هناك أصوات مؤيدة وأخري رافضة لمشروع تنمية جنوبالوادي توشكي.. وهي آراء أو أصوات ليست وليدة اليوم ولكنها بدأت مع المشروع ومنذ أن أعلن الرئيس السابق عن بدء العمل به. الأصوات المعارضة رأت أن أغراض المشروع أو الهدف منه لم يتحد ولم يتم تحقيق سوق 5% منها حتي الآن.. برغم مرور 13 عاماً وإنفاق 8 مليارات جنيه، فالمشروع يهدف لاستصلاح 500 ألف فدان ونقل عشرات الألوف من السكان والتنمية بعد 13 سنة لم ينقل أحد ولم يتم زراعة سوي 35 ألف فدان فقط. مشروع تنمية جنوبالوادي «توشكي» تصادفه ظروف معاكسة قد يكون ثمنها خسارة الاقتصاد المصري ل8 مليارات جنيه هي فاتورة إنشاء محطة الري العملاقة وفاتورة استصلاح وزراعة ل30 ألف فدان بواسطة شركة جنوبالوادي للتنمية «توشكي» وهي شركة مملوكة بنسبة 100% للحكومة المصرية. توشكي ونظراً للظروف التي يعيشها البلد كله تقف حائرة.. ما بين متطلبات ضرورية للانتهاء من خطة أو أعمال مياه الري - ترع وطرق - كلها وتكملة استصلاح المساحة المخصصة لجنوبالوادي للتنمية لتصل كل المساحة المخصصة لها إلي حرية الزراعة، وهذه المتطلبات تم تحديدها بمبلغ 600 مليون جنيه بواقع 400 مليون جنيه للري و200 مليون جنيه للزراعة. قبل الخوض في التفاصيل هناك مجموعة حقائق حول المشروع احتفظت بها من خلال سطور علي مدار سنوات كنت خلالها أتابع التفاصيل، مهتماً بالمشروع وما يحيط به من أمور سياسية قبل أن تكون اقتصادية. حقائق المشروع تقول إن الرئيس السابق كان أول من دعا إلي تنفيذه، ولكن يظهر أن هذه الدعوة لم تجد توافقاً وزارياً حولها، والدليل مقاطعة وزارة الزراعة له تماماً، حيث لم ير وزير الزراعة المشروع إلا عندما دعاه رجل الأعمال الراجحي لزيارة المساحات التي يزرعها بالمشروع، في نفس الوقت كان د.محمود أبوزيد وزير الري أكثر الوزراء زيارة للمشروع والأهم أن المشروع وجد إهمالاً واضحاً وهجوماً عنيفاً من جانب المجموعة الوزارية، والغريب أن الدولة - وقتها - لم تدرج المشروع ضمن أجندة مشروعات تنمية جنوبالوادي «الصعيد». «توشكي» كان صورة واضحة للصراع الموجود بين أجنحة الحكم في مصر وقد رأي الوزراء أنه ورطة رئاسية.. لكن لم يجرؤ أحد منهم التصريح بذلك انعكس هذا الخلاف إلي رفض رجال الأعمال المصريين الاستجابة لشراء واستصلاح وزراعة أي مساحات موجودة هناك برغم سفرهم في طائرة خاصة إلي أبوسنبل هذا الرفض هو الأول من نوعه فيما لو علمنا بأن رجال الأعمال كانوا يوافقون علي الاستثمار في بعض المشروعات لخطب ود الحكومة ورجال الحزب! الرفض جاء لأن الاستثمار في توشكي زراعي 100%، وليس هناك أي فرصة لإقامة المنتجعات أو ملاعب الجولف، والأهم أن المشروع لا يتمتع بأي درجة حماية وزارية، عكس ما حدث في شرق التفريعة، وغيرها فقد استجاب رجال الأعمال لطلب الحكومة بالحصول علي حصة أراض ليظهر للرأي العام أن مشروعات الحكومة ناجحة وتلقي قبولاً، رجال الأعمال في مصر رفضوا توشكي لأنه مشروع زراعي وسط ظروف مناخية صعبة، بينما الاستثمار في وادي النطرون أفيد ألف مرة مالياً ومعنوياً!. أهم الأسلحة المضادة لمشروع توشكي كانت التكلفة المرتفعة للاستصلاح والزراعة للفدان والتي وصلت إلي عشرين ألف جنيه لكل فدان لخلق بيئة صالحة لجذب السكان بتوفير المدارس والمستشفيات ونقطة شرطة وأفران للخبز ومدينة سكنية وشبكة طرق وكهرباء، دون ذلك