«تنمية وتأهيل دور المرأة في تنمية المجتمع».. ندوة لحزب مستقبل وطن بقنا    المالية تزف بشرى سارة للعاملين بالدولة بشأن مرتبات شهر يونيو    حقيقة تأثر الإنترنت في مصر بانقطاع كابلات البحر الأحمر    عضو بملجس محافظي المركزي الأوروبي يرجح بدء خفض الفائدة في اجتماع الشهر المقبل    مسؤول أمريكي: بايدن في موقف محرج بسبب دعمه إسرائيل في حرب لن تنتصر فيها    اجتياح رفح.. الرصاصة الأخيرة التي لا تزال في "جيب" نتنياهو    وفاة والد سيد نيمار بعد صراع مع المرض    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء بالدوريات الأوروبية والمصري الممتاز والقنوات الناقلة    وليد الحديدي: تصريحات حسام حسن الأخيرة غير موفقة    أفشة: سأحقق البطولة الرابعة إفريقيا في تاريخي مع الأهلي.. واللعب للأحمر نعمة كبيرة    بشير التابعي: جمهور الزمالك سيكون كلمة السر في إياب نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    حصريا جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya الرسمي في محافظة القاهرة    عاجل - مبTHANAWYAاشر.. جدول الثانوية العامة 2024 جميع الشعب "أدبي - علمي"    3 قرارات عاجلة من النيابة بشأن واقعة "فتاة التجمع"    بسبب الخلاف على إصلاح دراجة نارية .. خباز ينهي حياة عامل دليفري في الشرقية    أمير عيد يكشف موعد ألبومه المُقبل: «مش حاطط خطة» (فيديو)    أحمد حاتم بعد انفصاله عن زوجته: كنت ظالم ونسخة مش حلوة مني (فيديو)    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الهاني سليمان: تصريحات حسام حسن تم تحريفها.. والتوأم لا يعرف المجاملات    سعر الدولار الأمريكي مقابل الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    نشرة أخبار التوك شو| تصريحات هامة لوزير النقل.. وترقب لتحريك أسعار الدواء    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    مصطفى الفقي: معادلة الحرب الإسرائيلية على غزة تغيرت لهذا السبب    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    بوتين: لدى روسيا والصين مواقف متطابقة تجاه القضايا الرئيسية    عبدالمنعم سعيد: مصر هدفها الرئيسي حماية أرواح الفلسطينيين    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    وسيم السيسي: 86.6% من المصريين يحملون جينات توت عنخ آمون    وزير الرياضة: نمتلك 5 آلاف مركز شباب و1200ناد في مصر    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعلنا ممن تفاءل بخيرك فأكرمته ولجأ إليك فأعطيته    أثناء عمله.. مصرع عامل صعقًا بالكهرباء في سوهاج    تحرير 31 محضرًا تموينيًا خلال حملة مكبرة بشمال سيناء    إبراهيم عيسى: من يقارنون "طوفان الأقصى" بنصر حرب أكتوبر "مخابيل"    سعر الفراخ البيضاء والبيض بالأسواق اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    شاهد لحظة استهداف حماس جنود وآليات إسرائيلية شرق رفح (فيديو)    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    وزير الشئون الثقافية التونسي يتابع الاستعدادات الخاصة بالدورة 58 من مهرجان قرطاج الدولي    3 فعاليات لمناقشة أقاصيص طارق إمام في الدوحة    اليوم.. التضامن تبدأ صرف معاش تكافل وكرامة لشهر مايو    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أسهل طريقة لعمل وصفة اللحمة الباردة مع الصوص البني    بعيدًا عن البرد والإنفلونزا.. سبب العطس وسيلان الأنف    تعليق يوسف الحسيني على إسقاط طفل فلسطيني لطائرة مسيرة بحجر    نقيب الأطباء: مشروع قانون المنشآت الصحية بشأن عقود الالتزام تحتاج مزيدا من الضمانات    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    