«عازمون على عودة مصر إلى مكانتها، والإسهام الفاعل مع بقية دول القارة فى مواجهة التحديات المتربصة بنا».. بهذه الكلمات رسم الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل سنوات، استراتجية الدولة المصرية للانفتاح على القارة الإفريقية ومعالجة أخطاء وإرث الماضى فى العلاقات المصرية الإفريقية، لتستعيد مصر حضورها ومكانتها الإقليمية إفريقيا. كلمات ترجمتها العديد من المواقف والزيارات واللقاءات والفعاليات والمشروعات والمساعدات ووسائل الدعم المختلفة مع دول القارة الإفريقية وفى القلب منها دول حوض النيل التى ترتبط مصر معها بمصالح استراتجية، واستطاعت الدولة المصرية بسياسة الانفتاح الإفريقى أن تستعيد حضورها وتأثيرها، وتستعيد منحنى العلاقات المصرية الإفريقية نحو الصعود مجددا. سياسة الانفتاح المصرى للقارة السمراء، ليست شعارات تردد، ولكن تترجمها برامج مختلفة من الدعم والتعاون، فى مختلف المجالات، والمساعدات فى أوقات المحن والأزمات لدى الأشقاء الأفارقة.. وخلال هذا العام كان هذا الحضور والدعم حاضرًا فى صور مختلفة من الدول المصرية للدول الإفريقية.. مشروعات التعاون تؤكد «رسالة القاهرة» بدعم الأشقاء والشعوب الإفريقية.
12 لقاء قمة مع الرؤساء الأفارقة
خلال عام 2021، أجرى الرئيس السيسى عددًا من الزيارات لدول إفريقية، واستقبل فى القاهرة عددًا من رؤساء الدول الإفريقية، لبحث ملفات التعاون المشتركة، فضلا عن المشاركة فى عدد من الفعاليات الإفريقية والدولية المعنية بإفريقيا. زيارتان لدولتين إفريقيتين، خلال هذا العام، حيث كانت أولى الزيارات إلى العاصمة السودانية الخرطوم فى 6 مارس 2021، تأكيدًا على الشراكة الاستراتجية مع السودان حيث كانت الزيارة الأولى للرئيس السيسى بعد ثورة ديسمبر وتشكيل المجلس الرئاسى فى السودان، التقى خلالها مع كبار المسئولين فى السودان. وتأكيدًا على الدعم المصرى للسودان خلال الفترة الإنتقالية، شارك الرئيس السيسى فى المؤتمر الدولى الخاص بدعم السودان فى العاصمة باريس الذى عقد منتصف مايو، والتقى خلاله برئيس مجلس السيادة السودانى الفريق عبدالفتاح البرهان. وفى 27 مايو قام الرئيس السيسى بزيارة تاريخية لجيبوتى، التى تعد الأولى من نوعها لرئيس مصر، عقد خلالها الرئيس مبحثات قمة مع الرئيس الجيبوتى لمناقشة مختلف ملفات التعاون المشتركة. يعد تشيسيكيدى رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، أكثر الرؤساء الأفارق لقاء بالرئيس السيسى خلال هذا العام، نظرا لرئاسة دولة الكونغو للاتحاد الإفريقى هذا العام، وتبنيه مبادرة دعم مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان برعاية الاتحاد الإفريقى، حيث استقبل الرئيس السيسى نظيره الكونغولى فى 2 فبراير، وفى الثامن من مايو عقدت ثانى قمة بين الرئيسين السيسى وتشيسيكيدى فى القاهرة لبحث ملفات التعاون المشتركة، وفى بداية اكتوبر تسلم الرئيس السيسى رسالة نصية من نظيره الكونغولى. وفى 4 مارس شهدت القاهرة لقاء قمة بين الرئيس السيسى ورئيس جمهورية غينيا بيساو عمر إمبالو، لبحث العلاقات الثنائية، وفى نهاية مارس استقبل الرئيس السيسى نظيره البوروندى فى لقاء قمة لبحث ملفات التعاون بين البلدين، وفى بداية إبريل، استقبل الرئيس السيسى أيضا الرئيس التونى قيس سعيد، وفى الثانى من أكتوبر استقبل الرئيس السيسى رئيس جنوب السودان سلفاكير، وفى العاشر من نوفمبر استقبل الرئيس السيسى رئيسة تنزانيا سامية حسن فى إطار العلاقات