ستظل توشكي - كما هي الآن - رحلة سفر للجميع!. إيقاف مشروع توشكي الآن يعني إهدار 8 مليارات جنيه أنفقتها الدولة وهو جريمة لو حدثت يتحملها من يصدر هذا القرار من خلال الدراسات نجد أن مصر - الآن - دولة فقيرة من حيث الأرض المخصصة للزراعة، لم يعد لدينا أرض جديدة للزراعة دون أن تتطلب مقومات من الصعوبة توفيرها ومشاريع التوسع الأفقي في كل من جنوبالوادي والصحراء الغربية هي في الواقع لها رؤية استراتيجية مهمة جداً أو بعيدة المدي بالنسبة لمياه النيل. بدون شك هناك أسئلة مشروعة في مشروع توشكي: هل تكفي مواردنا المائية لاستكمال الإنفاق المطلوب لمشروع تنمية جنوبالوادي؟ واستخدام ترعة مكشوفة بدلاً من المواسير، والفاقد من التبخير وتكلفة الاستصلاح؟ من خلال دراسة الجدوي للشركة العالمية للأبحاث والمياه الجوفية ريجوا وأيضاً من خلال تقرير اللجنة المشكلة من رئيس القومية للتشييد مهندس أحمد السيد أن تكلفة الفدان من أعمال البنية الأساسية والاستصلاح والاستزراع نحو 21 ألف جنيه، وهي فئة مناسبة لظروف المنطقة الجوية وبعدها عن العمران والتكلفة المرتفعة للمستلزمات السلعية والخدمية والأجور، وكذلك بالمقارنة بما تم تنفيذه بمنطقة الضبعة بمعرفة شركة مساهمة البحيرة وإشراف هيئة تعمير الأراضي، حيث بلغت 21 ألف جنيه خلال عام 1996 - 2000، وبما تم تنفيذه في منطقة شرق السويس بمعرفة الشركة العقارية المصرية وإشراف هيئة تعمير الأراضي، حيث بلغت تكلفة الفدان 19 ألفا و829 جنيها خلال 1998، وبما تم تنفيذه في منطقة شرق السويس بمعرفة الشركة العامة للأبحاث والمياه الجوفية «ريجوا» وإشراف هيئة تعمير الأراضي، حيث بلغت التكلفة 22 ألفا و764 جنيهاً للفدان الواحد عام 2005 وهو ما يوضح أن تكلفة الفدان في توشكي برغم الظروف الصعبة التي تزيد من التكاليف هي الأقل في تاريخ الاستصلاح. من خلال الواقع وبعد عدد من الزيارات للموقع هناك حركة استصلاح وزراعة ولكنها بالفعل بطيئة جداً.. شركة المملكة للتنمية لصاحبها الوليد بن طلال، الراجحي، الظهرة الإماراتية، وجنوبالوادي للتنمية في المساحات المخصصة لها وهي شركة تابعة للقومية للتشييد، وتملكها الحكومة، فقد أكدت نجاح الزراعة في توشكي بعد أن زرعت القمح، وأيضاً نجحت في جذب العديد من المستثمرين للزراعة بالتأجير، كما أكد لي دكتور مهندس/ أحمد النمر المستشار الزراعي لشركة تكنو جرين والذي صرح بأن أوروبا أصبحت مهتمة بتوشكي ومنتجاتها الزراعية، حيث إنها الأفضل في العالم لخلوها من الأسمدة الصناعية واعتماد تلك الزراعات علي المقومات الطبيعية، وخاصة نقاء المياه وخلو الجو من الملوسات، لذا قمنا بزراعة مساحة من أرض جنوبالوادي بالزراعات التصديرية وهو ما انعكست آثاره علي جنوبالوادي للتنمية بتوفير المصروفات الزراعية التي كانت تصرف علي الزراعات الاستصلاحية في سنوات ما قبل الحدبة بخلاف تخصيص المصروفات العامة من أجور وكهرباء ومياه.. علاوة علي رفع كفاءة التربة وتقليل سنوات الحدبة.. وخلال تجول في أرض جنوبالوادي للتنمية شاهدت زراعات الفول السوداني والموالح والخضروات وجار تجهيز لزراعة 15 ألف فدان للقمح، وبدأت مراحل زراعته بالإضافة للزراعات الأخري. وفي توشكي شاهدت أراضي تم تخصيصها لشركة الوليد بن طلال علي زمام فرع «1» ولجنوبالوادي للتنمية 120 ألف فدان تم حصرها في 40 ألف فدان وإعادة 