الجيش الجزائري: القضاء على إرهابي في عملية عسكرية غربي العاصمة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 بالمصانع بعد التحديث الأخير    تعرف على تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات بداية الأسبوع    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    الجيش الأمريكي "يشتبك" مع 5 مسيرات فوق البحر الأحمر    يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال نتنياهو؟    مواعيد مباريات اليوم لمجموعة الصعود ببطولة دوري المحترفين    طقس اليوم حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 30    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    تكلف 3 ملايين دولار.. تفاصيل حفل زفاف الملياردير الهندي في الأهرامات    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    مواعيد مباريات اي سي ميلان المتبقية في الدوري الإيطالي 2023-2024    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    عيار 21 يتراجع الآن لأدنى مستوياته.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    انخفاض جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في المصانع والأسواق    بعد وفاة والدتها.. رانيا فريد شوقي فى زيارة للسيدة نفسية    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    أيمن يونس يشيد بتأهل الأهلي والزمالك.. ويحذر من صناع الفتن    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمامنا فرصة حقيقية للسلام

قال الرئيس حسني مبارك إنه لولا انتصار أكتوبر ما اضطرت إسرائيل لإبرام معاهدة السلام مع مصر، مشيرا إلي التزام مصر منذ انطلاق عملية السلام بخط استراتيجي يرتكز علي إقامة السلام الذي تحميه القوة.
وأضاف مبارك في حواره مع جريدة القوات المسلحة في الذكري 36 لانتصار أكتوبر: إن غياب التسوية السلمية عن القضية الفلسطينية سيحول الشرق الأوسط لساحة اضطراب وزعزعة الاستقرار مؤكدا أن عملية السلام لم تعد تحتمل فشلا جديدا، لافتا الي أن اشتراط الاعتراف بيهودية إسرائيل يهدر حقوق العودة وحقوق عرب 48.
وأكد مبارك أن مصر لم تحقق أي مكاسب سياسية من وراء احتضانها القضية الفلسطينية وأنها تقف علي حافة متساوية من جميع الفصائل التي دعاها للتوافق والاتحاد فيد الله مع الجماعة، رافضا الحديث عن مسئولية مصر عن غزة والاردن عن الضفة ووصفه بأنه فخ إسرائيلي مرفوض.
وجدد مبارك رفضه لضرب إيران، مشيرا إلي أن موقف مصر يأتي رغم محاولات طهران تحقيق مصالحها علي حساب الهوية العربية.
محذرا من أن ضرب إيران سيجر المنطقة لحافة الهاوية ولحالة متردية من التوتر لا يمكن التنبؤ بمداها.
وأكد الرئيس مبارك أن قواتنا المسلحة هي الدعامة الاساسية في حماية أمننا القومي وأن مصر تشارك حاليا في سبع عمليات لحفظ السلام في أفريقيا حماية لمصالحها العليا. وشدد مبارك علي أن حقوق مصر التاريخية والثابتة في مياه النيل مؤكدا: لن نسمح لأحد أن يحدد لنا دورنا أو ما يجب علينا أن نفعله أو لا نفعله. وقال: إن المواطن البسيط محل اهتمامه الدائم فهو صاحب الفضل الأول فيما تحقق من إنجازات وأنه يتابع بنفسه سعي الفقراء للحق في حياة كريمة، مشيرا إلي أن المعدل الحالي للزيادة السكانية يعوق جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وقال مبارك إن سياسات الاصلاح الاقتصادي والسياسات المالية والنقدية أخرجت مصر من الازمة المالية العالمية دون خسائر تذكر.. وإلي نص الحوار:
-- كل عام وسيادتكم بخير بمناسبة العيد ال 36 لأعظم انتصارات العسكرية المصرية.. يأتي احتفالنا هذا العام بذكري حرب أكتوبر التي فتحت الطريق من أوسع الأبواب لسلام المنطقة وبعد شهور من تولي الحكومة الإسرائيلية الجديدة والجهود التي تبذل لإحياء عملية السلام وزيارة سيادتكم الناجحة للولايات المتحدة الأمريكية وقبل طرح الرؤية والتصور الأمريكي لدفع عملية السلام.. فهل نحن أمام فرصة حقيقية جديدة للسلام بعد 30 عاماً من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية و 16 عاماً من اتفاقيات أوسلو؟
- كل عام وشعب مصر وقواتنا المسلحة بخير وسلام.. مصر عندما قاتلت في أكتوبر 1973 كان قتالها من أجل تطهير أرض الوطن من دنس الاحتلال.. وكان هدفها الرئيسي والأساسي هو السلام، وهذا هو سر خلود وعظمة حرب أكتوبر لأنها كانت حرباً عادلة ومشروعة بكل معني الكلمة من أجل تحرير أرضنا المحتلة في سيناء، ولولا حرب أكتوبر والانتصار المصري ما اضطرت إسرائيل لإبرام معاهدة السلام مع مصر التي حصلت بموجبها علي كامل ترابها الوطني، واستعادت سيادتها علي كل شبر من أرض سيناء. ومصر منذ انطلاق عملية السلام في 77و 78و 1979 وضعت لنفسها خطاً سياسياً استراتيجياً يرتكز علي مبادئ ثابتة وراسخة لم تهتز ولم تتذبذب، في مقدمتها العمل علي إقامة السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة.. وهو رسالتنا التي لن نحيد عنها وهو التزام استراتيجي مبدئي وأخلاقي لن نفرط فيه ولا نساوم بشأنه.. مصر عندما تؤكد أن السلام الذي تحميه القوة خيار استراتيجي وعندما تتمسك بذلك، فهذا ليس مجرد شعار نردده بل هو تعبير عن رؤية متكاملة لمصلحة مصر وكل شعوب المنطقة دون استثناء.
لابد أن نعي دروس التاريخ وندرك أبعاد الوضع الإقليمي والدولي الراهن بانعكاساته وتداعياته، فقد ضاعت من قبل فرص عديدة للسلام كنت شاهداً علي وقائعها وإننا الآن أمام فرصة حقيقية للسلام تلتف حولها رؤي الولايات المتحدة وأوروبا والعديد من القوي المحبة للسلام، وآمل ألا تضيع هذه الفرصة كما ضاعت فرص من قبل، فالمنطقة تموج بالأزمات والصراعات وبؤر التوتر وسيظل الشرق الأوسط ساحة للاضطراب وزعزعة الاستقرار في غياب تسوية سلمية عادلة للقضية الفلسطينية التي ستظل مفتاح الحل لباقي أزمات المنطقة وصراعاتها؛ فالوضع بات منذراً بالخطر وعملية السلام كما قلت في مناسبات عديدة لم تعد تحتمل فشلا آخر
حق العودة وعرب 48
المطلوب الآن تحرك عاجل وجاد وخطوات ملموسة بعيداً عن محاولات المناورة وإضاعة الوقت.. وأنا متفائل فلقد استمعت من الرئيس أوباما خلال لقاءاتي معه لمواقف إيجابية واتفقنا علي مواصلة العمل معاً من أجل السلام وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وفتح الباب أمام سلام شامل يغلق ملف الصراع العربي الإسرائيلي إلي الأبد وأعتقد أن الأسابيع القادمة سوف تشهد بداية جديدة لفرصة حقيقية للسلام.
