يبدو أن دان براون الذي كان حديث العالم عندما أصدر روايته "شفرة دافنشي"، لن يتوقف عن إثارة الجدل بخلطه التاريخ بالأدب، وبالتطرق لعدد من الحقائق المثيرة، وهو ما واصله في روايته الجديدة "الرمز المفقود". "عام 1991، تم حفظ وثيقة في خزينة مدير وكالة الإستخبارات المركزية، ولا تزال تلك الوثيقة هناك حتي اليوم، يتضمن نصها الخفي إشارات إلي بوابة قديمة وموقع غير معروف تحت الأرض، وتحتوي الوثيقة أيضا علي عبارة (إنه مدفون هناك في مكان ما)". بهذه الحقائق المثيرة يبدأ دان براون روايته الجديدة "الرمز المفقود"، مؤكدا لقارئه أن كل المنظمات المذكورة في الرواية موجودة فعليا، بما فيها الماسونية، والكلية غير المرئية، ومكتب الأمن، ومعهد العلوم العقلية، مشيرا إلي أن أي طقس أو علم أو عمل فني أو معلم أثري ورد في روايته، حقيقي بالكامل. بالرغم من أن غلاف الرواية في الطبعتين الأمريكية والبريطانية مختلف إلا أن الجدل المثار حولهما واحد، ففي الطبعة الامريكية يظهرعلي الغلاف قبة "الكابيتول" وهو المبني الذي يجتمع فيه كونجرس الولاياتالمتحدة والسلطة التشريعية للحكومة الفيدرالية، كما يظهر علي الغلاف أيضا ختم بالشمع الأحمرمطبوع عليه رقم 33 داخل مثلث أسفله عبارة" Ordo ab Chao"، وهي كلمة لاتينية معناها "النظام من الفوضي" وفي الخلفية عنقاء برأسين -وهي من الرموز الفريدة للغاية في الماسونية- والختم بما يحمله من رسوم ورموز هو ختم الشعيرة الأسكتلندية التي تعد طقسا من طقوس عديدة يمارسها الماسونيون حول العالم. أما الطبعة البريطانية من الكتاب فتشير بصورة أوضح للفكرة، إذ يضم مفتاحا من نار عليه "مربع وبوصلة" وهو الرمز الذي يميز الماسونية، فضلا عن صورة أكبر لقبة الكابيتول، في إشارة صريحة لسيطرة الماسونية علي مركز التشريع في الولاياتالمتحدة. لا يتوقف دان براون عن إثارة التكهنات، وخلط التاريخ بالأدب، إذ ينتقد بحدة التعصب الديني الذي قد يدفع بعض الماسونيين إلي شق فم المرء من الأذن للأذن لمجرد عدم التوافق، كما تشير فصول الكتاب البالغ عددها 133 فصلا إلي سيطرة الماسونية علي الحكومات الأمريكية الأولي والأخوة الماسونية السرية القديمة التي امتدت لقرون لتربط بين العديدين من رؤساء أمريكا بما فيهم جورج واشنطن وتيدي روزفلت وهاري ترومان. الكتاب في كثير من مقاطعه يؤكد أن الكاتب لم يكن من المعجبين بإدارة جورج بوش، ومع ذلك فإن براون الذي يرفض إبداء أي رأي في أوباما، كان قد انتهي نهائيا من كتابة روايته قبل انتخاب الرئيس أوباما، حيث تصور البعض أن الكتاب دعاية للأخير وتدعيم لسياسته القائمة علي تغيير المواقف تجاه الدين. وبالطبع أثار الكتاب استياء العديد من الماسونيين حول العالم، إذ يظهرهم في صورة شريرة قبيحة، وفي أول رد فعل للكتاب، قرر الباحث مارك كولتكو ريفيرا تأليف كتاب مضاد يرد فيه علي دان براون، ويدافع فيه عن الرموز التي وصفها بالسامية في الماسونية، في كتاب جديد بعنوان "اكتشاف الرمز المفقود".