الثنائية المميزة بين البلدين. ثانى أكثر المسئولين استقبالا كان مسئولى الدولة الليبية خلال الفترة الانتقالية، حيث استقبل الرئيس السيسى رئيس الحكومة الليبية، فى منتصف فبراير، ثم استقبل فى نهاية مارس رئيس المجلس الرئاسى الليبى محمد المنفى، واستقبل الرئيس السيسى منتصف ديسمبر رئيس المجلس الرئاسى الليبى أيضا تأكيدا لدعم مصر للقضية الليبية، وبالتالى وصلت لقاءات القمة لحوالى 12 لقاء مع المسئولين الأفارقة. وشارك الرئيس السيسى افتراضيا فى القمة رقم 34 للاتحاد الإفريقى فى بداية فبراير، حيث ألقى كلمة أكد فيها على أهمية تعزيز الجهود القارية المشتركة لمكافحة تداعيات جائحة كورونا، كما شارك الرئيس السيسى افتراضيا فى اجتماع قمة الاتحاد الإفريقى فى منتصف فبراير، لمناقشة سبل توفير لقاحات فيروس كورونا، وفى السادس من إبريل شارك الرئيس افتراضيا فى حوار القادة الأفارقة لجائحة كورونا وتغير المناخ. وترأس الرئيس السيسى قمة السوق المشتركة لدول شرق وجنوب القارة الإفريقية «الكوميسا» فى الثالث والعشرين من نوفمبر، بالعاصمة الإدارية الجديدة، كما شارك الرئيس السيسى افتراضيا فى فى منتدى التعاون الصينى الإفريقى. وشارك الرئيس السيسى فى 20 أغسطس بالقمة الرابعة لمبادرة مجموعة العشرين للشراكة مع إفريقيا، كما استقبل الرئيس السيسى فى الثامن من نوفمبر النواب العموم الأفارقة على هامش اجتماعهم بمصر، وألقى الرئيس السيسى كلمة لرؤساء لجنة أجهزة الأمن والاستخبارات الإفريقية «سيسا» الذى عقد فى القاهرة بداية ديسمبر. وفى 2 مارس استقبل الرئيس السيسى وزيرة الخارجية السودانية، وبعدها بأيام استقبل رئيس وزراء السودان د.عبدالله حمدوك، تأكيدا على مبدأ الشراكة الاستراتجية بين البلدين، وفى نهاية يوليو استقبل الرئيس السيسى نائب رئيس جنوب السودان، جيمس وان إيجا والوفد المرافق له على هامش أول اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين. فى يناير استقبل الرئيس السكرتير العام لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، واستقبل أيضا بمبعوثى رئيسا غانا ونيجريا، وفى نفس الشهر استقبل رئيس مفوضية الإتحاد الافريقي،
سد النهضة: القضية الأكثر اهتمامًا
حلت قضية مفاوضات سد النهضة الإثبوبى فى مقدمة القضايا التى كانت محل اهتمام مستمر من الدولة المصرية فى المباحثات مع القادة الأفارقة، تأكيدا على حقوق مصر التاريخية من مياه النيل، وكثفت الدولة المصرية من اتصالاتها الدبلوماسية مع الدول الإفريقية والدول الأعضاء فى مجلس الأمن للتأكيد على حقوقها فى ظل تعنت الجانب الإثيوبى ورفض الانخراط فى مفاوضات حول اتفاق قانونى ملزم يجمع الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا. وبعد فشل جولة المفاوضات فى بداية إبريل بدولة الكونغو الرئيس الحالى للاتحاد الإفريقي، وعدم التوصل لاتفاق، صعدت مصر من موقفها بتقديم ملف حول مسار المفاوضات على مدى عقد كامل دون الوصول لاتفاق، وبالفعل استجاب مجلس الأمن للاتصالات الدبلوماسية التى قادتها مصر، وعقد جلسة خاصة لمناقشة القضية فى شهر يوليو قبل شروع إثيوبيا فى عملية الملء الثانى للسد.. وفى سبتمبر أصدر مجلس الأمن بيان رئاسى بشأن موقف مفاوضات سد النهضة المجمد، فى تطور نوعى لمسار تلك القضية، حيث أكد ضرورة إنجاز مسار مفاوضات لإبرام اتفاق تحت مظلة الاتحاد الإفريقى فى فترة زمنية بحد أقصى 6 أشهر أملا فى حسم الموقف الخلافى بشأنها وإبرام اتفاق قانونى بدعم دولى ورعاية إفريقية.
