ماهي فائدة ما فعل طارق نور في رمضان علي المناخ الإعلامي؟ كيف ستؤثر محطة (القاهرة والناس) في المزاج العام.. إذا واصلت نجاحها؟ كيف يسهم إلي جانب قنوات الحياة في إحداث تغيير نريده؟ أولاً: (القاهرة والناس): (تجربة فريدة حقًا)، ولو أنني لا أفضل أن اسمي مثل تلك الأعمال بأنها تجارب.. لسنا في معمل.. والمبادرة التي بدأها هذا الإعلامي الشهير جدًا لا يجب أن توصف بأنها تجربة.. فقد جرب كثيرًا جدًا.. وعرك مزاج الناس في مصر.. وجمع ما بين خبراته المتنوعة خصوصًا في مجال الإعلان.. وخبرته الخارجية السابقة علي عمله في بلده.. وإطلاعه المستمر.. وأنتج هذه القناة سريعة الإيقاع التي لفتت أنظار المشاهدين وصعدت في مرتبة مشاهدة عالية خلال أيام قليلة.. وهذا نادرًا ما يحدث. كمتابع، وقبل الاحتكاك المباشر بسبب ولوجنا في مجال الإعلام بتنويعاته، أرصد طارق نور منذ حملته الإعلانية الشهيرة (تيودور).. لعلكم تذكرون شعارها (أبحث عن وردة تيودور).. وبحث الجميع عنها إلي أن تم اكتشاف أنه معامل تحميض أفلام.. وبمضي الوقت أصبح طارق نور من بين خبراء الإعلان البارزين في المنطقة. المغامرة التي ذهب إليها طارق نور، من خلال القاهرة والناس، تمثل عملاً مختلفًا.. وغير مسبوق.. وهي تقدم رسالة إعلامية غير مباشرة.. مدنية.. بسيطة.. موضوعية.. وتدافع عن البلد بدون أن تخطب في خلق الله.. والأهم أنها بطريقتها سوف تؤثر علي الذوق الذي راج لسنوات وأجبر المشاهد عليه.. بحيث صار عليه أن ينتظر كل يوم جلسات (الشرشحة المسائية).. أما وقد جاء نموذج مختلف فإنني أعتقد أن الأمر سوف يتغير.. خاصة إذا أصبح حالة. والحالة تتبلور فعلاً.. وقد صنعت قنوات الحياة.. قبل ذلك طرازًا مختلفًا من التناول الإعلامي.. وساعدها في ذلك أنها لم تورط نفسها في أجندات مسبقة.. وإنها تخوض تنافسًا إعلاميا شريفًا.. وأنها تقدم وجبة شاملة من أجل المشاهد.. حتي أن كثيرًا من المصريين الذين كانوا يتابعون مجموعة قنوات »إم.بي.سي« لم يعودوا يفعلون ذلك.. علي الأقل في رمضان. ما الذي تقدمه الحياة من جانبها؟.. كمجموعة قنوات هي تقدم وجبة من التسلية اللطيفة سريعة الإيقاع.. التي يتزايد نضجها يومًا تلو آخر.. بحيث ينبسط مشاهدها.. وفي نفس الوقت تلبي له احتياجاته السياسية بقدر محسوب.. وبإيقاع منضبط.. لا يهدف إلي صناعة ثورة.. أو تحريض علي فوضي.. أو تصفية الحسابات عبر التليفزيون. هذا الذوق الجديد.. برافديه.. الفريد في حالة القاهرة والناس.. والشامل في حالة قنوات الحياة.. يفرضان علي قنوات البرنامج الواحد الانتباه.. وعلي قنوات الاكتئاب الليلي التيقظ.. لأن هناك وجبة مختلفة يتم تقديمها.. لا تسبب إحباطًا للناس وإن كانت تناقشهم.. ولا تثير قلقًا بينهم وإن كانت لا تخفي عنهم.. لا هي تدلس ولا هي تدعي الزعامة.. وفي ذلك يثير انتباهي كثيرًا إصرار طارق نور علي أن ينشر في إعلانات قناته أنها غير مسئولة عما يرد علي لسان ضيوفها من آراء وإنما هي تعبر عنهم وحدهم.. وتلك موضوعية مهمة. إن لقناة القاهرة والناس مذاقها.. كما أن لقنوات الحياة طابعها.. لكن أهم ما يجمع الرافدين هو إنهما مهنيتان جدًا.. وتقف خلفهما عقليات متسعة الأفق.. لا عشوائية.. ولا لخبطة.. ولا أثقال.. ولا أجندات مجهزة في الكواليس.. فأثقال السياسة أخطر بكثير علي العمل الإعلامي من أثقال الإدارات ذات الحسابات. وبالتالي هذه نماذج يجب أن نواصل تشجيعها وحمايتها.. باعتبارها طرحًا وإسهامًا من الإعلام الخاص.. يبني ويضيف ولا يهدم.. ويحقق لمصر بأساليب مختلفة وغير مدبرة تواجدًا كبيرًا.. ذلك أنني إذا كنت انتقد إعلام القطاع الخاص.. فقد قلت إنني لا أقف ضده بشكل مبدئي وإنما أمام تصرفات بعضه.. ومخططات بعضه الآخر.. مطبوع أو مرئي.
الموقع الإليكتروني: www.abkamal.net البريد الإليكتروني: [email protected]