السلام قد يكون صعباً.. لكنه ليس مستحيلاً.. ومصر تعتبر تجربتها في السلام مع إسرائيل نموذجاً لأي اتفاقيات أو معاهدات سلام، ليس فقط لأنها استندت علي مبادئ القانون الدولي والشرعية الدولية ولكن لأنها تضمنت مرجعيات وأسساً واضحة للتفاوض، هذا هو السلام الشامل الذي ننشده ونصبو إليه والقادر علي البقاء والاستمرار.
ليس سلاماً قائماً علي فرض إرادة طرف علي آخر أو فرض الأمر الواقع، لأن مثل هذا النوع من السلام لا يمكن أن يستمر أو يدوم ثم إن التعنت والإكراه والضغط بقصد دفع الطرف الآخر إلي التنازل عن حقوقه العادلة والمشروعة لا يصنع سلاماً ولن تقبله الشعوب وكل ما يترتب عليه هو إطالة الصراع، ولابد أن يدرك الجميع أن السلام لا يمكن التوصل إليه بالمناورات السياسية والمراوغة.
لقد أكدت مراراً أن أسس ومرجعيات عملية السلام معروفة، وتقوم علي الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ومبادئ (مؤتمر مدريد) للسلام وفي مقدمتها مبدأ الأرض مقابل السلام، بالإضافة للمبادرة العربية المطروحة منذ عام 2002 ومفهوم حل الدولتين.
المطلوب الآن هو الإرادة السياسية خاصة من جانب زعماء إسرائيل، وقد تحدثت معهم جميعاً - ولا أزال - حول الضرورة العاجلة للتجاوب مع جهود السلام من أجل صالح شعوب المنطقة بما في ذلك الشعب الإسرائيلي ذاته. تحدثت - ولا أزال - مع رئيس الوزراء نتانياهو والرئيس بيريز ووزير الدفاع باراك وطرحت رؤية مصر لكسر جمود عملية السلام، قلت لهم إن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار وأن المفاوضات يجب أن تستأنف مع الجانب الفلسطيني من حيث توقفت مع الحكومة الإسرائيلية السابقة.. فليس من المعقول أو المقبول أن تبدأ من نقطة الصفر.
قلت لهم إن المفاوضات يتعين أن تتناول كل قضايا الحل النهائي الست دون استثناء وأن البدء بتحديد الحدود الدائمة - وليس المؤقتة - للدولة الفلسطينية من شأنه أن يفتح الطريق للاتفاق علي باقي القضايا محل التفاوض. قلت لهم إنه ما من زعيم فلسطيني أو عربي يمكنه التفريط في القدس الشرقية أو التنازل عن حق اللاجئين في العودة.
قلت لهم إن التفاوض لابد أن يتأسس علي حدود الرابع من يونيو عام 1967 وأن المستوطنات تلتهم الأراضي الفلسطينية ولابد أن تتوقف علي الفور وطوال مرحلة المفاوضات بما في ذلك الكتل الاستيطانية في محيط القدس وداخلها.. بعيداً عن محاولات تهويد المدينة المقدسة.
وقلت لقادة إسرائيل إن اشتراط الاعتراف بيهودية دولة إسرائيل يضع عقبة جديدة في طريق السلام..
فماذا عن حق العودة ؟ وماذا عن عرب 1948؟.. لدينا إذن تصور نهاية الطريق ومعالم التسوية النهائية.. ونحن لا نبدأ من فراغ وكنا علي وشك الاتفاق في طابا علي قضايا الوضع النهائي في أواخر إدارة الرئيس كلينتون عام 2001، ويجب أن يفهم الإسرائيليون أن الفلسطينيين إذا شعروا بعدم إمكانية تحقيق السلام وتحقق حلمهم في إقامة الدولة المستقلة وعدم توازن التسوية التي توصلوا إليها، فإن هذا يطلق العنان لليأس والإحباط وحلقات لا تنتهي من العنف والعنف المضاد.
بما يزعزع أمن واستقرار الشرق الأوسط ويزيد الوضع الراهن تفاقماً.
أقول للجميع: إن المراوغة والمناورات وإضاعة الوقت لن تحقق مصلحة لأحد بل تهدد بعواقب وخيمة لجميع الأطراف وأولها إسرائيل، فليس من مصلحتها أن تضيع تلك الفرصة التاريخية لتحقيق مصالحة شاملة تغلق ملف الصراع بعد ستة عقود، تقوم علي التعايش وتطوي صفحة الماضي.
علاقات طبيعية مقابل السلام الكامل
إنني في ذكري حرب أكتوبر.. أعاود دعوتي لشعب إسرائيل وقادته أن يحسموا أمرهم ويختاروا بشجاعة بين السلام والأمن والاستقرار وبين استمرار الاحتلال غير المشروع للأراضي الفلسطينية والتمسك بمواقف ثبت عدم جدواها.. فالاحتلال مصيره إلي زوال.. والأمن يصنعه السلام وليس القوة المسلحة.
وفرض الأمر الواقع لا يثبت وضعاً ولا يضفي شرعية ولا يترتب عليه حق لأحد، وكل ما يترتب عليه هو إطالة الصراع وإراقة الدماء وتهديد مستقبل المنطقة والأجيال القادمة.
علي إسرائيل إعادة النظر في مجمل سياساتها وأسلوب تعاملها مع الفلسطينيين والعرب فإذا اختارت طريق السلام وتجاوبت بحسن نية مع استحقاقاته.. فهذا من شأنه أن يشجع العرب علي الثقة بنياتها.. وذلك هو جوهر المبادرة العربية للسلام.. فهي تعرض علاقات عربية طبيعية مع إسرائيل مقابل السلام الكامل الذي يقيم الدولة الفلسطينية المستقلة، ويحقق الانسحاب الإسرائيلي من كل الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، محاولات استباق تحقيق السلام والالتفاف حول استحقاقاته لن يكتب لها النجاح لأن أزمة الثقة لا تزال كبيرة نتيجة التجارب غير المشجعة خلال سنوات التسعينيات في أعقاب (مؤتمر مدريد للسلام) و(اتفاقات أوسلو).. ولا بد من قيام إسرائيل بخطوة كبيرة مثل الوقف التام للاستيطان وتحقيق تقدم ملموس في مفاوضات السلام.. قبل الحديث عن إيماءات أو بادرات أو خطوات عربية تجاهها.
