حلم العثور علي الكنوز الأثرية الذي سيطر علي عقول أعداد غير قليلة من الشباب وأصبح هو الهدف الأول في حياتهم لتحقيق الثروة والذي وصل لحالة من الهوس الأمر الذي تهون معه حياة الباحثين عن تلك الثروة وتصبح بلا قيمة، وهذا الهوس الذي أدي في الآونة الأخيرة لوقوع العديد من الحوادث المؤسفة نتيجة البحث والتنقيب العشوائي عن الآثار وكانت نتيجتها سقوط العشرات من الضحايا أثناء عمليات الحفر والتي في الغالب لا تسفر عن العثور علي شيء يذكر أو الوقوع في براثن الأوهام التي يسوقها لهم عدد من النصابين والدجالين وفي الغالب تكون النهاية خلف القضبان. وآخر هذه المآسي ما شهدته منطقة كرداسة خلال الفترة الماضية عندما تجمع عدد من الشباب في عملية تنقيب عن الآثار داخل منزل بالمنطقة الأثرية بكرداسة وبعد حفر امتد في عمق الأرض إلي أكثر من 17 مترا انهارات الرمال علي اثنين من الشباب مما أدي لمصرعهما في الحال، ولم يجد زملاؤهما وسيلة للتخلص منهما سوي ردم الرمال عليهما مرة ثانية ثم قاموا بوضع مجموعة من الحجارة ثم الأسمنت وإغلاق الحفرة إلا أن أجهزة البحث الجنائي بأكتوبر توصلت إلي أن ستة أشخاص من شركاء الضحايا هم الذين قاموا بدفنهما عند ذلك تم إخطار اللواء أحمد عبدالعال مدير مباحث أكتوبر الذي أمر بسرعة التوصل إلي المتهمين الستة وتم تحديد أماكن اختفائهم، ألقي القبض عليهم وتم استخراج الجثتين بعد صعوبات بالغة نظرا للعمق الشديد الذي قام الضحايا بحفره قبل أن يموتا داخل الحفرة. المتهمون الستة أدلوا باعترافات مثيرة بأنهم لجأوا إلي الحفر في هذا المنزل بعد أن أخبرتهم إحدي الدجالات بوجود كنز أثري قيمته ملايين الجنيهات مما دفعهم إلي الحفر علي هذا العمق حتي يحصلوا علي الكنز المزعوم إلا أن الأمر انتهي بمأساة وليس هذا شأنهم وحدهم بل شأن المئات غيرهم من الشباب الذين يقعون ضحايا للنصابين والدجالين الذين يستغلون حلم كل شاب بالحصول علي الثروة بإيهامهم بأنه يوجد بحر من الآثار أسفل منزل بالمنطقة الأثرية وهنا ينفق هؤلاء الشباب المال في محاولة للحصول علي هذه الكنوز خاصة أنهم قد شاهدوا مجموعة من الأشخاص العاديين بل والخفراء الذين تحولوا في أيام معدودة إلي أثرياء بل أصبحوا في ثراء فاحش نتيجة لاتجارهم في الآثار وحصولهم عليها عن طريق التنقيب وهو ما دفعهم للتضحية بكل نفيس حتي بحياتهم، وقبل أن يمر يوم واحد علي ضبط المتهمين الستة في هذه الجريمة كان هناك شابان آخران قد لقيا حتفهما بنفس الطريقة أثناء تنقيبهما عن الآثار داخل منزل بالمنطقة الأثرية بأسيوط وقد قام شركاؤهما بالهروب عندما انهارت الرمال عليهما. كما شهدت محافظة المنيا أيضا مصرع ثلاثة أشخاص أثناء قيامهم بالتنقيب عن الآثار فانهارت عليهم الرمال بنفس الطريقة الأمر لم يختلف كثيرا عما شهدته كرداسة جنوبالجيزة عندما لقي شاب مصرعه في أثناء الحفر داخل منزله للبحث عن الآثار، أما منطقة أطفيح فقد لقي فيها أربعة من الشباب مصرعهم عندما قاموا بالتنقيب عن الآثار بمنزل أحدهم بالمنطقة الأثرية. وشهدت أيضا المنطقة الأثرية بسقارة حادثا مماثلا عندما لقي مزارع مصرعه وقام زملاؤه أيضا بدفنه داخل المنزل إلا أن أحد شركائهم قام بإبلاغ الشرطة. "مناطق يصعب السيطرة عليها" مسئول أمني رفيع المستوي بشرطة الآثار أكد أنه علي الرغم من أن الأمن يواصل حملاته المستمرة علي المناطق الأثرية إلا أن المناطق الأثرية شاسعة ولا يستطيع الأمن السيطرة عليها بالكامل نظرا لأن جميعها بالمناطق الصحراوية، مؤكدا أنه للأسف الشديد أن مجموعة من الخفراء الذين يعملون بهذه المناطق يكونون علي علاقة وطيدة بتجار الآثار ويسهلون لهم عمليات الحفر والتنقيب ويتم ذلك في حراستهم ويقتسمون معهم الأموال. ويضيف أن هناك مجموعة من المنازل بل قري بالكامل تم بناؤها فوق مناطق أثرية وهو ما يجعل التنقيب عن الآثار واستخراجها سهلاً ويسيرا دون أن يشعر أحد وليس أدل علي ذلك مما حدث منذ أربع سنوات بمنطقة البويطي بالوحات البحرية عندما تبين أن مجموعة من الأشخاص يقومون ببيع التماثيل الأثرية النادرة بملايين الجنيهات وكانت المفاجأة أن أسفل هذه المنطقة كان هناك معبد أثري وأن أهالي القرية قاموا ببيع التماثيل التي بداخله نظرا لاعتقادهم بأن ما يوجد أسفل منزلهم ملك لهم وليس للدولة. "شباب صغير السن" ويضيف المسئول الأمني أن معظم الشباب الذين يلقون مصرعهم في مثل تلك الحوادث هم شباب من مقتبل العمر ليس لديهم الخبرة في عمليات الحفر، فغالبا ما تنتهي مغامراتهم بالهلاك علاوة علي أن حداثة سنهم تكون كافية للنصب عليهم بحلم الثراء السريع، مشيرا إلي أن من بين كل ألف عملية حفر تكون هناك واحدة فقط والتي تسفر في النهاية بالعثور علي كنز أثري حقيقي. "معارك بالرصاص" ويضيف المسئول الأمني أن هناك معارك بالرصاص تتم بين تجار الآثار بسبب النزاع علي ثمن التماثيل الأثرية والتي تصل في بعض الأحيان من خمسة ملايين إلي خمسين مليون جنيه ثمن التمثال الواحد وهو ما جعل مجموعة كبيرة من الشباب يحاولون التنقيب والبحث عن هذه التماثيل بأي طريقة. "لا عقوبة علي التنقيب" ويكشف المسئول الأمني عن مفاجأة من العيار الثقيل بأن الأشخاص الذين يقومون بالحفر داخل منازلهم ليست عليهم عقوبة لأن القانون لا يجرم الحفر في المنزل وإنما يتم معاقبتهم في حالة واحدة وهي عند حيازتهم تماثيل أثرية والعقوبة تطبق فقط علي الحفر في المناطق الأثرية المعلومة لجهات الآثار والعقوبات تكون الحبس من ثلاث إلي سبع سنوات.