ريا أبي راشد بإطلالة ساحرة في مهرجان كان السينمائي    هل سيتم تحريك سعر الدواء؟.. الشعبة توضح    وزير الصحة يزور مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي.. ويشيد بالدمج بين الخدمات الطبية واستخدام التكنولوجيا المتطورة    وزارة الهجرة تشارك احتفال كاتدرائية العذراء سيدة فاتيما بمناسبة الذكرى 70 لتكريسها    وزير الأوقاف: نسعى لاستعادة خطابنا الديني ممن يحاول اختطافه    أمين الفتوى يوضح متى يجب على المسلم أداء فريضة الحج؟    جامعة الزقازيق تتقدم 46 مركزا بالتصنيف العالمي CWUR لعام 2024    محافظ أسوان يكلف نائبته بالمتابعة الميدانية لمعدلات تنفيذ الصروح التعليمية    جامعة كفرالشيخ تتقدم 132 مركزا عالميا في التصنيف الأكاديمي CWUR    "العيد فرحة".. موعد عيد الأضحى 2024 المبارك وعدد أيام الاجازات الرسمية وفقًا لمجلس الوزراء    بالصور.. وزير الصحة يبحث مع "استرازنيكا" دعم مهارات الفرق الطبية وبرامج التطعيمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تكلفة الواحد مليون جنيه 1200 نفق في سيناء بمتوسط دخل 30 ألف دولار شهرياً

44 عاماً قضتها سيناء ودموعها تتساقط علي وجنتيها تنتظر رمالها الذهبية قطرات عرق شباب النيل تلقح أرضها الخصبة فتنجب الخير لمصر كلها، صباح الخامس من يونيو 1967 استيقظت أرض الفيروز علي رائحة نتنة وأقدام نجسة تدنس طهارتها صرخت عندما اختطفها الصهاينة ، لتظل في الأسر 6 سنوات، كان عزاؤها بكاء الأم عليها وما يؤنس وحشتها من شهداء تحتضنهم أرضها، وسباق رجال شجعان الزمن لتحريرها.. وقد كان، ففي الثانية من ظهر السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان زئر أسود مصر وتعالي أزيز الطائرات المقاتلة، وهدير المدافع التي دقت حصون العدو فارتعدت فرائسه، اختبأ اليهود في جحورهم، بينما تعصر سيناء جثثهم تارة وترقص بها رقصة النصر تارة أخري، فلم تمنعهم حصونهم ولا خط بارليف المنيع ولا حممه من مصيرهم المحتوم، يومها اغتسلت سيناء بدماء الشهداء فاستعادت طهارتها ونقاءها، منذ ذلك الحين ولا تزال تنتظر مع اطلالة كل فجر جديد من يحمل لها البشري، كثيراً ما ابتلعت رمالها صفحات جرائد تحمل الوعود بيوم تخضر فيه، فما تلبث أن تكتشف أنها مجرد أضغاث أحلام مسئولين، رحل بطل التحرر، غادر السادات دنيانا، وجاء مبارك، وطال الانتظار مع ميلاد كل فجر جديد وغروب شمس تموت الأيام تتراص فإذا هي سنوات امتدت إلي 30 عاماً من التحرير في انتظار التعمير، في انتظار البشار
رحل مبارك ونظامه غير مأسوف عليهم تلاحقهم تهمة الخيانة العظمي في حق مصر بهجر سيناء مع سبق الإصرار والترصد، اليوم أرض الأنبياء ومهبط الرسالات تشتم رائحة جيل ثورة 25 يناير تنتظر أن تدفع به حكومته الجديدة في أحضانها فهاهي سيناء تشتاق لحضن مصر الذي لم تسمع عنه سوي في أغاني عبدالحليم حافظ الذي كان يشدوا " بالأحضان يا حبيبتي يا سينا" في كل ذكري سنوية للتحرير بينما الجفاء والحرمان يزدادا، فهل آن الأوان أن تشعر أرض الفيروز بدفء أحضان مصر أحضان التعمير؟
في الذكري الثلاثين للاحتفال بمعركة الكرامة قررت «روزاليوسف» أن تنكأ الجراح وتتلمس مواضع الألم، بحثاً عن تشخيص للأورام التي أصابت الجسد، فهناك علي أرضها سعت خلايا تكفيرية للنمو، وعدد من أبنائها تطاردهم أحكام النظام البائد، ويعتصر قلوب عدد ليس بقليل شعور بالحرمان ونقص الخدمات والبطالة، والتخوين والمنع من حقوق التملك، فيما تكاثرت في الجسد ثقوب الأنفاق، واستبعد البعض أشجار التين والزيتون ليزرع الخشخاش والأفيون، وهناك من رأي أن تجارة السلاح أكثر ربحاً من الفيروز والأحجار الكريمة فحولها لسوق سلاح.
