المنجي : الفتوى تسبب فيها نقيبهم لكنها صحيحة شرعًا د. حمدي السيد : الإعلام شوه الفتوى .. والتكافل بين أبناء المهنة ضروري أثارت فتوى د. على جمعة مفتي الديار المصرية جدلاً في الأوساط الطبية بفتواه التي أجاز فيها منح الأطباء الزكاة باعتبارهم من الفقراء ، وأعلن الأطباء غضبهم معتبرين أن الفتوى تحمل إهانة كبيرة لهم وتسيء للمهنة السامية. وما زاد من حدة الأزمة هو تأكيد نقيب الأطباء د.حمدي السيد على كلام المفتي بأنه يعلم حجم المعاناة بين أبناء مهنته الذين يعانون من ضعف رواتبهم بل وقيامه بالإعلان عن فتح باب التبرعات للأطباء من أبناء المهنة. مصر الجديدة طرحت التساؤلات حول الدافع وراء إيجاز هذه الفتوى وتأكيدها من قبل النقيب، ولماذا استقبلها الأطباء هكذا، والسطور التالية تحمل الإجابة: يوضح د. حمدي السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب أن ما نشرته وسائل الإعلام والصحف بخصوص الفتوى التي أصدرها فضيلة المفتي ليست كما نشرت، بل إن مضمون الفتوى يختلف تمامًا عن هذا والمقصد كان غير ذلك حيث إنه قصد جواز منح زكاة أعضاء النقابة من الأطباء إلى زملائهم الأطباء الذين هم في حاجة إلي الزكاة على أن يتم ذلك في هيئة معونة وتكافل فيما بينهم داخل النقابة فقط لأنه من واجب الطبيب مساعدة ومعاونة زميله وقت الحاجة كأنه من أقاربه وليس هناك أقرب من الزميل داخل العمل ولم يقصد جمع الزكاة من عامة الشعب للأطباء عليى الإطلاق لأن الطبيب ليس متسولا. ويرى د. سيد هيكل عضو مجلس النقابة العامة ومستشار الجراحة ببني سويف أنه هناك ما يسمى في النقابة بصندوق الرعاية الاجتماعية ومهمته دعم الأطباء في حالة الكوارث التي يتعرضون لها فكان لابد من تدعيم هذا الصندوق خارجيًا لأن وزارة الصحة لا تقدم أي مساعدة لهذا الصندوق ومن ثم جاءت فكرة تجميع الزكاة من الأطباء الميسورين إلى الأطباء الذين يعانون من مشكلات مادية مع الحفاظ علي كرامة الطب ومهنته وكان لابد من فتوى شرعية تجيز الزكاة لهذه الفئة وتؤكد علي جواز استحقاقها لهم موضحًا أنه حينما أراد نقيب الأطباء تحسين دخول الأطباء استخدم تعبير الزكاة كناية عن أشد مراحل الاحتياج والعوز التي وصلوا إليها، مؤكدا أنه لو طبقت هذه الفتوى بمعناها المقصود لتحققت الرعاية الاجتماعية لكافة الأطباء المحتاجين أصحاب المشاكل المادية المتعثرة بشتي صورها. يعبر الشيخ فرحات المنجي من علماء الأزهر الشريف عن فتوى بأن لها شقين: شق ديني وآخر اجتماعي، أما عن الاجتماعي فهي تعتبر عار في جبين الأطباء تسبب فيها نقيبهم وكان لا يصح أن يجعل نقيبًا من منسوبيه مضغة في الأفواه ويقلل شأنهم مهما كانت الأسباب علاوة علي أن هذا الوضع لم يلق قبولا وموافقة من أي طبيب. وأضاف : من الناحية الشرعية فإن مصارف الزكاة معلومة ومعروفة فإذا كان الفقير أو حتى وزير، فيستحق الزكاة لذا فالفتوى صحيحة لأنه يوجد أطباء فقراء لا يقدرون علي العيش بصورة كريمة. وأضاف : وصف الفقراء والمساكين ينطبق علي أي شخص مهما كانت مهنته وطالما يستحق الزكاة ويعتبر من الأصناف الثمانية الذين ورد ذكرهم في الاية الكريمة قوله تعالي "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها.. إلى آخر الآية ويؤكد د. عبد الرحمن محمد طبيب بقسم الجراحة بمستشفي الحسين