مساعدات ل30 دولة: مصر تدفع مخاطر «كورونا» عن الشعوب الإفريقية
تمكنت مصر خلال 2021 من المساهمة فى دفع مخاطر وباء كورونا عن القارة السمراء، حيث قدمت العديد من المساعدات الطبية، كان أبرزها فى يوليو، حيث قدّمت مستلزمات طبية وأدوية إلى 22 دولة إفريقية خلال جائحة كورونا وفقا لتوجيهات القيادة السياسية، فضلا عن مواجهة آثار السيول فى بعض دول حوض النيل. وعلى مدار هذا العام تعددت المعونات الطبية والغذائية لعديد من الدول الإفريقية لمساعدتها فى مواجهة جائحة كورونا، بداية من السودان وجنوب السودان وجيبوتى وبوروندى وتونس ليبيا، وتبنت الدولة المصرية مهمة توفير لقاحات كورونا للدول الإفريقية.. ودعمت مصر كوادر غينيا الاستوائية من خلال الدورات التدريبية التى ينظمها الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا بالتنسيق مع مختلف الجهات الحكومية فى العديد من المجالات مثل الصحة والقضاء والشرطة والزراعة والتعليم وتدريب الدبلوماسيين وغيرها. يضاف ذلك إلى سلسلة المساعدات المصرية لدول القارة الإفريقية منذ بداية جائحة كورونا، فوفقا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى لمؤسسات الدولة لإرسال مساعدات عاجلة لدول القارة الإفريقية، فقد تم إرسال مساعدات إلى 30 دولة إفريقية.. وجاءت قيمة المساعدات حوالى 4 ملايين دولار فى شكل مساعدات عينية طبية، لمساعدة الدول الإفريقية فى كورونا.
35.7% زيادة فى التبادل التجارى
مع بداية عام 2021، قادت مساهمات فى برامج الاتحاد الإفريقى، كان أبرزها زيادة التبادل التجارى بين مصر والاتحاد الإفريقي، حيث بدأت الدول الإفريقية، رسميًا معاملاتها التجارية فى إطار منطقة تجارة حرة جديدة تمتد على مستوى القارة، وارتفع التبادل التجارى بين مصر ودول الاتحاد الإفريقي، فى الفترة من يناير حتى سبتمبر 2021 بنسبة 35.7%، بحسب تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وبلغت قيمة إجمالى الصادرات لدول الاتحاد الأفريقى 3974 مليون دولار، فى الفترة من يناير / سبتمبر 2021، مقابل 2883 مليون دولار، عن نفس الفترة من العام السابق، بنسبة زيادة قدرها 37.8%، بينما كانت الصادرات 3985 مليون دولار عام 2020، وتركزت أعلى القيم فى 5 دول إفريقية بنسبة 64.0%. أما الواردات من دول الاتحاد الإفريقى فقد وصلت إلى 1455 مليون دولار فى الفترة من يناير / سبتمبر 2021، مقابل 1118 مليون دولار عن نفس الفترة من العام السابق، بنسبة زيادة قدرها 30.2%، بينما كانت الواردات 1430 مليون دولار عام 2020، وتركزت أعلى القيم فى 5 دول إفريقية بنسبة 72.0% من إجمالى هذا التكتل.
معرض «صنع فى مصر»
فى منتصف شهر يوليو افتتح وزيرا التجارة والصناعة والتموين والتجارة الداخلية، فعاليات معرض «صنع فى مصر» المقام لأول مرة فى مدينة جوبابجنوب السودان على مدى خمسة أيام، فى إطار استراتجية الدولة لمضاعفة الصادارات المصرية للأسواق الخارجية وخصوصا السوق الإفريقية. المعرض ضم معروضات ل 27 شركة مصرية فى قطاعات الصناعات الغذائية، والأجهزة المنزلية، والملابس الجاهزة، والمستلزمات الطبية، وقطاع المطاحن ومنتجات الدقيق، وقطاع الخدمات واللوجيستيات. وفى منتصف نوفمبر، شاركت مصر فى الدورة الثانية للمعرض الإفريقى للتجارة البينية، بجنوب إفريقيا، ويعد أحد أكبر المعارض المقامة بالقارة الإفريقية، حيث يشارك فيه 24 دولة إفريقية، وشاركت مصر بجناح مميز ضم 41 شركة مصرية من مختلف القطاعات الصناعية.
