إذا كانت قطاعات من النخبة، وأصحاب نوايا الترشيح المعلنة أو المؤجلة أو المترددة في انتخابات 2011، قد طرحت علي المجتمع مجموعة من القضايا السياسية خلال الشهر الماضي، أثارت جدلاً وصخباً، وبرزت منها تساؤلات، فإن المناقشة المفتوحة التي جرت بالأمس في اجتماع المجلس الأعلي للسياسات واللجان المتخصصة التابعة لأمانة السياسات، قد كشفت عن موقف الحزب صاحب الأغلبية.. الذي أصر علي أن يعيد النقاش إلي انتخابات 2010 .. حيث أكدت قياداته أنها التي تقود إلي انتخابات 2011. جمال مبارك الأمين العام المساعد وأمين السياسات في (الوطني)، الذي خاض مجموعة من الاجتماعات غير المعلنة في الأيام الماضية.. أحدها تعلق بالرسائل الإعلامية في ملفات سياسية وخدمية.. والثاني تعلق بمضمون قانون التأمين الصحي الذي سوف يطرح علي البرلمان خلال الفترة المقبلة.. دعا أعضاء أمانة السياسات إلي التفكير العملي والعلمي في البرنامج الذي سيقدمه الحزب للناخبين خلال العام الجديد.. مؤكدا فيما بعد الاجتماع وفي مؤتمر صحفي علي أن المهم أن ننظم انتخابات برلمانية قوية.. علي المستوي القومي.. ويحقق فيها الحزب النجاح.. وأنه علي أساس قدرة الحزب في هذه الانتخابات سوف تكون قدرته في الانتخابات الرئاسية المهمة للغاية. وأردف: سوف يكون الحزب مستعدا بكل قوة لانتخابات 2011. وقال أمين السياسات: لقد خضنا انتخابات الرئاسة في 2005 ومن ثم الانتخابات البرلمانية في نفس العام ببرنامج للاصلاح السياسي نفذنا أغلبية بنوده حتي الآن.. وإذا كان من حق الآخرين أن يناقشوا أموراً مختلفة في هذا المجال.. فإنني أؤكد أننا قمنا بأكبر برنامج للتعديلات الدستورية.. وإن كان الحزب ليس علي أجندته في الفترة المقبلة أن يتقدم بأي تعديلات دستورية جديدة. صفوت الشريف الأمين العام للحزب، وبعد أن استمع لمناقشات الأعضاء في اجتماع السياسات أدلي بتعليق طويل، كان عنوانه الرئيسي أن الحزب الوطني هو الذي قدم التغيير وقاد التغيير ولن يسمح لأحد بأن يسطو علي عملية التغيير.. وأضاف: إننا ننسي حين يقدم البعض نفسه رسلا للتغيير.. ولكن أصعب من التغيير إدارة التغيير..مشيرا إلي أهمية النتائج التي تحققت في انتخابات نقابتي الصحفيين والمحامين.. وقال: نحن لا نتدخل في الانتخابات النقابية ولكن هذا لا يعني ان نتركها تسقط في أيدي الآخرين. ووصف الشريف المعارضة بأنها إعلامية وفضائية، وعلق علي الملاحظات المسجلة علي الإعلام المصري والحزبي بخصوص تسويق انجازات الحزب وحكومته وقال: الإعلام يبني الثقة.. وربما لا يريد أن يبدأ الهجوم الآن.. لا نريد أن نحرق سلتنا.. وسوف نقرر متي نفتح النار. واعتبر الشريف أن الاهتمام والتركيز علي انتخابات مجلس الشعب سوف يحدد مصير الحكم في مصر، وعلق علي المناقشات الخاصة بالتعديلات الدستورية قائلا: لا يوجد أي حزب ذكي أو غيره يمكن أن يطرح أفكاراً للتعديلات الدستورية بينما هناك انتخابات برلمانية بعد أربعة أشهر (يقصد الاستعداد لانتخابات الشوري)، نافيا أي طرح لتعديلات دستورية. ولكنه ذكر الحاضرين في المناقشات تعليقاً علي ما يتردد من قوي خارج الحزب حول المادة 76 الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية.. بقوله: الرئيس خففها.. ودعا إلي مزيد من السماح بالفرص للترشيح.. لكن ليس علينا أن ننسي أن هذا المنصب الرفيع لا يمكن أن نسمح لأي شخص عادي بأن يسطو عليه.. هذا منصب رفيع.. يحتاج إلي ظهير حزبي وظهير فكري لكي يسانده.. ولابد من حماية هذا المنصب من المغامرين.. ونحن لن نتحدث عن أشخاص ولكننا في الحزب سوف نتحدث عن القواعد والأصول. جمال مبارك في حديثه إلي أعضاء السياسات كشف مجموعة مختلفة من الأخبار.. والتوجهات التي تمثل إطارا للتحرك الحزبي في خلال الأشهر القادمة.. وتكشف طبيعة التفكير داخل حزب الأغلبية.. ومنها مايلي: - الحزب في سنة الانتخابات سوف يبتدع آلية إضافية، يقترحها أمين السياسات، لمتابعة تنفيذ الحكومة لالتزامات أعلنها مؤتمر الحزب الأخير.. وبما في ذلك الاجتماع بين الوزراء ورؤساء اللجان.. وسوف يبحث الحزب كيف يمكن أن يساند سواء من خلال التشريع أو الأداء السياسي أو توفير التمويل.. تأكيدا لمصداقية الحزب في تنفيذ التزاماته. - الأجندة التشريعية سوف تلهث في خلال الأيام المقبلة لتنفيذ كل ما ورد في البرنامج الانتخابي البرلماني.. وآخر ما سوف يقدم لمجلس الشعب هو قانون التأمين الصحي.. وأنه حتي إذا كان التطبيق سوف يكون تدريجيا ما بين خمس وسبع سنوات.. فإن عددا من المحافظات سوف يحظي بالتطبيق التجريبي الأولي وهي بخلاف السويس.. كل من: سوهاج والإسكندرية.. ووصف أمين السياسات القانون بأنه أكبر تعديل هيكلي في التأمين الصحي منذ نشأ قبل ما يزيد علي خمسين سنة. التشريع التالي في الأهمية.. وهو بالغ التأثير: قانون التأمينات والمعاشات.. بخلاف قانون الأنشطة النووية السلمية وقانون الآثار.. وقانون مشاركة القطاع الخاص مع القطاع العام في المشروعات الكبيرة.. خاصة المرافق.. وأشار أمين السياسات إلي أن الحزب أعلن التزاما بمضاعفة الأجور قبل نهاية البرنامج الرئاسي وهو ما قد تحقق الآن فعلا. - سوف يتم إعداد ورقة إنجازات تفصيلية تخص كل دائرة انتخابية، بما تحقق فيها من البرنامج الانتخابي لمساندة أعضاء الحزب المرشحين في الانتخابات وجعلهم قادرين علي مواجهة ناخبيهم بما تحقق علي المستوي المحلي بخلاف ما تحقق علي المستوي القومي. وفي سياق مقارب قال صفوت الشريف إنه لن تكون هناك مجاملات في الترشيح للانتخابات البرلمانية من أي نوع.. وكرر هذا ثلاثا.. كما أنه أكد أنه لن يسمح علي الإطلاق بعمليات التفتيت في الترشيح.. وسوف يتم استغلال التمزق الذي يعاني منه الآخرون بدون إسفاف في الهجوم فيما بدا أنه إشارة إلي الإخوان. - جمال مبارك عاد في نقاشه مع أعضاء السياسات إلي أن يؤكد إنجازات الإصلاح السياسي وبما في ذلك التعديلات الدستورية.. ولكنه أكد أن الوقت ضيق لتلبية ما تم التعهد به بخصوص قانون الإدارة المحلية الذي بدأت مناقشته منذ عامين..