أقول للإسرائيليين قبل أن تضيع فرصة السلام مرة أخري أمامكم نموذج السلام مع مصر.. عندما التزمت إسرائيل بالشرعية الدولية وأكملت انسحابها من سيناء المحتلة وفق جدول زمني محدد وأسس واضحة.
لابد أن يكون هذا النموذج ملهماً لساسة إسرائيل، ومؤثراً في صياغة رؤيتهم للتعامل مع باقي الأطراف العربية وأما غير ذلك فهو إضاعة للوقت وتبديد للأمل في السلام ويصبح من الطبيعي أن تستمر المنطقة نهباً للتوتر وعدم الاستقرار بالتداعيات الوخيمة لذلك علي الجميع.. وهذا ما لا أتمناه أو تتمناه مصر التي فتحت الطريق لسلام الشرق الأوسط.
-- لا تهاون مع أمننا القومي الحديث عن الوضع العربي الراهن والقضية الفلسطينية والحوار بين الفصائل الفلسطينية والحالة التي يعيش عليها الفلسطينيون من الانقسام والتشرذم واستباحة الدم الفلسطيني يدفعنا للحديث عن الوضع في المنطقة وتأثيره علي أمن مصر القومي؟
العالم من حولنا يشهد تحولات جذرية.. فقد تفككت دول وظهرت دول أخري وصارت العولمة بفرصها وتحدياتها هي سمة القرن.. فأي حدث في العالم بغض النظر عن موقعه الجغرافي من وجهة النظر الاستراتيجية يمكن أن يكون له تأثير مباشر أو غير مباشر علينا علي المدي القريب أو المدي البعيد في ظل تلاحق الأحداث والمتغيرات، فوعينا بكل ما يدور حولنا ضرورة لا غني عنها، ثم إن الموقع الجيوبولوتيكي لمصر جعلها من وجهة النظر الاستراتيجية دولة لها دوائر أمنية متعددة وبالتالي لا يمكننا الانعزال عما يدور حولنا فلابد أن ندرك أين نحن وإلي أين نتجه؟ لكي نتجاوب مع معطيات مجتمعنا ونتعامل مع أوضاع منطقتنا وعالمنا.
منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والتي نحن جزء منها تموج بالأزمات والصراعات وبؤر التوتر التي تلقي بتداعياتها علي أمن مصر القومي بمختلف أبعاده ودوائره، فالمنطقة تحدق بها الأطماع والتحديات والمخاطر وتتعرض لتهديدات قوي إقليمية ولمحاولات متواصلة لبسط النفوذ والهيمنة وفرض أجندتها الخاصة علي حساب مصالحنا القومية وهويتنا العربية ويسبب ذلك حالة من التوتر وعدم الاستقرار قد تؤدي لتفجر الوضع وجعل المنطقة محور صراع بين القوي الإقليمية والدولية.
المنطقة العربية بدورها تجتاز مرحلة دقيقة وصعبة تتنازعها الأزمات والخلافات ونوازع الانقسام وتشهد الكثير من المزايدات والمحاور ومحاولات لعب الأدوار وتعميق الخلافات العربية وشق صفوفنا تحقيقاً لأهداف ومصالح قوي إقليمية أو دولية، إما خوفاً أو طمعاً، علاوة علي حالة من خلط الأوراق وتداخل المفاهيم والأجندات الخاصة الضيقة.
ونحن لا ندخل في مهاترات مع أحد ولا نلتفت للصغائر ونتجنب الدخول في مواجهة مع أي دولة شقيقة أو أي قوي إقليمية ودولية لا تحاول التأثير علي مصالح مصر القومية العليا أو تهدد أمن مصر القومي، ولكننا حذرنا ونحذر من محاولات بسط الهيمنة والنفوذ علي عالمنا العربي ونعارض هذه المحاولات لأنها تضيف تهديداً جديداً للأمن القومي المصري وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي.
أقول بعبارات واضحة لا لبس فيها لن نتهاون مع من يحاولون العبث بأمن مصر القومي واستقرارها ومقدرات شعبها، وشعبنا بدوره لن يتهاون أو يتسامح مع هؤلاء.. مصر بقامتها ومكانتها وقواتها المسلحة لن تتسامح مع من يحاول المساس بأراضيها وحدودها وسيادتها وأمنها القومي وإرادتها وقرارها الوطني الخالص.
إننا نسعي لمصالحة عربية حقيقية توحد كلمتنا وصفوفنا وتجمعنا حول أهدافنا ومصالحنا المشتركة.. نعلم أن يد الله مع الجماعة وأن قوة العرب في وحدتهم والتئام شملهم.
ونحن نسعي من ذات المنطلق لتحقيق الوفاق الوطني الفلسطيني لأن الانقسام علي الساحة الفلسطينية يمثل انعكاساً للانقسام علي الساحة العربية.. وكلاهما يتأثر بالآخر ويؤثر فيه.
مصر احتضنت دوماً القضية الفلسطينية ولم تحاول أبداً تحقيق أي مكاسب سياسية من ورائها.
المصالحة الفلسطينية
ومواقفنا الداعمة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لا تقبل التشكيك أو المزايدات أو المهاترات.. وهذا هو رصيدنا في تحركنا لتحقيق المصالحة والوفاق الوطني بين جميع الفصائل الفلسطينية.. ونحن نقف علي مسافة متساوية من جميع الفصائل ولا نقف مع طرف علي حساب الطرف الآخر ولم نتحدث يوماً باسم الشعب الفلسطيني أو باسم أحد ولا نفرض تصوراً أو رأياً علي أحد ولم نقبل أي ضغط لتغيير مواقف الفلسطينيين وجعلهم يقبلون ما يتعارض مع مصلحة شعبهم.. موقفنا واضح وأبلغناه مراراًً للإسرائيليين وللأطراف الدولية الداعمة لجهود السلام، فنحن نرفض الحصار الإسرائيلي علي غزة ونرفض الفصل بين الضفة والقطاع ونرفض تخلي إسرائيل - قوة الاحتلال - عن مسئوليتها في غزة..
وأكدت بشكل واضح للإدارة الأمريكية والدول الأوروبية والرباعية الدولية وللعديد من المسئولين الإسرائيليين أن الحديث عن مسئولية مصر عن غزة ومسئولية الأردن عن الضفة هو حديث مرفوض تماماً ويستدعي إلي الذاكرة الترويج منذ الثمانينيات لمقولة "غزة أولا" "والخيار الأردني"، ونحن لن نقع في هذا الفخ الإسرائيلي ولن نشارك بأي شكل من الأشكال في تكريس هذا الفصل بين الضفة والقطاع فكلاهما يمثلان أرضاً محتلة تقوم عليها الدولة الفلسطينية المستقلة.
