظ علي السلسلة جيداً حتي لاتضيع ونفشل في تحقيق انجاز تاريخي بالحصول علي كأس الأمم الأفريقة للمرة الثالثة علي التوالي والسابعة علي مدار التاريخ . المفارقة التي تستحق الرصد أن حسن شحاتة حين ينجح في أداء عمله يكون نجاحه باهراً ومميزاً يتغني به الجميع وحين يخفق في أداء عمله ، تظهر علي الساحة أحداث ومشاكل تلهي الناس والرأي العام عن فشل المعلم . فمع كل إخفاق يتعرض له منتخبنا القومي دائماً ما يصاحبه مشكلة أو أزمة من خارج المستطيل الأخضر تشغل الرأي العام وتجذب إليها الأنظار وتسلط عليها الأضواء ، في حين يتواري إخفاق المنتخب بعيداً عن الأعين ومن ثم تدريجيا ينسي الجمهور الإخفاق ، و تغطي تلك المشاكل الفرعية علي أخطاء الجهاز الفني للمنتخب وتلهي الجمهور في مواضيع فرعية ، وهناك العديد من الأمثلة التي تؤكد صحة كلامنا .. فبعد مباراة زامبيا في بداية تصفيات المونديال تجاهل الجميع الأخطاء الفنية الجسيمة التي إرتكبها الجهاز الفني في المباراة، والتي لعب فيها محمد بركات كجناح أيسر للمرة الأولي ، وجلوس أبو تريكة وميدو علي مقاعد البدلاء ، لم يهتم الرأي العام بالعرض المتواضع أمام زامبيا وخسارة نقطتين بقدر اهتمامه بمشكلة ميدو وتصرفاته عندما علم أنه خارج التشكيل الأساسي للمباراة والتي تردد وقتها أن ميدو قام بركل الباب بقدمه ومزق قائمة اللاعبين ، وقال لعمرو زكي " أنت بتقعد لي احتياطي في ويجان وأنا أقعد لك احتياطي هنا ؟ " وقال لمتعب " طبعاً ما هو أبوك ولازم يلعبك " قاصداً حسن شحاتة !! وكان كل ما يهم المصريين وقتها الإجابة عن السؤال المهم هل قام ميدو بركل الباب برجله اليمني أم اليسري ؟ !!! نفس الأمر تكرر بعد الهزيمة من الجزائر فانشغل الجميع بحادثة التسمم ، وأيضاً بحقيقة المشادة التي وقعت بين عمرو زكي من جانب وكل من محمد أبو تريكة ومحمد زيدان من جانب آخر، ولم يحاسب أحد المدير الفني للمنتخب علي عدم الاستعداد بجدية للجزائر ولا علي معسكر عمان الذي أجهد اللاعبين بدون أي فائدة فنية ولا علي إشراكه للاعب لم يلعب أي مباراة دولية من قبل وهو " أوكا " . حسن شحاتة مدين بالشكر للإعلامي عمرو أديب الذي تطوع ليكون كبش فداء الخروج المهين من كأس القارات بدلاً من المعلم حسن شحاتة بعد فضيحة مباراة أمريكا والهزيمة المذلة أداءً ونتيجة ، والتي لم يتحدث عنها أحد حتي الآن ، لأن الجميع كان مشغولاً بقضية فتيات الليل وسرقة المنتخب والتي غطت علي الهزيمة الثقيلة وتذيل المنتخب لمجموعته في كأس القارات . ولعل أسعد الناس بأحداث الخرطوم كان حسن شحاتة فلم يجد من يحاسبه علي ضياع الحلم الكبير والخروج من تصفيات كأس العالم رغم وقوعه في أسهل المجموعات فالجميع كان مشغولاً بما حدث بعد المباراة أما ما حدث في المباراة نفسها فلا يهم ، وتجاهل الجميع أخطاء المدير الفني القاتلة في المباراة وأهمها الدفع بثلاثة لاعبين مصابين في المباراة ، فأحداث الخرطوم جاءت برداً و،سلاماً علي المدير الفني لينسي الجميع فشل مصر في الصعود إلي كأس العالم . السيرة الذاتية الحقيقية لحسن شحاتة تبدأ منذ عام 2002 عندما تولي الادارة الفنية لمنتخب مصر للشباب مواليد 1983 وكان شحاتة قبل هذا التاريخ مدرباً لأندية في الدرجة الثانية وكانت كل إنجازات شحاتة في هذا الوقت تتلخص في مساهمته