مصر ترأس «الكوميسا» أملا فى تحقيق التكامل الاقتصادى
فى أواخر نوفمبر 2021، وبعد غياب لأكثر من 20 عامًا/ استضافت مصر القمة ال21 لتجمع السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقى التى تعرف ب«الكوميسا»، بمشاركة وحضور ممثلى الدول الإفريقية أعضاء التجمع البالغ عددها 21 دولة، وعقدت القمة تحت شعار «تعزيز القدرة على الصمود من خلال التكامل الرقمى الاقتصادى الاستراتيجى» بهدف تشجيع استخدام أدوات الاقتصاد الرقمى لتيسير ممارسة الأعمال داخل تجمع الكوميسا وتعزيز قدرة الدول الأعضاء على الصمود لمواجهة التداعيات السلبية لجائحة كورونا على الاقتصاد. وتستهدف مصر تحقيق التكامل الاقتصادى بقارة إفريقيا والتغلب على العقبات التى قد تعترض حرية التجارة بين الدول أعضاء الكوميسا، للتأكيد على استمرار الجهود المصرية مع دول القارة الإفريقية لدعم التكامل الاقتصادى القارى، وتكثيف التعاون الاستثمارى بين وكلاء الاستثمار فى إفريقيا، وفتح قنوات اتصال بين حكومات الدول وممثلى القطاع الخاص لدفع حركة الاستثمارات داخل القارة.
وفى ملف الصحة والدعم الطبى، وحرص مصر على دعم الأنظمة الصحية بالدول الإفريقية، افتتحت وزيرة الصحة المركز الطبى المصرى AFRI Egypt للرعاية الصحية بمدينة «جينجا» فى أوغندا فى منتصف أكتوبر الماضى. المركز الطبى المصرى مجهز بأحدث وسائل وتقنيات التشخيص والعلاج، وتوافر الأدوية والمستلزمات الطبية بمختلف التخصصات لتقديم أفضل الخدمات للمرضى بالدولة الشقيقة. يضاف ذلك لمجموعة من المراكز الطبية التى افتتحتها مصر فى دول إفريقيا، مثل المركز الطبى المصرى فى جوبابجنوب السودان والذى تم افتتاحه فى أغسطس 2020، وهو من أضخم المشروعات الطبية فى الجنوب والتى تحظى بأقبال واسع من الجنوبيين ثقة فى الخدمة الطبية والصحية المقدمة من الأطباء المصريين. وفى أغسطس الماضى، أعلنت وزيرة الصحة عن الانتهاء من إعداد التصميمات الخاصة بإنشاء أول مستشفى مصرى تخصصى بدولة جيبوتى بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتوفير الاحتياجات الطبية للشعب الجيبوتى.
مشروعات مائية وسدود وربط كهربائى مع دول حوض النيل
تساهم الدولة المصرية فى عدد من المشروعات المائية مع دول حوض النيل، فى إطار الشراكة مع هذه الدول، لعل أبرز هذه المشروعات هو مشروع سد «ستيجلر جورج» على نهر روفيجى بتنزانيا، حيث يتولى تنفيذه تحالف مصرى يضم شركتى المقاولون العرب والسويدى، ويستهدف توليد طاقة كهربائية بقدرة 2115 ميجا- وات، فضلًا عن التحكم فى كميات المياه فى فترات الفيضان، ومن ثم توفير الاحتياجات المائية اللازمة للدولة التنزانية، ومن المتوقع افتتاحه فى 2022.. وتساهم مصر فى دراسات إنشاء سد «واو» بجنوب السودان لتوليد الكهرباء، فضلا عن المشاركة فى إنشاء عدد من المشروعات المائية من آبار جوفية ومحطات مياه فى جنوب السودان، نفس الشىء فى أوغندا، قامت مصر بحفر 75 بئرا جوفيا وأقامت 7 سدود لحصاد مياه الأمطار بدولة أوغندا.