استمرار الانقسام الفلسطيني يفتح الباب علي مصراعيه لتنفيذ مخطط الفصل بين غزة والضفة، ونحن لن نسهم في تكريس هذا الانقسام، فالوضع الراهن في غزة يحمل في طياته مخاطر عديدة وحقائق غائبة تلقي بتداعياتها علي الشعب الفلسطيني وقضيته، وهذا الوضع الفلسطيني المؤسف ألحق ضرراً كبيراً بالقضية الفلسطينية وزاد من معاناة الشعب الفلسطيني وأضعف موقف المفاوض الفلسطيني حول قضايا الوضع النهائي، ومصر ستواصل وقوفها إلي جانب الشعب الفلسطيني بصدق وتجرد.. تعلي مصالحه فوق مصالح الفصائل.. وتوالي اتصالاتها وجهودها لتحقيق الوفاق بين أبنائه.. هدفنا أن يكون قرار أبناء فلسطين بأيديهم بعيداً عن التدخلات الخارجية وضغوطها وإغراءاتها، فلا يمكن أن يكون الدم الفلسطيني رخيصاً أو مستباحاً وسلعة للمتاجرة أو المزايدة وتحقيق مكاسب إقليمية أو منافع فصائلية ضيقة علي حساب الشعب الفلسطيني ومعاناته وقضيته.
علاقات استراتيجية
-- بعد زيارة سيادتكم الأخيرة للولايات المتحدة وتقدير الإدارة الأمريكية الجديدة لجهود مصر وجهود سيادتكم..
هل تشهد الشهور القادمة تغييراً في العلاقات بين البلدين عما اعتراها خلال السنوات الماضية؟
علاقتنا بالولايات المتحدة استراتيجية ومتميزة وهذا لا يعني تطابق مواقفنا حول كل القضايا أو في كل الأحوال.. وعندما تختلف وجهة نظرنا مع وجهة النظر الأمريكية فإننا نعبر عن هذا الاختلاف بصراحة ووضوح دون افتعال مواجهة أو الدخول في مهاترات، ولابد أن ندرك أن لكل دولة أهدافاً ومصالح قومية تعمل علي تحقيقها وهذا أمر مشروع بشرط ألا يكون علي حساب مصالح الآخرين ولابد أن ندرك أيضا أن الولايات المتحدة تضطلع بدور رئيسي علي الساحتين ومع ذلك فعلاقاتنا طيبة ومميزة، ليس فقط لأنها قوة عالمية عظمي يعتد بها وبدورها، ولكنها أيضا قائمة علي مصالح مشتركة علي الصعيدين الثنائي والإقليمي.
الولايات المتحدة هي شريكنا التجاري الأول علي مستوي العالم ونحن نتطلع للمزيد من توسيع التعاون في مجالات التجارة والاستثمار ونقل التكنولوجيا المتقدمة، أما علي الصعيد الإقليمي فنحن نتطلع لاستمرار تحرك الإدارة الأمريكية الجديدة والرئيس أوباما لكسر جمود عملية السلام.. ونحن ملتزمون بدعم كل ما يحقق سلام المنطقة باعتباره حجر الزاوية لمعالجة باقي أزمات الشرق الأوسط.. وكما أقول دائماً فإن الطريق لحل هذه الأزمات يمر عبر القضية الفلسطينية والقدس.
علاقتنا بأمريكا نابعة من قناعة متبادلة بأهمية وضرورة التعاون المشترك بين البلدين لإنجاح عملية السلام وتحقيق الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحساسة.. ولدي الجانبين رغبة مشتركة في فتح صفحة جديدة تدفع بهذه العلاقات إلي الأمام علي أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.. ونحن نرحب بالتوجهات الإيجابية للرئيس أوباما وإدارته وبما أبداه من حرص علي المزيد من علاقات التشاور والتعاون مع مصر علي المستويين الثنائي والإقليمي.. وهو ما أكده لي لدي لقائي به في القاهرة وواشنطن.
مواقف ثابته
-- في ظل الحديث عن التحولات في الأوضاع الدولية والإقليمية وتغير كثير من المفاهيم والثوابت والسياسات يثار الحديث من آن لآخر عن الدور المصري إقليمياً ودولياً والبعض يحاول استغلال ذلك في التهجم علي مصر ومحاولة النيل منها أو التأثير علي توجهاتها السياسية وقراراتها ومواقفها..
ماذا تري سيادتكم في هذا الشأن؟
مصر بحجمها وقامتها ودورها وتاريخها وشعبها وجيشها لا تسمح ولن تسمح لأحد كائنا من كان أن يحدد لها دورها أو يملي عليها ما يجب أن تفعله وما لا تفعله.. فمواقفنا ثابتة وواضحة ولا تقبل الضغط.. مواقفنا دائماً صريحة ونحن لا نعمل إطلاقاً في الخفاء، ما نقوله في الغرف المغلقة هو نفسه ما نقوله في العلن، وتتطابق أفعالنا مع أقوالنا؛ فمصر كانت دائماً ولا تزال وستبقي إلي الأبد بإذن الله صاحبة الدور المؤثر في منطقتها من العالم، لأنها بلد يملك مقومات التأثير.. فمصر استطاعت دائماً أن تعتمد علي دورها في تقديم النموذج المقبول للاعتدال والتحديث في المنطقة، كما أن مصداقية السياسة الخارجية المصرية جعلت لها عبر تاريخها المعاصر رصيداً من الثوابت التي تتعامل مع المتغيرات الدولية والإقليمية بفهم عميق ورؤية واضحة.
الدور المصري - علي الساحتين الإقليمية والدولية - يقوم علي مقومات ودعائم متعددة منها الحضاري والثقافي ومنها السياسي والاستراتيجي ومنها الاقتصادي والاجتماعي والسكاني، ومصر كانت دائماً في الصدارة سواء في حركة الفكر والتنوير أو في المواجهة العسكرية وكانت علي الدوام تحمل الراية وتقدم التضحيات. كانت مصر هي القائدة في الحرب والرائدة في السلام والدور المصري سوف يستمر في الطليعة.. متحملاً مسئوليات.. وراعياً لمصالح شعبنا وأمتنا.
نمارس هذا الدور بسياسات حازت التقدير والمصداقية علي مستوي العالم.. وعلي جميع دوائر تحركنا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا ومنطقة المتوسط وفي تعاملنا مع أوروبا وشركائنا الدوليين.. نترأس حالياً حركة عدم الانحياز وهي تضم غالبية دول العالم.. ونشارك مع فرنسا في رئاسة الاتحاد من أجل المتوسط ويضم 43 دولة متوسطية وأوروبية، نتفاوض نيابة عن أفريقيا بمنظمة التجارة العالمية ونصل بصوت الدول النامية لتجمعات الدول الكبري مثل مجموعة الثماني الصناعية.