في صعود فرق الدرجة الثانية إلي الدوري الممتاز . حسن شحاتة كان محظوظاً في تدريب منتخب الشباب مواليد 1983 الذي يعتبر واحداً من أفضل الأجيال المصرية التي دعمت المنتخب المصري الأول ومن أسماء هذا الجيل شريف إكرامي المحترف في فينورد الهولندي وأمير عزمي مجاهد والخماسي الدولي أحمد حسام ميدو، عماد متعب ، عمرو زكي ، حسني عبد ربه ، أحمد فتحي بالاضافة إلي الراحل محمد عبد الوهاب والمحترف في سوشو الفرنسي - وقتها- أحمد سمير فرج . وبالفعل استطاع هذا الجيل الموهوب الفوز بكأس أفريقيا للشباب في بوركينا فاسو علي حساب كوت ديفوار بعد أن انتهت المباراة بفوز مصر 4 / 3 بعض وقت إضافي بفضل المهاجم الصاعد عماد متعب وتأهلت مصر إلي كأس العالم الذي اقيم في الامارات من نفس العام . في بطولة كأس العالم للشباب في الامارات قدمت مصر عروضاً متواضعة بالمقارنة مع منتخب شوقي غريب في كأس العالم 2001 بالأرجنتين وحل المنتخب ثالثاً في مجموعته ورغم أن مصر حلت ثالثة إلا أن شحاتة المحظوظ استفاد من تطبيق نظام صعود أحسن أربع فرق في المركز الثالث ولكن حظوظ شحاتة اصطدمت هذه المرة بحامل اللقب المنتخب الأرجنتيني وخرجت مصر من البطولة بعد الهزيمة من الأرجنتين 1 / 2 بهدفي لاعب بوردو الفرنسي كافيناجي . عاد شحاتة بعد كأس العالم إلي قيادة الفرق في دوري الدرجة الثانية وقاد شحاتة فريق المقاولون خلفاً لمحمد رضوان ثم استطاع قيادة الفريق إلي نهائي كأس مصر موسم 2003-2004( والذي اقيم بدون الدوليين) بعد تغلب شحاتة المحظوظ علي الإسماعيلي في الاسماعيلية بضربات الجزاء الترجيحية 4/5 بعد إنتهاء المباراة بالتعادل 2 / 2 بين الفريقين . قابل حسن شحاتة في نهائي كأس مصر الأهلي الذي لعب بدون 11 لاعباً واستطاع شحاتة المحظوظ الفوز بكأس مصر بعد إصابة حارس مرمي الأهلي أمير عبد الحميد بكسر في القدم واستنفاد الأهلي لتغييراته الثلاثة ورغم أن الأهلي لعب بدون حارس مرمي أضاع محمد جودة ضربة جزاء للأهلي بعدها أحرز محمد فهيم هدف الفوز للمقاولون في مرمي شادي محمد ليفوز حسن شحاتة بكأس مصر . وبعد فوز شحاتة بكأس مصر قابل فريقه القديم الزمالك في كأس السوبر المصري واستطاع المقاولون الفوز علي الزمالك 2/4 ليفوز شحاتة بكأس السوبر ويتولي بعد ذلك بفترة تدريب المنتخب المصري بعد منافسة مع محسن صالح وأنور سلامة خلفاً للإيطالي تارديلي . وقاد شحاتة مصر في كأس الأمم الأفريقية في 2006 واستطاع أن يفتتح المشوار بالفوز علي ليبيا 3 / 0 ثم التعادل مع المغرب 0/0 ويكمن حظ حسن شحاتة في أن لم يواجه خلال بطولتين في كأس الأمم الأفريقية فريقاً من شمال أفريقيا والفريق الوحيد الذي التقي به في بطولة رسمية كانت المغرب وتعادل معها ثم قابل شحاتة في آخر مباريات المجموعة ساحل العاج ومن حسن حظه أصيب الحارس العملاق جون جاك تيزيه ليحله محله أبو بكر بالي والنتيجة 1/1 لتفوز مصر 3/ 1 وتتجنب مواجهة الكاميرون في دور ال 8 . ثم واجه المنتخب المصري الكونغو الديمقراطية في دور ال 8 في مباراة سهلة وتغلب عليها بسهولة 4 / 1 ثم قابل شحاتة السنغال وتجلي حظ شحاتة الكبير في مباراة السنغال عندما استطاع البديل عمرو زكي من أول لمسة إحراز هدف التقدم لمصر لتصبح النتيجة 2 / 1 ويذهب بعد الهدف شحاتة للعراك مع الجماهير ثم