لا أدري ماذا تفعل وزارة البيئة ووزيرها الدكتور ماجد جورج علي وجه التحديد؟ شخصياً لم ألتقِ الوزير في أي مناسبة أو مكان ولو مصادفة وكنت أعتقد عندما تم تأسيس وزارة للبيئة في مصر أن بيئتنا ستكون أنظف بفعل الوزارة الجديدة، لكن الحقيقة أننا أصبحنا "بيئة خالص"، والحالة "بقت بيئة أوي" وليس سراً أن البيئة تدهورت بشدة منذ قررنا إضافة البيئة إلي حكومتنا. بحثت خلال الأسبوع عن نشاط الوزارة في ظل التدهور البيئي الذي نعيشه.وحاولت جمع معلومات عن الدكتور جورج من الصحف وتنقلت بين برامج التليفزيونات والفضائيات لألاحق تنقلاته ما بين المدن والأحياء التي تعاني أكوام الزبالة فلم أجد الوزير ولم أقرأ تصريحاً ولم أرَ مشهداً له وسط أهرامات الزبالة المنتشرة في ربوع مصر، ولم آر الوزير يعلن علي الملأ أن بلدنا أصبحت بيئة وأن وزارته تستنجد بالمولي الرحمن الرحيم أن يرحمها من ما فعله السفهاء من أبناء هذا الوطن فيها. فإذا كان هذا حال وزارة بيئتنا فهل نأمل في بيئة أفضل؟ الغريب أن قضية الزبالة "صفصفت" في نهايتها علي تقارير وأخبار تحمّل المحافظين أو رؤساء الأحياء أو الأخوة المسئولين عن هيئات نظافة وتجميل هذه المدينة أو تلك المسئولية عن بقاء الزبالة في أماكنها أما وزارة البيئة فهي براءة تماماً!!. ومع أننا جميعاً نعلم أنه لم يعد لدينا تنظيف وبالتالي لا يوجد لدينا أي تجميل، فإن وزارة البيئة استراحت وأراحت وهي تري أن دم الشعب وزع بين الموظفين الصغار في الأحياء والمدن ومسئولي التنظيف والتجميل. والغريب أن الوزراء الآخرين في الحكومة حين يتحدثون للفضائيات عن قضية الزبالة ذات العلاقة الوثيقة بالبيئة فإنهم لا يقتربون أبداً من وزارة البيئة بالخير أو الشر وكأنها غير موجودة علي الإطلاق، ربما لأن الوزارة معنا دائما بقلبها فقط وتشاركنا الإحساس بالمآسي دون أن يكون بين أيديها ما تقدمه لنا. وبما أن حياتنا أصبحت كلها بيئة في بيئة فإننا كنا نتصور مثلاً أن يكون لوزارة البيئة دور في تنظيف البيئة التليفزيونية مما أصابها من تدهور وأن تعترض مثلاً علي كل هذه القنوات الأرضية والفضائية التي تبث علينا هذه النماذج الركيكة من المسلسلات والبرامج وأن تسعي الوزارة الي دراسة هذه المواد "البيئة التليفزيونية" وتأثيرها علي البيئة النظيفة التي كانت سائدة من قبل لكن وزارة البيئة دائماً معنا بقلبها فقط. عموماً أكاد أموت من الضحك كلما رأيت إعلانات التوعية الخاصة بأنفلونزا الخنازير والتي تحث الناس علي اتباع قواعد النظافة العامة والخاصة والبعد عن الزحام ومنع العناق وتبادل القبلات وغسل اليدين كثيراً. ولا يشير أي إعلان من كل تلك الإعلانات من قريب أو بعيد إلي ضرورة القضاء علي الزبالة والعمل علي إزالتها أولاً بأول ومنع تراكمها. وأدركت أن الإعلانات تحوي ما هو مطلوب من المواطن ولا تتضمن أبداً ما يجب علي الحكومة فعله، والمواطن في مصر يمكن أن يغسل يديه وأن يتجنب العناق والقبلات ولا يعطس في وجوه الناس لكن الحكومة لا يمكنها أن تكون مثل باقي حكومات العالم بما فيها الحكومات في الصومال وبوروندي وجزر القمر وأن تضع نظاماً لإزالة الزبالة أولاً بأول، وطبعاً فإن وزارة البيئة معنا بقلبها تماماً ولا علاقة مباشرة لها بموضوع تافه كموضوع الزبالة، وتجارب الوزارة معروفة في مجال السحب السوداء التي أصبحت تزورنا كل سنة لتطمئن علي قلب الوزارة "الرهيف". في المقابل يبذل وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي مجهوداً في التعامل مع هجوم الفيروسات من أنفلونزا الطيور إلي خنازير وهو يتكلم كثيراً ويحذر دائماً ويناشد الناس وينصح المواطنين، وأنا بدوري أتحدث إليه وأحذره وأناشده وأنصحه بأن يكون جريئاً مباشراً، وأن يحمّل الحكومة التي هو عضو فيها المسئولية عن تفشي الزبالة وبالتالي الأمراض وانتشار الفيروسات إذا ما استمرت أكوام الزبالة علي حالها وأطالبه أن يعرض علينا ما كانت وزارة الصحة تنتظره من وزارة البيئة.. ولا أخفي اندهاشي من قدرة وزير الصحة علي أن يمنع نفسه من الصراخ في وجه المجتمع بأن لا جدوي من كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة الفيروسات طالما بقينا هكذا نعيش وسط زبالتنا وصرنا لا نفرق بن بيئة صحية وأخري "بيئة خالص". أما مشهد عمال النظافة الغلابة وهم يرتدون ملابسهم القذرة وعليها شعار "هيئة تنظيف وتجمل المدينة" فإنه بقدر ما يثير الضحك والسخرية فإنه أيضاً يثير الأسي والحزن ليس لدينا تنظيف ولا تجميل أصلاً وهل لدينا وزارة للبيئة بحق وحقيق؟