نعم.. نحن نفخر بدورنا وتحركنا الفاعل علي الساحتين الإقليمية والدولية.. ونوظف هذا الدور لخدمة أهداف أمن مصر القومي وقضايا الداخل المصري.. نسعي به لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في منطقتنا.. ونجتذب بما حازه من مصداقية المزيد من الاستثمارات والمزيد من الأسواق الخارجية لصادراتنا والمزيد من فرص العمل لأبنائنا.
هذا لا يعني احتكاراً أو مصادرة لباقي الأدوار الإقليمية.. فنحن نرحب بأي جهد إقليمي صادق ما دام لا يتدخل في شئوننا الداخلية ولا يضر بمصالحنا القومية العليا ولا يؤثر علي أمننا القومي بشكل مباشر أو غير مباشر أو يهدد هوية المنطقة العربية واستقرارها، وسنكون أول من يشد علي يديه وأول من يصفق له ونعلن ذلك بكل صدق وشجاعة وثقة في النفس.
ملف إيران النووي
-- لا نرغب إطلاقا في أن يكون الوضع في المنطقة والعالم هو فقط محور حديثنا ونحن نحتفل بأغلي الذكريات علينا، وهي ذكري نصر أكتوبر، ولكن ما تشهده المنطقة من تهديدات حولنا يؤثر علينا بشكل مباشر وغير مباشر فما تقييم سيادتكم..
بحكم خبراتكم العسكرية والسياسية الطويلة خاصة عند الحديث عن القدرات النووية الإيرانية؟
الوقوف علي حقيقة التهديد بشكل عام في العلم العسكري وطبقاً للمتعارف عليه في العلاقات الدولية له أسسه وقواعده، وقد يكون ما يهددك أنت لا يمثل لي أي تهديد وقد يكون هدف التهديد خلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار للتحفيز علي المشاركة في عمل معين يحقق مصلحة أحد الأطراف أو أكثر. نحن نرحب بالتوجهات الجديدة للرئيس أوباما وإدارته في التعامل مع ملف إيران النووي من خلال الحوار، ونتطلع لتجاوب إيران مع الدعوة للحوار مع مجموعة 5+1.. إيران طرف من أطراف معاهدة منع الانتشار ولها الحق - مثلنا وباقي أطراف المعاهدة - في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.. علي إيران أن تثبت الطابع السلمي لبرنامجها النووي، وعلي المجموعة الغربية أن تبدي المرونة اللازمة مادامت إيران أثبتت حسن نواياها.. كما أن أي تعامل دولي مع ملف إيران النووي لن يكتسب المصداقية ما لم يقترن بتعامل مماثل ومواٍز مع قدرات إسرائيل النووية.. فهي ليست طرفاً في معاهدة منع الانتشار ولا تخضع منشآتها النووية لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
هذا هو موقفنا الصريح والواضح.. ونحن نرفض شكلاً وموضوعاً محاولة الإيحاء بأن مصر تقف مع الغرب وإسرائيل في خندق واحد ضد إيران.. ونحن رغم رفضنا بعض التوجهات والسياسات والتصرفات الإيرانية ومحاولة تحقيق مصالحها علي حساب مصالح وهوية المنطقة العربية لكننا نرفض توجيه ضربة عسكرية لإيران بحجة ما تشكله القدرات النووية الإيرانية من خطر وتهديد علي الشرق الأوسط وأوروبا وهذا موقف ثابت وواضح أبلغناه أكثر من مرة للإدارة الأمريكية السابقة والحالية ولقادة إسرائيل، لأن مثل تلك الضربة سوف تجر المنطقة لحافة الهاوية لحالة متردية من التوتر وعدم الاستقرار لا يمكن لأحد السيطرة عليها أو التنبؤ بالمدي الذي ستصل إليه تداعياتها.
المسألة في تصورنا تحتاج لوضع المشكلة في حجمها وسياقها الطبيعي مع نوع من المرونة والحوار وحسن النوايا وبناء الثقة والتسليم بضرورة إخلاء منطقة الشرق الوسط كلها دون استثناء من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل بما في ذلك إسرائيل، وأنا بحكم خبرتي العسكرية ومسئوليتي السياسية أعلم أن الأسلحة النووية لا تحقق أمناً ولا تمنع عدواناً ولا تخلق مكانة إقليمية.. وبدون إدراك كل ذلك فإن الشرق الأوسط قد يشهد سباقاً للتسلح النووي لا داعي له.. ولا تحمد عواقبه.
قوات حفظ السلام
-- تشارك مصر بحجم كبير من القوات في مهام حفظ السلام الدولية في أكثر من دولة..
ما رؤية سيادتكم لمغزي ومحددات اشتراك مصر في تلك المهام؟
قواتنا المسلحة هي إحدي أهم دعائم قوة الدولة.. والدعامة الأساسية في حماية أمننا القومي وعندما يتعلق الأمر برجالها وهم بعض من خيرة أبناء الشعب فنحن نعتبرهم أمانة في أعناقنا وبصفتي رئيساً للجمهورية والقائد الأعلي للقوات المسلحة فإنني حريص علي أن نوفر لهم أفضل الإمكانات والاحتياجات تدريباً وتسليحاً وعتاداً.. وحريص علي عدم الانزلاق لما يخاطر بأرواحهم إلا دفاعاً عن أرض مصر ومصالحها العليا.. وتذكرون أنني رفضت المشاركة في قوات التحالف الدولي خلال وبعد غزو العراق لأننا لا نقبل أن يرفع سلاح جندي مصري في مواجهة مقاتل أو مواطن عربي، ورفضت أيضاً طلب بعض القوي الدولية المشاركة في التحالف الدولي في أفغانستان لأنني وشعب مصر لا نقبل أن يرفع جندي مصري سلاحه في مواجهة مواطن أو جندي مسلم، وعندما شاركنا في تحرير الكويت فإننا قمنا بذلك من أجل بلد عربي وشعب شقيق وبموافقة البرلمان المصري..
ونحن بصفة عامة لا نقبل المشاركة بقوات خارج عمليات الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، فمصر تعتبر قواتها المسلحة إضافة للأمن والسلم الدوليين ورصيداً للشرعية الدولية من خلال مشاركتها في عمليات حفظ السلام.. وقد بلغ حجم القوات المصرية المشاركة في عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام 5139 فرداً لتحتل مصر المرتبة الخامسة من بين 117 دولة تشارك في عمليات الأمم المتحدة لفرض وحفظ السلام والأمن الدوليين، وهو ما أكسب مصر ثقة الأمم المتحدة والعالم وينعكس بالإيجاب علي سياستنا الخارجية وعلاقاتنا مع دول العالم باعتبارنا دولة من الدول المؤسسة للأمم المتحدة والداعمة للسلم والأمن الدوليين.. ثم إنني كقائد أعلي للقوات المسلحة أتخذ قرارالمشاركة في أي عمليات لحفظ السلام بعد دراسة متعمقة لمختلف أبعادها السياسية والعسكرية تضع في اعتبارها ما تحققه لأمن مصر القومي في صلته الوثيقة بالأمن الإقليمي لمنطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا.
