ففى بداية الطريق لابد من الذكر ومن الفكر، والذكر قد يكون باللسان وقد يكون بالجنان -القلب-، وقد يكون بهما، إذن فعندنا فى الشريعة برنامج كامل يستطيع المسلم أن يتبعه وأن يقوم به، وأن يسير عليه، برنامج كامل ليس فيه توهيمات، بل فيه تكليفات، أوامر ونواهي، ولكن أيضًا عندنا تفاصيل فعندما يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستغفر الله، وهو يقول بأنه يستغفر الله فى اليوم مائة مرة، عندما نصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ويقول: «من صلى عليَّ واحدة صلى الله بها عليه عشرًا، ومن صلى عليَّ عشرًا صلى الله بها عليه مئة، ومن صلى عليَّ مئة صلى الله بها عليه ألف». هذه الأحاديث تبين فضل صلاة المؤمن على رسول الله صلى الله عليه وسلم {إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.عندنا ذكر معروف التسبيح (سبحان الله) والتحميد (الحمد لله) والتكبير (الله أكبر) والتهليل (لا إله إلا الله)، ومعروف الاستغفار،... إلى آخره، برنامج يستطيع المؤمن أن يجعل لنفسه وردًا يوميًّا من الذكر، وهذا الذكر كما يكون باللسان وله ثواب، فإنه يكون أقوى إذا كان بالقلب مع اللسان، واستحضار القلب لذكر الله سبحانه وتعالى وذكر عظمته، إذا بدأنا بالذكر والفكر فإننا نكون قد بدأنا بالنور؛ ولذلك تحدث أنوار، أنوار فى القلوب، وأنوار فى العقول وتتفتح هذه العقول للهداية. وفى زماننا نسينا الذكر وتركناه واتهمنا أهل الله الذين استمروا فى الذكر وأقاموا عليه بأنهم أهل خرافة ووصمناهم بكل صفة، وحمّلنا الصفات وسمينا الأمور بغير أسمائها، واتهمنا التصوف وما فيه من أمرٍ بذكر الله والوصول إلى مرتبة الإحسان ولم نُوجد شيئًا بديلاً عنه يوصلنا إلى ذلك الإحسان فنهينا عن الذكر وتركناه؛ فنهينا عن المعروف وأمرنا بالمنكر واختلط علينا الحابل بالنابل والله سبحانه وتعالى لو لم يذكر فى كتابه الكريم إلا فى هذا الموضع أمرًا بالذكر الذى لخص لنا حقيقة الدين بل وحقيقة الإنسان بل يلخص لنا حياته ومماته ونشأته ومرجعه لكفى {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ}. أرأيت أيها الإنسان أرأيت ربك يذكرك، أرأيت لو أنك ذكرته أنه يذكرك أنت.. أنت على معصيتك وضعفك وتعلقاتك الغريبة العجيبة بالعظمة دون اللحم.. بهذه الدنيا وهى فانية وهى قليلة وهى تعيسة وفيها يختلط الحق بالباطل والألم باللذة.. فما بالك بجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين {فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِى وَلاَ تَكْفُرُونِ} برنامج حياة.