فى ليلة ممطرة تخترق ذرات البرد جسدى من تحت البطانية الذى بدد النعاس الثقيل.. يُصيح الديك فى الغرفة المهجورة قبل أذان الفجر، أصغيتُ إليه جيدًا ثم انسلختُ من فراشى متسحبًا على أطراف أصابعى أنظر من بين فتحات الباب فى شغف دفعت الباب بقوة مشعلًا لمبة الجاز باحثًا عنهُ فى أركان الغرفة متتبعًا آثار قدميه على الأرض لكن لم أر شيئًا.. تسربتْ إلىّ قطرات الوجل التى تغرقنى فى نهر الارتجاف، سرعان ما أخطو إلى فراشى جاحظ العينين فى السطح الجريدى.. يلوح فى الأفق ضوء السماء الذى ابتلع الظلام إلى أن طرقتْ أمى الباب تنادى يا مسعود.. نهضتُ متكاسلًا.. مالك يا بنى.. كتير أسمع صياح الديك.. دايمًا جدتى تقول بيتك فيه دهب.. صحيح يا أمى.. أيوه.. علتْ البسمة وجههما وراح يدور فى لبه المتجدد أن يبنى البيت ويصبح غنينًا.. لوحتْ بيدها، روح للشيخ مفتاح يجى يشوف.. قراءات من المواثيق القديمة ممزوجة بحركات الأيدي.. الواقفون من حوله يترقبونه، الغرفة امتلأت برائحة البخور المغربى.. منتهيًا من تعويذاته التى غرستْ الأمنيات الدانية.. نطق بهدوء هنا يسكن الحارس.. فرحوا جميعًا.. ارتفع صوته بقينا أغنيا.. أسكت يا مسعود.. مش قادر ياأمى.. صحيح يامفتاح.. بشرط الحارس عايز فدية.. أقولك يابنى روح لعمك وهات منه خروف.. فوجئ بالهدايا التى دخلت البيت.. أنتِ قلتى لحد بره.. صمتتْ قليلًا ثم تفوهتْ الجيران بس.. كتم غيظهُ ضاغطًا على شفتيه.. بدأت تلوح من بعيد ملامح قطعة حجرية انتبهى الجميع وهم حائرون.. يفكرون فى القسمة فيما بينهم ثم ربط أحد عمال الحفر الحجر بالحبل حتى يسحبه الآخر إلى أعلى.. الأفواه مطوية بسياج الصمت محدقين فيه.. ضعوه على الأرض منتظرين أن يتحقق الحلم.. هتفوا بحناجرهم القوية.. الله.. الله هم أحدهم بتنظيفهُ من الأتربة، فى عجل تكشفتْ الأسرار المدفونة.. نقوشًا صخرية حول قلبها الدائرى.. إنها رحاية الذرة القديمة.. هرب مفتاح.. مصمص الحالمون الشفاه يريدون الأجر.. جلس مسعود على كومة التراب واضعًا يده على خده.. ناظرًا إلى طفله وهو يقرأ فى كتابه المدرسى.