فمصر بحكم موقعها الجغرافي ومن وجهة النظر الاستراتيجية لها دوائر أمنية متعددة أعطتها القدرة علي الحركة في اتجاه القارات الثلاث أفريقيا وآسيا وأوروبا، وهو ما يدفعها لتأمين مصالحها الحيوية وأمنها القومي سواء في الدائرة العربية والأفريقية المباشرة أو الدائرة الإقليمية بما في ذلك أمن الخليج والبحرين الأحمر والمتوسط أو دائرة حزام الأمن الإقليمي في صلتها بالأمن الأوروبي أو الدائرة العالمية والأمن الأوروأطلنطي، وبالتالي فإن مشاركة قواتنا المسلحة ورجال الشرطة حالياً في سبع عمليات لحفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في أفريقيا تأتي في إطار تحركنا لحماية أمن مصر القومي ومصالحها العليا باستخدام قواتها المسلحة التي أصبحت تتمتع بسمعة طيبة وتقدير وثقة واحترام الأمم المتحدة ودول العالم، وهو ما ينعكس بالإيجاب علي مصر ويسهم بدور كبير في خطط تطوير وتحديث قواتنا لتظل قوية ومتطورة ورصيداً للأمن والسلم الدوليين والشرعية الدولية.
-- تطورات الوضع الإقليمي الراهن وهشاشته واختلال النظام الدولي وضعف نظام الأمن الجماعي يدفعنا للحديث عن قواتنا المسلحة وما تمثله لمصر ولشعبها وضرورة مواصلة تطويرها وتحديثها لتظل قوية وقادرة علي نحو ما تؤكدونه دائماً وتحرصون عليه..
هل من تعقيب سيادة الرئيس؟
مصر عندما اختارت طريق السلام العادل والشامل أثبتت أن السلام في الشرق الأوسط ليس مستحيلاً.. وكان اختيارها هذا نابعاً من إيمانها بأن الحروب المتتالية التي خاضتها منذ عام 1948 استنزفت دماء وأرواح مئات الآلاف من الشهداء والجرحي وتحملنا بسببها تكاليف باهظة كانت لها آثارها السلبية علي بنيتنا الأساسية وعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، مصر خاضت هذه الحروب من أجل القضية الفلسطينية ودفاعاً عن الأرض والكرامة الوطنية، وبعد حرب أكتوبر 73 واسترداد شرف الوطن وكبريائه ورفع علمه فوق سيناء، أصبح ممكناً أن تجنح مصر للسلم وأن تختار السلام العادل، وهو سلام نحرص عليه ونلتزم به طالما بادلتنا إسرائيل حرصاً بحرص.. والتزاماً بالتزام.. ونأمل أن يتسع ليصبح سلاماً شاملاً يقيم الدولة الفلسطينية ويحرر كل الأراضي العربية المحتلة.
والسلام بهذا المعني هو مصلحة مصرية لأن المعني المباشر للسلام لدي المواطن المصري هو أن يتحقق الأمن والاستقرار له ولأسرته ومجتمعه، وأن يجد كل مواطن فرصة عمل له ولأبنائه.. وأن يجد خدمات أفضل وأن تتاح له الظروف الملائمة للتنمية والحياة الكريمة.. والمصلحة المصرية في السلام لا تتحقق إلا من خلال عاملين:
العامل الأول
قدرتنا علي حماية هذا السلام وصيانته، وهذا يتحقق بقوات مسلحة قوية وقادرة.. تردع العدوان وتحمي السلام، والقوات المسلحة القوية هي المتطلب الرئيسي لتحقيق التوازن القوي اللازم لصون السلام والحفاظ عليه وضمان استمراره، وقواتنا المسلحة ستظل حصناً منيعاً لمصر ردعاً للعدوان ودرعاً للسلام وستظل قوية بأبنائها مستعدة علي الدوام لبذل الدماء والأرواح فداءً للوطن.
إصرارنا علي أن يكون لدينا قوات مسلحة قادرة وقوية يجسد قناعتنا بأهمية حماية السلام وصموده في مواجهة كل المتغيرات والظروف والتحديات.. عزة مصر كانت دائماً وعلي امتداد تاريخها من عزة جيشها، ودور مصر الريادي بحكم التاريخ والجغرافيا السياسية فرض أن تكون لدينا قوة عسكرية قادرة علي حماية السلام ودعم الاستقرار والدفاع عن أرض الوطن، لم تعرف مصر عبر تاريخها الميل للعدوان أو الرغبة في التوسع الإقليمي والهيمنة والسيطرة أو الاستحواذ، وقناعة مصر بأهمية الحفاظ علي قوات مسلحة قادرة وقوية تجسد حضارة مصر وعراقتها، لأن القوة التي نتحدث عنها ليست قوة عدوان أو توسع أو هيمنة وتهديد أو لمحاولة فرض الأمر الواقع، ولكنها القوة الرشيدة الحامية للأرض والسلام وأهدافنا وغاياتنا ومصالحنا القومية، وهي القوة التي توفر الظروف المواتية لتنمية بلدنا وتطوير مجتمعنا، وتشارك في الحفاظ علي السلم والأمن الدوليين كرصيد مشرف للشرعية الدولية.
العامل الثاني
وهو أن الأمن القومي في جوهره قضية وجود، والأمن القومي لأي دولة يعني تحقيق الأمن والأمان للوطن والمواطن بالحفاظ علي بقاء الدولة متمتعة بكامل سيادتها علي أراضيها واستقلال إرادتها.. بمجتمع متماسك ووحدة وطنية صلبة.. في مأمن من أي أطماع أو تهديدات خارجية أو داخلية، ولما كانت قوي الدولة الشاملة هي أدوات تحقيق سياستها العامة فإن قدرة الدولة تقاس بمدي قوة وكفاءة قواها الشاملة شعباً واقتصاداً وجيشاً.. ومدي مهارتها في استخدام مصادر قوتها في تنسيق كامل وفقاً لقدرات وإمكانات كل منها لتحقيق مصالحها الاستراتيجية وتلبية مطالب أمنها القومي، فلا يمكن الفصل بين عناصر قوي الدولة أو الاعتماد علي أحدها فقط، وبشكل عام المدخل الطبيعي لتحقيق الأمن القومي للدولة هو الاعتدال السياسي من خلال العلاقات الدولية المتوازنة..
