تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد... أنا سيدى الفاضل شاب من الصعيد، أدرس بالمرحلة الجامعية، لى أخ يكبرنى بثلاثة أعوام، انتهى منذ عام ونصف العام من دراسته بإحدى الكليات العملية بالقاهرة، والآن يعيش ويعمل هناك، تربينا على مبادئ وأصول أولاد البلد، والدنا تاجر معروف له العديد من المشاريع، ووالدتنا موظفة يفصلها عن سن المعاش نهاية هذا العام، تعانى من أمراض العصر مثل الضغط والسكرى،، ربما تكون تلك الخلفية الاجتماعية السابقة، مهمة للحكم بشكل أكثر فاعلية على مشكلة أخى، والتى أعتبر نفسى ضلعًا فيها بشكل أو بآخر، فهو بحكم دراسته السابقة بالقاهرة وإقامته بعيدًا عنا منذ سنوات، كانت لا تربطنا به غير أجازاته القصيرة تقريبًا، كما أصبحت علاقته بى عكس ما كانت بمراحل التعليم الابتدائى والإعدادى، من حيث قربه منى وثقته فى،، يمتاز بالذكاء الشديد والتدين وحسن الخلق - لكنه بعد وصوله للمرحلة الثانوية تغير جذريًّا، أصبح يميل للعزلة والحرص الشديد على أسراره - لم يعد كما كان فى السابق مرحًا - بل صارمًا وحادًا،، تفوقه الدراسى جعلنا نغفر له تلك المستجدات التى طرأت على شخصيته فجأة، يكتفى والدى بتحذيره من تمكن الغرور منه، وأحيانًا كان يقاطعه ويجعلنى همزة الوصل بينهما،، منذ عدة أيام أستاذ أحمد، وبينما كنت أنقل له أمتعته من منزلنا إلى سيارته بعد انتهاء أجازته، واستعداده للعودة إلى عمله بالقاهرة، سقطت منى مجموعة من الأوراق بملف يخصه، ولفت نظرى عنوان إحدى تلك الأوراق وكان «عقد زواج عرفى»، صورته سريعًا بهاتفى حتى لا يلاحظ وسافر هو،، ثم بدأت فى قراءة هذا العقد بمفردى، وإذ بى أكتشف زواج أخى من فتاة تنتمى لإحدى الدول العربية، تصغره بثلاثة أعوام وبضعة أشهر تقريبًا، فقررت اطلاع شقيقتنا الوحيدة على هذا الأمر، وهى متزوجة، تمتاز بالرصانة وحسن التدبر، رغم أنها لم تكمل تعليمها، وأخى يحترمها كثيرًا ويقدرها بعد أمنا،، واتصلت هى به لمعرفة حقيقة الأمر، فأخبرها بأنه تعرف على تلك الفتاة بالجامعة أثناء دراسته وأعجب بها، بالإضافة لكونه يريد أن يعف نفسه من الافتتان بها، وإمكانية وقوعه فيما يغضب الله معها، فتزوجها عرفيًا فى حضور اثنين من الشهود على يد محامٍ، واتفقا أن يتما زواجهما مستقبلًا، لأن أهلها لن يوافقا على زواجهما بسهولة الآن، وكذلك فإن الزواج الرسمى معقد بشروط وإجراءات لا حصر لها، أهمها ضرورة أن يتم العريس ثلاثين عامًا حتى يسمح له بالزواج كأجنبى، من عروسه،، حاولت شقيقتى أن تقنعه بأهمية إخبار والدينا - لكنه رفض حتى تنهى زوجته دراستها وتتخرج، وهو الآن بعد التحاقه بسوق العمل وزوال أسباب بقائه دون زواج وتيسر حالتنا المادية، ألح عليه والدنا بضرورة الزواج، وبحثت له والدتى عن فتاة تناسبه، حتى وجدتها بمدينتنا بالصعيد، وتقابلا بالفعل وتم القبول بينهما،،، لكننى أشعر بخيبة أمل تجاه نفسى، لعدم إفشائى سره ومنع خداع زوجته الأولى ومفاجأتها بزواجه الثانى الذى أصبح وشيكًا،، وعندما واجهته وأكدت له بأنه سيظلمهما، نفى نيته فى ذلك، وقال بأنه ليس أول رجل يتزوج من اثنتين، وسوف يعدل بينهما، الأولى فى شقتها بعد انتهاء دراستها بالسنة النهائية، وهو سيتم الثلاثين قريبًا ويكتب عليها بشكل رسمى وبموافقة أهلها، الذين لن يمانعوا حتى مع علمهم بزواجه الثانى، وكذلك هى لن ترفض،، والثانية لها كامل الحق فى الاختيار بالاستمرار معه أو يطلقها إن أرادت،،، وأنا سيدى كأخ أصبحت بين وَيْلَين، إما أن أخبر أبى على الأقل بهذا السر، لأنه ليس مريضًا مثل والدتى، لكنه مندفع عنها، وحينها سأكون فى مواجهة عنيفة مع أخى، وربما أخسره للأبد، أو أغض الطرف ولا أتدخل من قريب أو بعيد، وبذلك أكون مشاركًا فى خداع الفتاتين،، فماذا أفعل !؟ إمضاء ب. أ عزيزى ب. أ تحية طيبة وبعد... كم أسعدتنى تلك الروح الجميلة التى أظهرتها تفاصيل رسالتك، حين استقر بضميرك اليقظ إحساسٌ رائعٌ بالمسئولية تجاه شقيقك، وإصرارك على محاولة تصويب مساره مع زوجته وخطيبته، وعدم تقبلك ظلمه لهما،، مع ميل طبعه للأنانية واللامبالاة بالآخرين، وعدم اعترافه بحقوقهم المشتركة مع حقه فى الاستمتاع بالحياة - والدليل على ذلك هو استغلاله للزواج الثانى، كحلال مشروط بالعدل المستحيل بين زوجتين، والتلذذ بقهرهما وخداعهما، على خلاف ما أوصانا به رسولنا الكريم فى حديثه الشريف، الذى رواه الترمذى قائلًا: «اتقوا الله فى النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. تلك الوصية لا تشمل الحفاظ على جسد الزوجة فقط، التى أصبحت فى عصمة زوجها - بل وروحها ونفسها أيضًا، ولا يجوز أن يغيب عنا معشر الرجال، فداحة تلك المشاعر المكبوتة والمدمرة التى تعانى منها حواء، حين تقع عليها صدمة مشاركة «ضُرة» لها فى زوجها، لتضُر بثقتها فى أنوثتها وعطائها المخلص واللامتناهى لشريك حياتها، طالما لم تقصر هى فى إسعاده بقلبها وعقلها وكل ما تملك - وكما لا يقبل الرجل أن يشاركه رجلًا آخر فيها، فهى أيضًا تبذل كل ما بوسعها كى لا يستغل رخصته ويتزوج عليها بسبب تقصيرها، فتظل فى عطاء مستمر لا ينضب،، ومما لا شك فيه أن الله سبحانه وتعالى، عندما شرع الزواج وجعله أقدس علاقة على وجه الأرض، ليعف به الرجل والمرأة معًا، جعل أساسه المودة والرحمة وحفظ الحقوق بينها، قال تعالى فى سورة الروم - بسم الله الرحمن الرحيم {وَمِنْ ءَايَٰتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَٰجًا لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم،،، لذا أدعوك لاستثارة روح الضمير والتدين لدى أخيك، والتى أكدت فى رسالتك على وجودها فى تركيبته،، ذكره بأنه سيظلم زوجته الأولى التى منحته نفسها، بزواج عرفى غير مرغوب فيه، وهو قبل ذلك على نفسه ليعفها من الافتتان، دون التفكير فى مصير تلك الفتاة مع أهلها، والمؤكد أنهما أخطآ بكل تأكيد، عندما استباحا تلك العلاقة، وجعلاها وكأنها زيجة غير محسوبة، بإخفائهما عن أعز الناس- لكنه ومع كل ما سبق لا يحق له قهرها بالزواج الثانى، حتى وإن وافقت مضطرة حبًا فيه،، كذلك فإن الفتاة الثانية التى هو بصدد الارتباط بها إرضاءً لوالدكم، لا تعرف هى الأخرى بحقيقة زواجه الأول، وهذا خداع غير مقبول وظلم وافتراء، وهى بالتأكيد ستطلب الطلاق غير آسفة، إلا على نفسها المقهورة، وعطفًا على ما سبق يجب إشراك شقيقتكم الكبرى ووضعها فى قلب الحدث، وعليها بسؤاله، إذا كان يقبل حدوث هذا الأمر لها - هل كان يرضاه من زوجها،، وإذا لم يَعُد شقيقك إلى رشده بعد كل هذا، فلا غضاضة من إشراك والدكم فى الأمر، والتأكيد على عدم استكمال إجراءات زواجه الثانى، لأنه مبنى على الخداع وحجب الحقائق، وأن صدمة خطيبته فى فسخ خطبتها، تعد أقل وطأة من دخولها عش الزوجية مع رجل خائن للأمانة،، لا يهمه الوصول للحظة الفراق القهرى معها بعد الزواج حتى ولو ببضعة أيام، بسبب تميز مشاعره بالتبلد والأنانية، والرغبة الملحة فى الحصول على متعة أحادية غير متبادلة.. كما أرى بأنه لابد من لفت نظر والدكم، لضرورة الضغط عليه من أجل تحويل زواجه العرفى لشرعى، طالما أنه ينتوى ذلك، كما أشرت فى رسالتك، ويعرف بأن أهل زوجته العربية لن يمانعوا ارتباطه بها والاستقرار معها، وأخيرًا أوجه نصيحة لكل أب،، قائلًا: احرص على قربك الدائم من أبنائك، بقدر من الأخوة والصداقة، كن لهم قاضيًا رحيمًا، واجعل حلمك عليهم يسبق حسمك معهم، حتى يستأنسوا بوجودك فى حياتهم، واعلم بأنهم مهما بلغوا من نجاحات فى دنياهم بقدرات فردية تخصهم، يظلون فى احتياج دائم لقربك منهم وعطفك عليهم، والأخذ بأيديهم لبر الأمان. دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا ب. أ