الجامعي أن نقابة الأطباء تعد من أنشط النقابات وأكثرها فاعلية في الحياة العامة المصرية منذ منتصف الثمانيات من القرن العشرين وهي تضيف الكثير شأنها شأن غيرها من النقابات والهيئات و الجمعيات الرسمية ضمن مؤسسات المجتمع المدني وتمارس نشاطها طبقًا لنظام أساسي أو قانوني فيما يتعلق بالشئون الخاصة بالمهنة ومصالح أعضائها ومن أجل ذلك كان من واجبات النقابة نحو الأطباء أن تساهم في حل مشاكلهم ورفع المستوي المادي لهم ولكن بطريقة تناسب مكانة الطبيب في المجتمع تكون بالالتزام بتنفيذ قراراتها بزيادة حوافزهم حيث انه لا يتوقع وجود منظومة صحيحة وخدمة جيدة في مصر في ظل الأوضاع المالية المتدنية للأطباء. وعبر عن اعتراضه على الفتوى التي ترى أن تحسين أوضاع الأطباء المادية بإعطائهم الزكاة قائلا : إصلاح أوضاع الطبيب المادية لا يتم بهذه الصورة بعدما أصبحت نظره المجتمع للشخص المحتاج متدنية فكيف تكون النظرة للطبيب حينئذ وقبل كل هذا لا يجوز تحسين الأوضاع المعيشية بأسلوب تسول لأنهم بذلك يضعون الطبيب في مرتبه متسول بمهنة طبيب. ويشير د. أحمد محمد الشيخ مدرس أنف وأذن وحنجرة بجامعة الأزهر إلى أن نقيب الأطباء لم يقصد من هذا الكلام أحقية الأطباء في الحصول علي الزكاة لان مصارفها معلومة ومحدودة ولكن أراد أن يشير إلى الوضع المتردي الذي وصل إليه حال الأطباء بمعنى أن إذا نظرنا لوضع الأطباء فسنجد أن راتب الطبيب الحاصل علي الدكتوراة ويعمل في وزارة الصحة أقل من راتب عامل لا يقرا ولا يكتب في شركة بترول و في الوقت نفسه لديه التزامات كثيرة خاصة الملبس لان هذا من دواعي الوضع الاجتماعي الذي يفرضه الأمر الواقع عليه حتى يستطيع أن يكسب ثقة المريض من حسن مظهره وللأسف هذا لا يوفره راتبه، وهذا الأمر دفع نقيبنا للمطالبة لنا بهذه الأموال مؤكدًا أنه لابد أن يعاد للطب والأطباء هيبتهم واحترامهم فهم ليسوا اقل من كيانات كثيرة الدولة أخذت حقوقها كاملة. ويعترض الطبيب .ق .ح بإحدى المستشفيات الحكومية علي ما يحدث الآن من حرب شرسة بين مؤسسات ونقابات تتصارع بقسوة من اجل الاستحواذ علي تبرعات الميسورين وكأن الفقراء و المرضي وسائر المحتاجين هم الحطب الذي يتم إشعال النار فيه لأنه شيء لا يشوبه الرحمة والرأفة ومضيفا انه إذا كانت هذه المؤسسات والنقابات قد منحت نفسها وكالة جمع التبرعات فمن الذي منحها وكالة منح الفقراء والمساكين حقوقهم بهذه الصورة التي جاءت مخالفة لمبادئ الدين الإسلامي الثابتة في القران والسنة. ويعبر عن انزعاجه من ترويج المفتي لهذه الحملة بهذه الصورة موضحاً أنه إذا كانت هناك فئة تستحق الزكاة فالإسلام يدعونا إلي مد يد العون لها في سرية أما بالنسبة للأطباء لابد أن يأخذوا ما يكفيهم بدون دعاية فجة وبطريقة لائقة تحت مسمي آخر غير الزكاة ويري د. عاصم الشريف أستاذ الباطنة والجهاز الهضمي جامعة الأزهر أن الطبيب المصري عاش وما زال وسيظل صاحب مكانة اجتماعية رفيعة وحينما يجد الطبيب أجره متدني لا يوفر له حياة كريمة يستحقها فهو سرعان ما يبحث عن طريق لتحسين دخله وعلي الرغم من ذلك هذا شيء لا يجرح كرامته في شيء علي الإطلاق ولكن إن صح ما قيل من جواز استحقاقه الزكاة باعتباره من الفقراء المحتاجين فهذا أمر مرفوض ويؤدي إلى تدهور الوضع الاجتماعي له وليس المادي فقط.