جاء رمضان وعاد التوقيت إلي سابق عهده وعدنا نحن إلي قواعدنا سالمين بعد وضع نهاية سريعة للعمل بالتوقيت الصيفي هذا العام.. هذا ولم يستمر العمل بالتوقيت الصيفي المتقدم ساعة عن التوقيت الطبيعي إلا لمدة 16 أسبوعا.. وعادت الشمس تشرق في ميعادها وتغرب في ميعادها، وبالتالي يأتي الليل بظلامه في ميعاده الطبيعي أيضا.. وكان كثيرون قد امتنعوا عن ضبط ساعاتهم علي التوقيت الصيفي لأنهم عرفوا مسبقا بقصر موسمه هذا العام.. وآخرون تحدثوا عن إلغائه وبخاصة مع تقدم شهر رمضان ونزوحه نحو الصيف شيئا فشيئا في الأعوام المقبلة.. ويعتقد البعض بأنها فرصة ذهبية لإلغاء العمل بالتوقيت الصيفي تماما وعدم الرجوع لهذه الفكرة التي لم تغير كثيرا من واقع الحياة المصرية منذ بدأ العمل بها.. والواقع أن هذه الفكرة لم تضف أي جديد للواقع العملي اللهم إلا انشغالنا مرتين في العام بضبط جميع الساعات الشخصية، وساعات الحائط، وغيرها من كل أنواع الساعات مرة بالتقديم ومرة ثانية بالتأخير.. ونسيان البعض منا لتغيير الساعة وبالتالي فقدان بعض المواعيد أو الذهاب إليها مبكرا واتباع نظام توقيت مغلوط.. أما أهداف تغيير التوقيت فلا يتحقق منها شيئا.. ولا تعلمها من الأصل غالبية الناس.. هل كان من أهداف تغيير التوقيت استغلال ساعات النهار المضيئة لتوفير الطاقة؟ ربما.. ولكن هذا لا يحدث علي الإطلاق.. لأننا صرنا شعبا يحب السهر والليل وبخاصة في فصل الصيف لتجنب الحرارة الشديدة من ناحية ولاتفاق السهر مع روح الإجازات الصيفية من ناحية أخري.. وبالتالي كل مدننا ساهرة مضيئة مستهلكة للطاقة طوال الليل.. ولا ينشغل أحد بمسألة الساعة علي الإطلاق.. بل إذا قال أحدهم (كفاية سهر الساعة بقت واحدة) يرد آخر: (واحدة يعني اتناشر.. لسه بدري).. ومن المضحك أننا تكيفنا مع التوقيت الصيفي بتأخير مواعيد الأعمال بحيث تتناسب مع تقديم الساعة.. فالمحال التجارية التي تبدأ أعمالها الساعة العاشرة صباحا في التوقيت الطبيعي، تقوم بتأخير توقيت بداية العمل إلي الحادية عشر عندما يبدأ التوقيت الصيفي.. أليست هذه طرفة؟ إذا ما قيمة التوقيت الصيفي؟ وقس علي هذا كثيرًا من الأعمال، والعيادات، والمكاتب التجارية والقانونية، والمواعيد، والاجتماعات.. حتي توقيت تناول الوجبات في داخل البيوت يتأخر مع حلول التوقيت الصيفي، ويعود إلي سابق عهده بعد انتهاء العمل به.. وعند العامة من الناس لا يقاس الوقت بالساعة، إنما يقاس بمواقيت الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء.. بمعني أنك إذا طلبت أن يأتيك السباك مثلا، يقول لك (بعد المغرب كويس؟) أو (أنا مش هفضي إلا بعد العشا).. وبالتالي فالنتيجة واحدة وبعد العشا لا علاقة له بالساعة المتقدمة ولا بالتوقيت الصيفي في شيء.. من الواضح أن المطالبين بإلغاء العمل بالتوقيت الصيفي معهم الحق فيما يطلبون.. فلا يوجد سبب واضح لاستمرار العمل به، ولم يتحقق منه طوال السنوات الماضية أية فائدة تذكر..