والسعي لتحقيق السلام الذي يؤمن مسيرة النمو والتنمية والتقدم مع توفير القدرة العسكرية الرادعة القادرة علي حماية السلام وضمان الاستقرار، و دور القوة العسكرية والقوات المسلحة لا يقل أهمية في زمن السلم عنه في زمن الحرب، ولا مبالغة في أن السلام واستمراره والاستقرار والتنمية رهن بتوافر القوة وامتلاكها للمحافظة علي استقلال الدولة وسلامة أراضيها وحماية الشرعية الدستورية مع الاستعداد لتقديم المساعدة والدعم للدول العربية الشقيقة والدول الأفريقية عندما يطلب منا ذلك، فقواتنا المسلحة لابد أن تظل قوية ومتطورة لتكون دوماً الدرع الواقي لمصر الذي يحقق لها القوة والمنعة والكرامة ويحقق لمنطقتها السلام والاستقرار.
العمق الاستراتيجي
-- الموقف في السودان خاصة جنوبه ودارفور يثير المخاوف للارتباط العميق بما يحدث في السودان بالأمن القومي المصري خاصة أن السودان يمثل عمقاً استراتيجياً لمصر..
فما تقييم سيادتكم للوضع في السودان بناء علي جهود سيادتكم من أجل استقرار السودان وتحقيق المصالحة الوطنية بين أبنائه؟
السودان يمثل بالفعل عمقاً استراتيجياً لمصر، وهناك علاقة تاريخية بين الشعبين وهناك ارتباط وثيق بين الأمن القومي المصري والسوداني، وكل ما يحدث في السودان يؤثر علينا ونهتم به بطبيعة الحال، ولهذا فجهودنا مستمرة لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة بين أبناء السودان الواحد بما يحفظ استقراره وسيادته ووحدة أراضيه ونواصل اتصالاتنا بالحكومة السودانية وزعماء الفصائل في دارفور ونتعامل مع جميع أبناء السودان كأشقاء متساوين دون تفرقة أو تحيز أيا كانت انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو القبلية ونشارك في قوات حفظ السلام الدولية في جنوب السودان وفي دارفور، وأعتقد أن الوضع في دارفور يشهد تحسناً ملموساً علي الأرض، وهو أفضل بكثير عما كان عليه خلال العامين الماضيين باعتراف الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور ومختلف القوي الدولية والمبعوثين الدوليين والأفارقة ودوائر المراقبين.. مصر تواصل جهودها واتصالاتها.. والإخوة في ليبيا وقطر يبذلون جهوداً مماثلة.. ويبقي علي زعماء فصائل دارفور أن يعملوا من أجل السودان وشعبه بعيداً عن المصالح الذاتية قصيرة النظر.. كما يتعين تحقيق المصالحة بين الجارتين السودان وتشاد، لأن ذلك سيعجل بإغلاق ملف الأزمة في دارفور.
أما عن الوضع في جنوب السودان فنحن مع التنفيذ الأمين لاتفاق السلام الشامل.. مع توخي الحذر في عواقب استفتاء تقرير مصير الجنوب عام 2011، نحن نتابع بالكثير من القلق الاشتباكات القبلية في جنوب السودان، ونتحسب من أن يسفر الاستفتاء عن انفصال الجنوب، فيؤدي ذلك لتفاقم المواجهات القبلية بما يزعزع استقرار الجنوب والسودان بصفة عامة بل منطقة البحيرات العظمي الأفريقية بأكملها. مصر تحتفظ بعلاقات وطيدة مع السودان شماله وجنوبه، ونثق في قدرة أبنائه علي تحقيق المصالحة الوطنية ونحن من جانبنا نسهم في تمويل وتنفيذ العديد من المشروعات التنموية في مجال شبكات الكهرباء في مدينتي جوبا و واو.. ونمضي في إنشاء محطات كهرباء مماثلة في ثلاث مدن أخري، بالإضافة لإقامة فرع لجامعة الإسكندرية وعدد من المشروعات في مجال التعليم والرعاية الصحية والتدريب.. لترسيخ خيار الوحدة وليس الانفصال لدي إجراء استفتاء الحكم الذاتي بعد عامين.
الأزمة المالية ومحدودي الدخل
-- الأزمة المالية والاقتصادية التي اجتاحت العالم والتي دخلت به مرحلة ركود ألقت بتداعياتها علي معدلات الاستثمار والنمو ومستويات العمل والتشغيل وأثرت علي الشعوب بالعديد من الدول النامية والمتقدمة علي السواء..
كيف تري سيادتكم تأثير تلك الأزمة علي مصر ومدي نجاح سياسات الدولة من أجل التخفيف من آثارها علي المجتمع المصري؟
من حق الشعب المصري أن يعرف الحقائق كاملة دون تهوين أو تهويل، ولكن قبل التطرق للأزمة المالية والاقتصادية وتداعياتها علي مصر والمصريين.. أريد أن أؤكد عدة نقاط أساسية.. أولاها: أن الفقراء ومحدودي الدخل يحتاجون لمن يقف إلي جانبهم، وأقولها بكل صدق وصراحة أنا مع الفقراء ومحدودي الدخل في سعيهم لحقهم في الحياة الكريمة وسأظل منحازاً لكل ما ييسر لهم أعباء الحياة، وتعليماتي الدائمة للحكومة في كل الاجتماعات واللقاءات والزيارات الميدانية لتفقد وافتتاح أي مشروعات جديدة هي ضرورة أن يكون المواطن البسيط هو محل اهتمامنا فهو صاحب الفضل الأول فيما حققناه من إنجازات ولابد أن يكون المستفيد منها وأن يجني ثمار تحمله الأعباء والتضحيات خلال سنوات إعادة البناء والإصلاح وأن يطمئن علي مستقبل أبنائه وأحفاده.
إن أي قرار نتخذه هو لصالح المواطن المصري محدود الدخل، فعندما يعرض علي أي اقتراح أو مشكلة أو مشروع قانون أسأل أولاً عن مدي تأثيره علي المواطن البسيط وهل يسهم في تخفيف أعباء المعيشة عليه أم لا.. فالمواطن البسيط هو محور اهتمامي في التعامل مع قضايا الداخل وخلال زياراتي الخارجية.. أنا شخصياً أتابع معاناة الناس من الأسعار والمواصلات وتكاليف المعيشة يوماً بيوم وأعي تماماً شواغل الأسر المصرية في مواجهة مصاعب الحياة ومشكلاتها وتابعت علي مدار الساعة أزمة رغيف الخبز العام الماضي وأزمة الارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع الغذائية الأساسية حتي تراجعت.. وغيرها من الأزمات لمجتمع مصري يقترب سكانه من الثمانين مليون نسمة.
إننا والعالم منذ العام الماضي في مواجهة أزمة مالية واقتصادية حادة توالت تداعياتها علي كل دول العالم بما في ذلك هنا في مصر.
