تدق طبول حرب جديدة محتملة فى غرب القارة الإفريقية تقودها القوات المشتركة لمجموعة غرب إفريقيا «إيكواس» ضد الحكومة الانقلابية فى النيجر، والتى أطاحت برئيس البلاد محمد بازوم، بقرار من موسى سالو بارمو، رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة فى النيجر، الذى عينه المجلس الانتقالى، والذى وضع القوات المسلحة النيجرية فى وضع الاستعداد وفى حالة التأهب القصوى. وأوضح بارمو أن القرار اتخذ على خلفية التهديدات الملموسة بشكل متزايد بالعدوان على النيجر، وذلك لتجنب المفاجأة، وكذلك لضمان الرد المناسب. وأعلن المجلس العسكرى فى النيجر، توليه السلطة فى ال26 من الشهر الماضى، وبرر القائد السابق للحرس الرئاسى الجنرال عمر عبد الرحمن تيانى الإطاحة بالرئيس محمد بازوم بإخفاقه أمنياً واقتصاديا واجتماعيا، فى بلد يتوسط أفقر دول العالم ويعانى نشاط المجموعات المسلحة. وعقب الإطاحة بالرئيس محمد بازوم هددت «الإيكواس» بالتدخل عسكريا فى النيجر، وهو ما نددت به نيامى وشددت على أنه إعلان حرب. وشدد بيان المجلس العسكرى على أن أى عدوان أو محاولة عدوان على دولة النيجر سيشهد ردا فوريا ودون إنذار من قوات الدفاع والأمن النيجرية على أى عضو فى إيكواس باستثناء الدول الصديقة المُعلقة عضويتها، فى إشارة إلى بوركينا فاسو ومالى. ميدانيا، نشر الجيش النيجرى وحدات تابعة له فى شوارع العاصمة نيامى، كما شوهد تعزيز أمنى حول المقار الرسمية وذات الطبيعة السيادية. يتزامن ذلك مع استمرار فرنسا فى رفض سحب سفيرها، الذى اعتبره المجلس العسكرى الحاكم، شخصا غير مرغوب فيه، وأمهلته وزارة الخارجية النيجرية 48 ساعة لمغادرة البلاد. ومن المنتظر أن يشهد الميدان الرئيسى فى نيامى مظاهرة جديدة دعا إليها أنصار المجلس العسكرى لتأكيد رفضهم استمرار الوجود الفرنسى فى بلدهم، وتحدى التهديدات بالتدخل العسكرى التى أطلقتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا «إيكواس». ويلوح فى الأفق شبح الصدام العسكرى بين قادة الانقلاب فى النيجر و»إيكواس»، مع فشل المحاولات الدبلوماسية الحالية فى الوصول إلى حل وسط حتى الآن. وفى بيان ثلاثى للنيجر ومالى وبوركينا فاسو، قالت نيامى إنها سمحت للقوات المسلحة فى باماكو وواغادوغو بالتدخل على أراضيها فى حالة وقوع هجوم. ويعد هذا البيان مؤشرا محتملا على أن المجلس العسكرى فى النيجر يعتزم مواصلة مقاومة الضغوط الإقليمية للتخلى عن السلطة. وتعداد جيش النيجر أقل من 20 ألف عسكرى، 6 آلاف منهم يشكلون القوات الأكثر قدرة على القتال. ويعانى جيش النيجر من نقص كبير فى العربات القتالية المدرعة، بالإضافة إلى نقص فى القوات الجوية التى لا يزيد عدد طائراتها على 20 طائرة أغلبها قديم. ويصنف جيش بوركينا فاسو فى المرتبة رقم 121 فى العالم، ويحتل المرتبة ال26 إفريقيا والخامس بين جيوش التكتل. أما جيش مالى ففى المرتبة الثالثة بين جيوش المجموعة، وفى المرتبة 110 على مستوى العالم والمرتبة 21 إفريقيا. تداعيات تدخل بوركينا فاسو ومالى فى النيجر أصبح لدى جيشى بوركينا فاسو ومالى، رسميا الغطاء الشرعى والقانونى للتدخل فى نيامى حال تعرضها لهجوم من مجموعة «إيكواس»، عقب تفويض المجلس العسكرى فى النيجر جيشى البلدين بالتدخل العسكرى. وأعطى الانقلابيون العسكريون فى النيجر الضوء الأخضر لجيشى الجارتين بوركينا فاسو ومالى، اللتين تواجهان على غرار النيجر أعمال عنف إرهابية متكررة، للتدخل العسكرى فى النيجر فى حال وقوع هجوم من «إيكواس». نص التفويض وجاء تفويض النيجر لبوركنيا فاسو ومالى، فى ختام زيارة وزيرة خارجية بوركينا