أحيانا لا تكون المشكلة عند الآخرين بل عندنا حن.. ومع هذا لا ندرك الحقيقة إلا متأخرا.. يحكي أن رجلاً كان خائفاً علي زوجته لأنها لا تسمع جيداً وقد تفقد سمعها يوماً ما. فقرر أن يعرضها علي طبيب إخصائي للأذن.. لأنه كان يعاني من صعوبة القدرة علي التواصل معها.. ففكر أن يستشير طبيب الأسرة قبل عرضها علي إخصائي. ذهب الزوج إلي طبيب الأسرة وشرح له المشكلة، فأخبره الطبيب بأن هناك طريقة تقليدية لفحص درجة السمع عند الزوجة.. وهي بأن يقف الزوج علي بعد 40 قدماً من الزوجة ويتحدث معها بنبرة صوت طبيعية، فإذا استجابت لك وإلا فاقترب إلي بعد 30 قدماً، فإذا استجابت لك وإلا اقترب 20 قدماً، إذا استجابت لك وإلا اقترب 10 أقدام وهكذا حتي تسمعك.. وفي المساء دخل الزوج البيت ووجد الزوجة منهمكة في إعداد طعام العشاء في المطبخ، فقال في نفسه: ها هي الفرصة سأعمل علي تطبيق وصية الطبيب.. فذهب إلي صالة الطعام وهي تبتعد تقريباً 40 قدماً، ثم أخذ يتحدث بنبرة عادية وسألها: "يا حبيبتي! ماذا أعددت لنا من الطعام".. فلم تجبه.. ثم اقترب 30 قدماً من المطبخ وكرر السؤال: "يا حبيبتي.. ماذا أعددت لنا من الطعام".. فلم تجبه.. ثم اقترب 20 قدماً من المطبخ وكرر السؤال: "يا حبيبتي.. ماذا أعددت لنا من الطعام".. فلم تجبه.. ثم اقترب 10 أقدام من المطبخ وكرر السؤال: "يا حبيبتي.. ماذا أعددت لنا من الطعام".. ولم تجبه أيضا. وهنا دخل الزوج المطبخ ووقف خلفها وكرر السؤال بجانب أذنيها: "يا حبيبتي.. ماذا أعددت لنا من الطعام؟".. فأجابته بهدوء: "يا حبيبي للمرة الخامسة أُجيبك.. دجاج بالفرن".. غالبا ما نظن في كل مشكلة أن السبب هو الآخرون، فهم الذين لا يسمعون ولا يفهمون ولا يجيبون.. ولأننا لا نضع الاحتمال بأن المشكلة قد تكون لدينا نحن، لا نتخيل أبدا أننا ربما نعاني من مشاكل في السمع.. ولا نظن أبدا أننا لا نفهم.. ونعتقد دائما بأننا نجيب الإجابة الصحيحة ونستجيب بطريقة صائبة.. ولأننا لا نضع احتمال أن نكون نحن المخطئين، نغضب من الآخر ولا نصبر لنسمع منطقه وحجته.. بل نحكم عليه بالخطأ كما حكم الزوج علي زوجته بالصمم دون أن يعرف أن الصمم مشكلته هو. وقد نواجه مثل تلك المواقف مع أطفالنا فنعتقد في معظم الأحيان أنهم مخطئون ونحن علي صواب، بينما يكون الأمر غير ذلك.. ولا أعني أن الكبار يخطئون.. عفوا.. ولكن للأطفال أحيانا منطقاً يفكرون به ونحتاج أن نسمعهم لنفهم لماذا يتصرفون هكذا ونتمكن من تعديل هذا الفكر.. بل تتكرر تلك النظرة لأنفسنا وللآخر عند اختلاف الثقافات، وحوادث السيارات، والمناقشات السياسية، والمجادلات العائلية. دعوة للتفكير قليلا في: المشكلة عند من بالضبط.. ؟ إذ إننا سنفاجأ بأنها كثيرا ما تكون عندنا نحن.