وقال إن ما ينبغي أن يعوض هذا هو عمليات التطبيق في اتجاه اللامركزية التي لا تحتاج إلي نصوص قانونية. - وفي حين أكد أمين السياسات الأهمية الحيوية التي يمثلها إضافة رقم عشرة مليارات جنيه لتمويل المتطلبات التي تحتاجها المرافق.. وفق ما تقرر في مؤتمر الحزب.. فإنه ركز علي أهمية تحسين خدمات الحياة وتطوير المرافق.. كأساس في برنامج الحزب للانتخابات المقبلة، وركزا كذلك علي محاور: النمو والتشغيل والاستثمار - وتحسين الأجور والمعاشات - وتنمية مستوي الطبقة المتوسطة باعتباره التزاماً انتخابياً.. واستمرار تقوية دور مصر الاقليمي وتأمينها. في هذا السياق علق جمال مبارك في المؤتمر الصحفي علي موضوع تأمين الحدود المصرية.. وقال إن الحزب إنما يقف مساندا ومؤيدا لمواقف وزارة الخارجية وكل مؤسسات حماية الأمن القومي في أي إجراء تتخذه من أجل حماية أي حدود.. وهو موقف لا يتناقض علي الاطلاق مع استمرار الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية ومساعدة الأشقاء في غزة.. وأيضا بلوغ التوافق بين الفصائل الفلسطينية بما يؤدي إلي المصالحة وفتح المعابر كلها وتنفيذ عمليات الإعمار التي تعهدت لها الدول المانحة بخمسة مليارات دولار. - وأكد جمال مبارك في حديثه لأعضاء الأمانة علي مجموعة من التحديات التي تفرض نفسها علي البرنامج الانتخابي للحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. ومنها ما يلي: 1 - تلبية الطموح المتزايد للمواطن مع نمو التغيير في المجتمع. 2 - رؤية متجددة في البرنامج القادم تقوم علي الفكر الجديد الذي بدأ في عام 2002 داخل الحزب. 3 - تحديات المشكلة السكانية. 4 - مواجهة العشوائية وتطوير شكل عاصمة مصر.. القاهرة.. باعتبارها عنوان البلد. 5 - علاقة الأمن القومي بتحديات المياه.. وما يترتب عليه ذلك في مجالات الزراعة المختلفة. 6 - قضية الطاقة. 7 - التشغيل وعلاج مشكلة البطالة وتوفير فرص العمل. 8 - مواجهة التحديات الخارجية وتلبية متطلبات الأمن القومي. ويمكن من قراءة مناقشات وتصريحات الأمس أن نخلص إلي عدة مؤشرات مهمة: 1 - هناك صراع في المجتمع ما بين أولويتين.. اتجاه غير حزبي نخبوي.. تمثله قطاعات في المعارضة يريد التركيز علي الانتخابات الرئاسية.. قبل البرلمانية وبما في ذلك الضغط في اتجاه أحداث تعديلات دستورية تتعلق بشروط المرشحين في المادة 76 . واتجاه يقودة الحزب الوطني يسعي إلي التركيز علي الانتخابات في الشوري باعتبارها تقود الي الانتخابات في مجلس الشعب التي تقود بدورها إلي شكل انتخابات الرئاسة في 2011 وبدون أي تعهد بأية إضافات جديدة في اتجاه أي تعديلات دستورية. 2 - يركز الحزب علي برنامج انتخابي متوازن الاتجاهات.. بما في ذلك الانشغال بالموضوع السياسي دون أن يكون هو الأولوية الوحيدة.. وبحيث يتم تلبية انشغالات جميع الناخبين في كل المجالات.. وليس فقط في موضوع الحريات السياسية. 3 - من الواضح جدا أن كل القوي السياسية وبما في ذلك الحزب الوطني يضعون في الاعتبار زيادة معدلات الطموح العام وإن كان كل يلبي ذلك بطريقته. 4 - بدا الحزب الوطني بالأمس غير راغب في الاشتباك المباشر مع أصحاب نوايا الترشيح في الانتخابات الرئاسية.. وقد علق جمال مبارك علي سؤال لمحرر روزاليوسف قائلا: لا يوجد أوصياء علي البلد ولا علي النظام السياسي.. في مصر نظام سياسي قوي يقوم علي الشرعية وعلي الانتخاب.ولن نسمح لأحد بان يكون وصياً علينا.