اليوم يحتفل المصريون جميعاً، أقباطاً ومسلمين، بعيد الميلاد المجيد. وبعد أن كان العيد خاصاً بالأخوة المسيحيين، الذين يحتفلون به بمعزل عن إخوانهم المسلمين، كان قرار الرئيس مبارك، النابع من حسه الوطني الرفيع، بجعل عيد الميلاد المجيد عيداً قومياً للمصريين جميعاً، مسلمين وأقباطًا، ليؤكد علي عمق الروابط التي تربط بين عنصري الأمة، وليتيح للمسلمين مشاركة الأقباط في أعيادهم، كما تتاح للأخوة الأقباط المشاركة في أعياد المسلمين، فكل عام والمصريون جميعاً بصفة عامة والأقباط بصفة خاصة بخير، وعيد ميلاد جديد.. ويأتي الاحتفال بعيد الميلاد المجيد في هذا العام وسط عدد من المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، التي تجعل من الاحتفال بعيد الميلاد المجيد مناسبة للتفكير في عدد من القضايا التي تتعلق بوضعية الأقباط في مصر من ناحية، وبرؤيتهم للمستقبل العام والخاص من ناحية أخري.. وفي هذا الإطار ينبغي التأكيد علي مجموعة من العوامل التي تشكل طريقة تفكيرنا في هذا المجال، ومنها: أولاً: أهمية الترابط بين المسلمين والمسيحيين في الوقت الحاضر وفي المستقبل.. وإذا كان ذلك دليلاً في الماضي علي عمق العلاقات، وعلي التوحد في الأماني والآمال، كما حدث إبان ثورة 1919 فإن العلاقات بينهم حالياً قد تجاوزت ذلك إلي وحدة المصير وحتميته. ولقد كان ظهور العذراء في الأسابيع الأخيرة وتجليها للمسلمين والمسيحيين، رسالة مباشرة لهم بضرورة التوحد، وبضرورة القضاء علي أية عوامل تفرقة بينهم.. إن مصر، كما قال قداسة البابا شنودة، ليست وطناً نعيش فيه، بل وطن يعيش فينا.. ثانياً: أهمية اتفاق الأخوة الأقباط علي كلمة سواء في الداخل والخارج.. فليس من المتصور أن يتنازع الأمر أكثر من فئة في الداخل، كما أنه من غير المتصور أن يتولي الأقباط في الخارج الترويج لأجندات وقضايا لا تتماشي مع مصالح المصريين، ولا تتفق مع أمانيهم، اعتماداً علي بعض القوي الدولية، التي بلا شك لها مطامع ومطامح في مصر.. وعلينا جميعاً أن نسد الذرائع، وألا نسمح لها أو نمهد لها الطريق لذلك.. مطلوب التجمع علي كلمة سواء للأخوة الأقباط، حتي لا يتفرقوا ويضعف ريحهم. ثالثاً: أهمية أن يدرك الأخوة الأقباط في داخل مصر وخارجها أنهم مصدر قوة لمصر وليسوا مصدر ضغط عليهم.. هم مصدر ثراء ثقافي وديني واجتماعي وتاريخي، وليسوا مجرد أقلية عرقية.. ينبغي أن يتصرف الأقباط في الداخل والخارج في ضوء أن لهم في كل شبر من أرض مصر حقاً، وأن لهم في كل قضية نصيباً.. ولا ينبغي للمالك أن يرضي بالإيجار الذي تعده به بعض القوي الخارجية، ولا أن يرضي بالدنية في الدين والدنيا.. مرة أخري.. كل عام والمصريون جميعاً بخير.. وعيد ميلاد سعيد..