شبة جزيرة سيناء معبر آسيا لإفريقيا، سدس مساحة مصر، بها مقومات دولة، حيث الشواطئ الساحرة، والسواري المبهرة ، وطريق العائلة المقدسة، والصخرة المعلقة، ودير سانت كاترين، وعيون موسي، وثروات نفطية ومعدنية، وأراض زراعية خصبة ومنافذ مائية ومياه جوفية.
فهيا بنا نغوص عبر حلقات في عمق سيناء بين الثروات والمشكلات، جمال المكان وأوجاع الإنسان، بين الواقع والمأمول، نعبر الأنفاق ونكشف أسرارها، ونتسلق الجبال لمحاورة أخطر المطلوبين أمنيا، نقف علي حقيقتهم وما وراءهم من أسرار، نخترق مافيا السلاح، نتعرف علي المصادر والأسعار وطرق التهريب، لنقدم روشته العلاج. كانت دقات الساعة تقترب من منتصف الليل عندما استقبلني صاحب أحد الأنفاق التي يطلقون عليها "خطوط" محاولاً إثنائي عن الذهاب للنفق في هذه الليلة فالعمل متوقف بناءً علي اتصال من مالكي الأنفاق بغزة بشركائهم في رفح مؤكدين إلقاء الطائرات الإسرائيلية لمنشورات تطالب بإخلاء الأنفاق لأنها ستتعرض للقصف، مضيفا إسرائيل تضرب الأنفاق من الساعة الواحدة وحتي الثانية صباحاً ونزول النفق الآن خطر فربما تضرب وتنهار علينا، والجميع متوقف والأنوار مطفأة حتي لا يستهدفنا الطيران الإسرائيلي اعتماداً علي مصدر الإضاءة، مستطرداً أحياناً يكون لإسرائيل جواسيس يعملون بالأنفاق فيتولي العميل إلقاء شريحة صغيرة ممغنطة في الرمال بمدخل النفق فتتعرف الطائرات عليها وتصيب القذائف مدخله بقنابل تهز الأرض" قنابل ارتجاجاجية" فينهار النفق؟
سألته: هل تثقون في منشورات إسرائيل؟.. نعم بالفعل يقصفون الأنفاق والليلة قبل الماضية ضربوا 4 أنفاق وقتل ثلاثة وثلاثة ما زالوا مفقودين داخل النفق المهدم.. مصريين؟.. لا فلسطينيين معظم الضحايا من الفلسطينيين لأن الضرب في الطرف الآخر.. هل دائما تعلن إسرائيل وتطالب بالإخلاء قبل القذف؟.. لا لكن نعلم أحياناً عندما نلاحظ تراجع الجنود المصريين من حرس الحدود مسافة 500 متر عن مواقعهم عندها نعلم أن إسرائيل أخبرتهم وطلبت التراجع حتي لا يصيبهم القصف فنأخذ حذرنا ونبلغ الطرف الآخر.. قال أفضل أن تنتظر "بكره الخطوط ستعمل بعد صلاة الجمعة وبعد الإفطار" رفضت الانتظار فواصل السير باتجاه الأنفاق حيث بدأت المغامرة واقتربنا من الحدود لنمر داخل المنطقة السكنية برفح قبل الحدود بقرابة ال600 متر أشار إلي فناء منزل وقال هنا تخزن البضاعة، فالمخازن منتشرة في هذه المنطقة وعلي بعد 300 متر من السور الحدودي تنتشر مداخل الأنفاق حيث المنازل المتناثرة في مساحات شاسعة تحيط بكل منزل حيث تزرع الحديقة بأشجار التين والزيتون "حوش" كان به كميات كبيرة من كراتين السيراميك مخزنة انتظاراً للنقل