فاسو أوليفيا رومبا ونظيرها المالى عبد الله ديوب لنيامى حيث استقبلهما قائد الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تشيانى. ووفق بيان مشترك تلاه، عمر إبراهيم سيدى، الأمين العام لوزراة الخارجية النيجرية، فإن: • تسمح النيجر لقوات الدفاع والأمن فى بوركينا فاسو ومالى بالتدخل فى أراضيها حال وقوع عدوان ضد نيامى. • اتخاذ إجراء مشترك ضد المجموعات الإرهابية النشطة فى البلدان الثلاث وتأمين الحدود • أى تدخل بالقوة سيكون بمنزلة إعلان حرب على بوركينا فاسو ومالى. • تدخل «إيكواس» عسكريا سيؤدى إلى انسحاب بوركينا فاسو ومالى من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. • التدخل يدفعنا لتبنى تدابير للدفاع المشروع دعما للقوات المسلّحة والشعب فى النيجر. • عواقب كارثية لتدخل عسكرى فى النيجر من شأنه أن يزعزع استقرار المنطقة بأسرها، نرفض تطبيق «العقوبات»، «غير قانونية وغير مشروعة وغير الإنسانية ضد الشعب والسلطات النيجرية»، بحسب البيان. فيما تخشى مجموعة» إيكواس» انتقال عدوى الانقلابات إلى دول إفريقية أخرى، وأن إفشال انقلاب النيجر السد الأخير ضد الانقلابات التى عادت بقوة إلى إفريقيا، وتصر المجموعة على إفشال الانقلاب سلما أو حربا خشية إفلات المسئولين عن تلك الانقلابات من العقاب. ويقول الخبير الأمنى فى «إس بس إم إنتليجنس»، كونفيدانس ماكهاري، إن حل الأزمة هو «مسألة بقاء» لقادة المنطقة، مشيرا إلى أنه «إذا سُمح لمخططى الانقلاب بالإفلات من العقاب، ستعيش دول أخرى تحت تهديد الانقلابات». أبرز السيناريوهات المتوقعة لتداعيات هذا التدخل • خطر الحرب الأهلية حال تدخل «إيكواس» ومالى وبوركينا فاسو فى ظل استمرار قادة الانقلاب وما يتبع لها من وحدات رئيسية وأساسية بالسلطة ورفضها أى تنازل عنها لصالح الرئيس محمد بازوم. • المرجح أن أى تدخل عسكرى فى البلاد سيمنح روسيا مسوغا إضافيا للشراكة العسكرية فى كتابة مستقبل هذا البلد الإفريقى وهى فرصة يعمل الروس كثيرا من أجل الوصول إليها. • من غير المستعبد أن تصل التداعيات إلى كيان منظمة «إيكواس» نفسها، خصوصا إذا انسحبت منها دول معارضة للتدخل وهو ما سيفقد المنطقة آخر هيئاتها الفاعلة. • التدخل العسكرى يحمل تأثيرات سلبية كبيرة على مصادر الطاقة الفرنسية خصوصا أن فرنسا لا تملك أى مؤشرات على إمكانية نجاح هذا التدخل ما سيقلص حضورها الإفريقى. قال مصدر فى خارجية النيجر إن الأخبار المتداولة حول مطالبة النيجر من سفراء نيجيريا وألمانيا والولاياتالمتحدة بمغادرة نيامى ليست صحيحة، موضحا أن سفير فرنسا هو السفير الوحيد الذى طُلب منه المغادرة. فى سياق متصل، تراجع المجلس العسكرى فى النيجر عن تأكيد صحة وثيقة أمهلت سفراء الولاياتالمتحدة وألمانيا ونيجيريا 48 ساعة لمغادرة البلاد بعد مطالبته للسفير الفرنسى بالمغادرة، موضحا الاستناد لوثيقة مزيفة. وفى ردها على قرار المجلس العسكرى طرد سفيرها، أعلنت الخارجية الفرنسية أنه ليس مؤهلا للمطالبة بمغادرة السفير الفرنسى فى نيامى، وقالت الخارجية الفرنسية إن قرارات النيجر يجب أن تأتى فقط من السلطات الشرعية والمنتخبة. من جهتها، قالت الخارجية الأمريكية إن وزارة خارجية النيجر أبلغتها بأنها لم تصدر طلبا بمغادرة دبلوماسيين أمريكيين لنيامى، وأن واشنطن لم تتلق أى طلب رسمى من النيجر بشأن مغادرة بعض الدبلوماسيين الأمريكيين. من جهتها، أكدت مجموعة «إكواس» أنه لا خطط لديها لغزو النيجر، مشيرة فى الوقت ذاته إلى أن خيار استخدام القوة ما زال مطروحا. وشددت «إكواس» على أنها لا تستطيع قبول انقلاب آخر فى المنطقة.