80 ألف فدان للحكومة.. وعلي زمام فرع «3» تم تخصيص 100 ألف فدان مخصصة للقابضة لتنمية جنوبالوادي التابعة لوزارة الري، وعلي زمام «4» تم تخصيص 200 ألف فدان للمصرية لاستصلاح وتنمية جنوبالوادي، ويعمل أيضاً في توشكي الراجحي والظهرة الإماراتية، بالإضافة للقطاع الخاص سعداوي، الحاج حافظ ولكل منهما عشرون ألف فدان. الملاحظ أن إيقاع العمل بات بطيئاً برغم نجاح زراعة كل أنواع الزراعات - كما هو علي أرض الواقع - بدءاً من القمح والشعير والنباتات الزيتية لعباد الشمس مروراً بالفول السوداني والبطاطس وجميع أنواع الخضروات والفواكه أيضاً، وجود مصنع للفرز والتغليف والحفظ ونجاح تربية الحيوانات مثل الجمال والجاموس والأغنام وهو ضمن أجندة القومية للتشييد الحكومية، إلا أن هناك عوائق وراء بطء التنمية والتي تهدد بضياع 8 مليارات جنيه تم إنفاقها علي المشروع حتي الآن منها: توقف الحكومة علي دفع ما التزمت به من ميزانيات لاستكمال المشروع والمبلغ المطلوب الآن في حدود 600 مليون جنيه منها 400 مليون للري لاستكمال المشروعات الإنمائية و200 مليون للزراعة لتكملة التزامات الشركة الحكومية الوحيدة في توشكي لاستصلاح العشرة آلاف فدان الأخيرة من مجموع ال40 ألف المخصصة لها. ثانياً: في توشكي مساكن وناد رياضي ومستشفي ومكان مخصص لمركز شباب علي مساحة عشرة أفدنة أقامتها جنوبالوادي للتنمية، المقومات ليست كافية لإقامة مجتمع متكامل، حيث إن المباني عبارة عن مجموعة فيللات وليس هناك مساكن للطبقة العاملة المتوسطة وغياب نقطة للبوليس والمدرسة وصناعات يمكن أن تقوم علي الزراعة كلها مؤشرات سلبية. ثالثا: شركة الحكومة الوطنية العاملة في توشكي وهي تابعة للقومية للتشييد والتعمير المملوكة للدولة قامت بفتح مجال العمال أمام شركات الاستصلاح والري عندما منحت كل أعمال التجهيزات لها وأيضا أمام المصانع الحربية لتوريد آلات الري المحوري، وهو ما يقدم الالتزامات الإنسانية مع الالتزامات الاقتصادية بعد أن اشتكت شركات الاستصلاح والري من عدم الحصول علي أعمال تتيح لها دفع رواتب العاملين بها. ثالثا: مازالت شبكة الصرف في توشكي غير مكتملة وتعاني من نقص الخدمات. رابعا: عدم قيام صناعات علي المحاصيل وراء غياب التسويق الجيد للإنتاج. من اللافت أن نوضح نجاح الحكومة عن طريق القومية للتشييد برئاسة مهندس أحمد السيد ومساعديه مهندس يوسف الشيخ في مساندة الشركة الحكومية الوحيدة العاملة في توشكي علي الأقل للمحافظة علي استثمارات دفعتها الحكومة تبلغ 8 مليارات جنيه وهو الأمر الذي يجعلنا نطالب الحكومة بتوفير ال 600 مليون جنيه علي الأقل لانقاذ ما تم انفاقه وتحقيق الغرض من توشكي. مهندس سعودي عليوة رئيس شركة جنوبالوادي والذي رافقني في الزيادة أكد: نجحنا في زراعة عباد الشمس والذرة لإنتاج الزيوت التي نعاني من نقصها في مصر بالإضافة إلي النجاح الأهم في زراعة القمح والثروة الحيوانية. والشركة منحت شركات الاستصلاح الحكومية والري فرصة العمل في توشكي وهو ما جعلها توفر رواتب موظفيها. شركات القطاع العام العاملة في توشكي: مساهمة البحيرة العقارية المصرية لاستصلاح الأراضي العامة لاستصلاح الأراضي العربية لاستصلاح الأراضي وادي كوم أمبو لاستصلاح الأراضي ريجو المصانع الحربية هيئة التصنيع المصرية للري والصرف الري والأشغال العامة الكرامات المصرية