لغزة عبر الأنفاق وفناء آخر به كميات من الحديد وفي الطريق قابلنا عددًا من السيارات النقل الشفر تحمل البضائع وتتجه إلي مداخل محاطة بأسوار من الشجر والحطب، فيما تشعبت الطرق الضيقة والحارات بين المزارع الصغيرة التي يصعب علي أي شخص من غير المنطقة الخروج من متاهاتها.. قال اقتربنا هنا تنتشر الأنفاق دخلنا إحدي الحدائق بالسيارة نظر عن شماله وقال هنا نفق للمواشي يعبر من خلاله البقر والجاموس، المدخل متسع وقطر النفق كبير تحركنا علي الأقدام في اتجاه نفق آخر لا يبعد سوي 100 متر عن سابقه يستخدم في تهريب الأسمنت والزلط ومواد البناء، فجأة قال انتظر، توقفت فإذا به يرفع سلكًا رفيعًا يصعب رؤيته مع انخفاض الإضاءة ويقطع الطريق إلي النفق بالعرض بارتفاع عنق الشخص متوسط الطول، سألته لماذا هذا.. قال تأمين.. قلت مكهرب؟ قال: لا لكن إذا اصطدم به شخص نعلم أنه شخص غريب.. تأخرت عنه خطوة فبعد خمسة أمتار أخري توقفت ليرفع سلكًا آخر من طريقنا لنصل بعدها بخمسة أمتار أخري توقفنا أمام دائرة أطنان الأسمنت المتراصة عبواتها علي شكل دائرة بارتفاع يصل إلي مترين.. في البداية لم أتعرف علي الأسمنت لأن شكائره أعيد وضعها في أجولة من البلاستيك التي تعبأ فيها الحبوب.. قال هذا اسمنت مجهز للنقل لغزة.. موضحاً أن تعبئته في أجولة بلاستيكية هدفه حماية الشكائر الورقية من التمزق خلال عملية النقل في الأنفاق وحمايتها من الرطوبة.
تسلق الشكائر وصعدت خلفه فإذا بفتحة النفق وسط الدائرة مضاء بلمبة 60 فولت.. وبحذر شديد دخلت النفق من الذي يبدأ بزاوية إنحدار كبيرة مستخدماً حبلاً مثبتًا في جدار النفق للوصول للعمق حيث تقلصت زاوية الانحدار.. لأشاهد أجهزة الاتصال مثبتة في الجوانب أسفل سقف النفق الذي يصل قطره حوالي متر ونصف.
للنفق فتحتان في رفح المصرية والفلسطينية وفي كل جانب مثبت ونش سحب يعمل بالكهرباء، وعربة مصنوعة من البلاستيك السميك الشبيه بذلك الذي تصنع منه جراكن البنزين ولكنها سميكة وقوية، ليسهل انزلاقها بالنفق عند سحبها حمولة العربة الواحدة طن وربع الطن من الأسمنت كما تستخدم في نقل الزلط بعد تعبئته قي أجولة، وعن طريق الاتصال بين الطرفين يقوم عمال النفق من الطرف الفلسطيني بسحب العربة عن طريق الونش ثم يسحبها الطرف المصري فارغة لإعادة تعبئتها.
تهريب الوقود له طريقتان للتهريب عن طريق الجراكن وأنفاق أخري توضع تانكات في حفر في الرمال بالقرب من النفق لتخزين الوقود ثم ينقل للطرف الآخر عبر نفق من خلال خراطيم سحب. قال مالك النفق إن عدد الأنفاق يصل إلي 1200 نفق منها ما يعمل بشكل دائم ومنها المهجور الآن وبعضها يؤجر لآخر لتشغيله من مالك الأرض.