يأتي حظ " شحاتة " ثانية ليتغاضي الحكم الكاميروني إيفي ديفن عن ضربة جزاء صحيحة للسنغال ضد إبراهيم سعيد في الدقيقة الأخيرة في المباراة لتصعد مصر إلي النهائي . حدث ولاحرج في النهائي عن الحظ فدروجبا يضيع الكرة وهو علي خط المرمي كما يضيع ضربة جزاء لفريقه في ضربات الجزاء الترجيحية ويضيع بكاري كونيه ضربة جزاء أخري وأبو تريكة يدخل علي الضربة الأخيرة وهو لايعلم انها ضربة الحسم ويحرزها ليفوز المحظوظ بأول بطولة أفريقية له. ثم جاءت تصفيات كأس الأمم الأفريقية لبطولة 2008 لتظهر شحاتة علي حقيقته وتثبت أنه غير محظوظ أمام الفرق الصغيرة فشحاتة فشل في إحراز أي فوز خارج أرضه في التصفيات امام فرق ضعيفة مثل بوروندي وبتسوانا وموريتانيا واكتفي بانتصارات ضعيفة داخل مصر ليتأهل المنتخب المصري إلي غانا 2008. ويظهر حظ شحاتة ثانية ويتعرض النجم محمد أبو تريكة للاصابة بنزلة برد يغيب علي إثرها من المباريات التجريبية لمنتخب مصر أمام مالي في الإمارات وأمام أنجولا في البرتغال ويضطر حسن شحاتة للاستعانة بمحمد زيدان الذي احضره كمالة عدد والذي لم يستعن به أصلاً في بطولة 2006 رغم تألقه مع ماينز الألماني . وبالفعل يشارك زيدان في مباراة مصر الافتتاحية أمام الكاميرون ويتألق بشدة ويقود مصر للفوز علي الكاميرون 4 / 2 ويظهر للجهاز الفني المحظوظ الذي اعطي الفرصة لزيدان بالصدفة أنه من حقه المشاركة في التشكيل الأساسي لمصر ثم تفوز مصر علي السودان وتتعادل مع زامبيا للتأهل كأول مجموعة ويخدم الحظ شحاتة ثانية عدم مواجهة تونس ليواجه أنجولا ويتفوق عليها بهدف اصطدم في صدر عمرو زكي لتصعد مصر إلي قبل النهائي لمواجهة العملاق العاجي . وفي مباراة ساحل العاج يظهر الدليل الدامغ علي الحظ النقي الذي يتمتع به شحاتة فأحمد فتحي يحرز هدفاً اصطدم باثنين المدافعين وللمرة الثالثة علي التوالي في رحلة شحاتة التدريبية يتعرض حارس مرمي المنافسين للإصابة وكان هذه المرة الحارس الأساسي لكوت ديفوار أبو بكر بالي ويخرج من المباراة علي طريقة أمير عبد الحميد في كأس مصر وجون جاك تيزيه في كأس الأمم الأفريقية 2006 ليدخل حارس كوت ديفوار البديل ويساهم في هدف مصر الثالث لتصعد مصر إلي المباراة النهائية وتواجه الكاميرون. ومرة ثانية يبتسم الحظ لشحاتة بعد خروج منظم البطولة غانا علي يد الكاميرون ولاشك أن حسن شحاتة «كعبه عالي» علي الكاميرون الذي واجهها في النهائي وبينما يواجه المنتخب المصري الاجهاد يدفع المحظوظ بمحمد زيدان العصفورالذي انتزع كرة من براثن العملاق سونج ليهديها إلي أبو تريكة ليحرز منها هدف الفوز بالبطولة ليتم إعلان شحاتة رسمياً إمبراطور الحظ في أفريقيا. تري هل يستمر الحظ مع شحاتة حتي نهاية بطولة أنجولا 2010 خاصة أن جميع الفرق الكبري سقطت في أول اختبار لها و أصبحت الساحة خالية للفراعنة فضلا عن أن الوجوه الجديدة التي راهن عليها شحاته وهم جدو وعبد الشافي علي حساب ميدو تألقوا بدليل احراز جدو هدفا في لقاء نيجيريا .. أم أن المنتخب سيكتفي بالبداية القوية أمام نيجيريا وينهار في باقي مبارياته ويودع البطولة ومن ثم تحدث كارثة تشغل الرأي العام وتجذب إليها الأنظار وتسلط عليها الأضواء ، في حين يتواري إخفاق المنتخب بعيداً عن الأعين ؟!! هذا ما ستجيب عنه الأيام المقبلة .