ما حققناه من سياسات الإصلاح الاقتصادي وما نفذناه من سياسات مالية ونقدية خلال السنوات الخمس الماضية ساعدنا في مواجهة الأزمة المالية العالمية دون خسائر تذكر.. المشكلة الحقيقية أن الأزمة المالية للبنوك ومؤسسات التمويل تحولت لأزمة اقتصادية طاحنة.. وأننا كغيرنا لا نملك الانعزال عما يحدث في العالم، ولم نكن بمنأي عن انعكاساتها علي صادراتنا من السلع والخدمات والاستثمار المحلي والأجنبي وتراجع إيرادات السياحة وقناة السويس وحصيلة الضرائب وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، إن هذه الأزمة تظل تحدياً جديداً علينا أن نواجهه كما واجهنا من قبل تحديات في الداخل والخارج، اليوم نواجه هذا التحدي باقتصاد عززت قوته خطوات الإصلاح وأصبح أكثر قدرة علي التعامل مع الأزمات.. صحيح أن معدل النمو تراجع من أكثر من 7٪ لنحو 4٪ إلا أننا لن نحيد عن طريقنا في برنامج الإصلاح الاقتصادي دون رجعة، إلي الوراء فقد وضعنا برنامجاً للانتعاش الاقتصادي باستثمارات 15 ملياراً في موازنة العام الماضي ومثلها في موازنة العام الحالي توجه للإنفاق في مشروعات البنية الأساسية والاستثمار الصناعي..
نبذل أقصي الجهد من أجل تشجيع الاستثمار المحلي والعربي والأجنبي لإتاحة المزيد من فرص العمل.. كما نعمل علي إتاحة المزيد من حوافز الاستثمار لرجال أعمالنا باعتبارهم مواطنين مصريين يوفرون فرص عمل للشباب ويسهمون في نمو اقتصادنا وتنمية مجتمعنا ودور الدولة لا غني عنه في وضع ضوابط لنظام السوق وآليات الاقتصاد الحر، فآليات السوق ليست هدفاً في حد ذاتها ولابد أن تراعي أوضاع المواطنين البسطاء والأبعاد الاجتماعية لعملية الإصلاح الاقتصادي، فالدولة لم ولن تتخلي عن مسئولياتها ودورها في التعامل مع الأزمة إلا أنه لابد أن نتحمل جميعاً المسئولية في مواجهتها.. فالدولة شعباً وحكومة لابد أن يكونوا في قارب واحد لمواجهتها واحتواء تداعياتها. أقول لشعب مصر بكل الصدق والصراحة كما تعودتم مني أن الأزمة سوف تتراجع إن عاجلاً أم آجلاً، بل وبدأت مؤشرات تراجع حدتها بالفعل.. وسنخرج منها ونحن أكثر قدرة علي جذب الاستثمار ومواصلة النمو وإتاحة فرص العمل وزيادة الدخول ورفع مستوي معيشة مواطنينا عاماً بعد عام.
السكان والتنمية الاقتصادية
-- تعتبر مشكلة زيادة السكان في مصر هي المشكلة الكبري التي تواجه الاقتصاد في مصر حالياً.. والأخطر في تأثيرها علي الأجيال القادمة..
فما رأي سيادتكم في ذلك؟
قضية السكان كانت في مقدمة القضايا التي أوليتها اهتمامي منذ الأيام الأولي لتولي أمانة المسئولية، والتنمية الاقتصادية تستوجب أن يكون عدد السكان متناسباً مع حجم السلع المنتجة والخدمات التي تقدم بافتراض الاستخدام الأمثل للموارد، إلا أن المعدل الحالي للزيادة السكانية يعوق جهود التنمية وسعينا لتغيير نوعية الحياة للأفضل لكل مصري ومصرية ويجعل طموحنا مقتصراً علي محاولة الوفاء بالاحتياجات المتزايدة لمواجهة الزيادة السكانية التي تلتهم ثمار التنمية أولاً بأول، وإذا استمر التزايد السكاني بالمعدلات الراهنة فسوف يؤثر تأثيراً مباشراً علي قدراتنا لتوفير المأكل والمسكن وفرص العمل والتعليم والخدمات الصحية وغير ذلك من ضرورات الحياة واحتياجات المواطنين، فمشكلة التزايد السكاني أصبحت مشكلة ضخمة لأجيال الحاضر والمستقبل..
خاصة مع استمرار زيادة معدلات المواليد وانخفاض معدلات الوفيات نتيجة لتطور خدمات الرعاية الصحية والتوسع في إتاحتها، ولابد لنا من تحقيق التوازن بين النمو السكاني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة عن طريق الارتقاء بخدمات تنظيم الأسرة ومواصلة نشر الوعي بها وتنفيذ البرامج الخاصة بالتنمية الشاملة علي مستوي الوحدات المحلية.. وتذكرون أنني دعوت في شهر يونيو العام الماضي لمؤتمر قومي للسكان لتجديد طرح هذه القضية باعتبارها إحدي القضايا الرئيسية في حاضر مجتمعنا ومستقبله، ولا أزال متطلعاً للمزيد من نشر الوعي بها وبانعكاساتها، خاصة من جانب رجال الدين والدعاة والمفكرين والمثقفين والكتاب.. كان شعار مؤتمرنا القومي العام الماضي "وقفة مصرية ومصيرية".. ولا أزال مقتنعاً بأن هذه الوقفة مع أنفسنا يتعين أن تتواصل وتستمر.
حقوق تاريخية
-- هناك تدخلات لبعض الدول للتأثير علي دول حوض النيل مما قد يسبب أحد التهديدات الرئيسية علي منابع النيل شريان الحياة في مصر..
ما تقييم سيادتكم للموقف ونظرة سيادتكم المستقبلية لتأمين هذا الشريان؟
مياه النيل هي قضية أمن قومي مصري، وعلاقتنا بدول حوض النيل علاقات أخوة وتعاون، ونسعي دائماً إلي تدعيمها، ونحن نقدر ظروف كل دولة من دول الحوض ونعمل علي أن يكون نهر النيل مجالاً للتعاون وليس التنافس وذلك في إطار مبادرة حوض النيل.. وخلال المؤتمر الأخير الذي عقد بالإسكندرية والخاص بالاتفاق الإطاري بين دول الحوض كان هناك توافق في الآراء حول أهمية تذليل الخلافات في وجهات النظر بالمزيد من المشاورات خلال الأشهر الستة القادمة.
وعموماً لابد أن نعلم أن حقوق مصر في مياه النيل هي حقوق تاريخية وثابتة لا يمكن المساس بها بأي حال من الأحوال.. ومصر لديها القدرة علي إقناع أشقائنا بدول حوض النيل بحقوقها وبفوائد التعاون من أجل تنمية قدراتها من أجل الاستخدام الأمثل لمياه النيل في تنمية كل دول الحوض ولخير شعوبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.