قضية معقدة بحساباتها السياسية والأمنية والاقتصادية
الأنفاق قضية بالغة الخطورة، ذات أبعاد عدة منها بعد الأمن القومي وبعد اقتصادي وآخر ذو علاقة بشبكات المصالح، ورابع متعلق بأوراق إدارة الصراع العربي الإسرائيلي، والعلاقات المصرية الفلسطينية والإسرائيلية. فمن الأنفاق تعبر الأسلحة من وإلي غزة، وينتقل البشر بطرق غير شرعية، ويتوقف التحكم في مرور أصحاب الأهداف التخريبية ضد مصر وتهريب السلاح من وإلي الطرف الآخر علي نوع العلاقة وطبيعتها مع حماس وقدرة الطرفين علي السيطرة علي الشريط الحدودي وقوة الأمن المصري في تلك المنطقة التي يحكم أعداد الجنود بها اتفاقية كامب ديفيد التي يطالب الشعب المصري بإلغائها أو تعديل بنودها، أما البعد الاقتصادي فيتعلق بشبكات المصالح والتجار العاملين بصناعة الأنفاق من الطرفين، فالأمر لا يتعلق بالقناعات الفكرية، فليس كل من يعمل بها يستهدف خدمة الطرف الفلسطيني المحاصر، فالقضية أبعد وأعمق بكثير وخلفها شبكات مصالح ومتربحين من الطرفين وشبكات عمالة وشركات استيراد وتصدير تخطت حدود البلدين، فيقول شريك في أحد الأنفاق "من يرزقه الله بنفق في بيته أفضل ممن يملك بئر بترول" مضيفًا "انظر حولك للعمارات والبيوت الفاخرة وعدد السيارات الحديثة التي تسير في المدينة، كل ذلك لم يكن موجودًا منذ 5 سنوات، الناس هنا كانت مش لاقيه لقمة العيش والكثير باع أرضه وهجر المكان بحثًا عن الرزق، لكن اليوم نادمين".. فيما كشف آخر أنه "يوجد تجار كبار يستوردون الأسمنت من تركيا عبر ميناء العريش ثم يشتريه صاحب الخط "النفق" الطن من علي أرضه ب600 جنيه يصرف عليه تكييس ونقل 30 جنيها للطن ثم يحصل صاحب الخط علي مقابل عبور النفق 50 دولارًا لكل طن يتم تهريبه، مستطردا يمكن أن يمر بالخط الواحد 300 طن يومياً ليصل الدخل اليومي في بعض الأوقات 15 ألف دولار يوميا ومتوسط 50 دولارًا شهرياً يتقاسمها القائمون علي الخط مناصفة 50% للطرف الفلسطيني ومثلها للمصري لافتاً في الوقت ذاته إلي أن الدخل تضاءل في السنوات الأخيرة مع تزايد عدد الأنفاق وتراجع ثمن مرور البضائع، لدرجة أن بعض الأنفاق لا تحقق أكثر من 5 آلاف دولار لكل طرف.
الأنفاق يهرب من خلالها كل شيء من ألعاب الأطفال والملابس حتي العجول الحية والسيارات ومواد البناء والسلاح والبشر، لكن عددًا من القائمين عليها يؤكدون أن الأكثر مروراً الآن هي السلع الغذائية ومواد البناء فيما تم التشديد علي مرور البشر لإجراءات أمنية حيث يدقق في إثبات الشخصية وسبب دخول غزة وموعد العودة، والأسعار كذلك تختلف من سلعة لأخري فالفرد يمر من النفق ب100 دولار وتراجع السعر إلي 50 دولارًا للفرد مع تزايد عدد مرور أبناء العائلات ذات علاقات النسب والمصاهرة بين المصريين في سيناء والفلسطينيين.
أحد أمناء الأنفاق ولقبه "أمين" يطلق علي الشخص الشريك في النفق بنسبة 25% مقابل وساطته بين حافري الأنفاق من الطرف الفلسطيني والمصري الذي سيخرج النفق في منزله حيث يحصل الطرف المصري علي 50% من دخل النفق يتقاسمها مالك الأرض الذي يخرج منها النفق والوسيط أو الأمين قال: إن سعر مرور السيارة من النفق يتراوح بين 5 و8 آلاف دولار وفقاً لقيمتها والموديل، بيمنا يستخدم النفق ذاته في نقل العجول والأبقار والأغنام إلي غزة حيث يقوم تجار من غزة بالاتصال بتجار في مصر وكثيراً يحضرون بأنفسهم للاتفاق مع أصحاب المزارع والمستوردين، ويخطر مالك النفق بموعد تشغيل الخط وتمر البقرة أو العجل مقابل 50 دولارًا لكل رأس ماشية، مضيفاً هذه أقل أسعار ففي السابق مع تشديد الحصار وملاحقة الأنفاق كان العجل يصل سعر مروره إلي 500 دولار فكان التعامل بدولار واحد لكل كيلو وزن وليس بالرأس كما هو الآن، فينقل طن الزلط ب150 جنيها مصريا.
تكلفة انشاء النفق تتراوح من 300 ألف إلي مليون جنيه مصري لكن ما هي تكلفة حفر النفق؟ وما متوسط طوله تحت الشريط الحدودي؟ ومن أين تأتي العمالة والمعدات؟ وهل تصرف تعويضات لأسر الضحايا ممن تنهار عليهم الأنفاق لأسباب فنية أو نتيجة القصف الإسرائيلي؟ حصلت علي إجابة عن هذه الأسئلة من القائمين علي الأنفاق فقال "الأمين" النفق يصل طوله إلي 600 متر يتكلف المتر حفر وتجهيزات 100 دولار ليصل التكلفة إلي مليون جنيه في الأنفاق ذات القطر الكبير والمجهزة بقضيب سكة حديد تسير عليه العربة لأنه يمكنه نقل حوالي 500 طن من مواد البناء يومياً مضيفاً العمالة الفنية والمعدات يوفرها الجانب الفلسطيني فجميعهم من حماس والعمالة في الأشغال الخطرة يقوم بها الفلسطينيون، وكثيراً ما يكون هناك ضحايا ومن يموت تصرف حماس لأسرته 50 ألف دولار يتحملها الشريكان المصري والفسلطيني ولذلك نوقف العمل عندما يكون هناك معلومات أو تهديدات من إسرائيل بالقصف فموت 4 يعني تحمل تعويضات تصل إلي مليون و200 ألف جنيه مصري واحتمال تخريب الخط ولذلك نأخذ الأمر بجدية.
النفق المعبر
كانت اللافت عندما وصلت من بئر العبد إلي مدينة العريش في الحادية عشرة من مساء اليوم السابق علي زيارتي لرفح ، في رحلة البحث عن الأنفاق، أن السائق الذي طلبت منه توصيلي لأقرب أوتيل ، أجاب بتلقائية عندما سألته أريد الذهاب غدا إلي رفح كم تستغرق الرحلة؟ فكانت المفاجأة أن سألني ، إلي أين ستذهب في رفح معبر ولا أنفاق؟ ...هل تعرف طريق الأنفاق ، فأجاب نعم ، قلت أريد العبور لغزة أيهما أفضل؟ قال: معبر " ف. ب"، فتعجبت: معبر؟! فأوضح أنه نفق ولكن من كثرة شهرته يسمونه معبر فقطرة وارتفاعه كبير يسمح للشخص أن يعبر إلي غزة وهو يجري وكأنه يسير في شارع مستطردا "دا نفق مكيف به فتحات تهويه والعبور لا يستغرق 10 دقائق" سألته هل يوجد نفق آخر لعبور الأفراد قال "نفق ع".
هل سبق لك العبور منه؟.." أيوه بروح أحياناً اتفسح في غزة وأزور أولاد عمتي وأرجع أصل اكبر علاقات نسب في مصر مع دول عربية بين أبناء العريش ورفح المصرية والفلسطينيين".
سألته وما يهمك إذا كنت أملك إثبات الأنفاق ثقوب في جسد الوطن، والعمل بها تجارة فالسلع تصل مضاعفة الثمن لفلسطين والمتربحين من الطرفين، والأرباح الخيالية خلقت فجوة اجتماعية كبيرة لأهالي رفح المصرية، فهناك الثراء الفاحش والفقر المدقع الفيللات والعشش، والدولة مسئولة عن التنمية لانتشال الشباب من اللجوء للتجارة المحرمة والخطورة تكمن في تهريب السلاح واستهداف أمن مصر؟
والغزاوية يملكون الكثير من المال من المعونات والدعم العربي ولا خيارات أخري لهم في ظل الحصار، فلن يأكلوا الأموال؟ فهل الحسابات السياسية والمعادلات الدولية والقرارات المصرية ستصل يوماً لفتح المعبر بشكل دائم لمرور السلع بشكل شرعي وغلق ثقوب أمام الأعمال التي تجري في الظلام؟؟؟؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.