دراما وثائقية.. «أم الدنيا 2» مكتوب ب«القبطية» ويتصدر مشاهدات «WATCH IT»    مؤشر الدولار (DXY) يخترق قمة جديدة بحركة التداولات العالمية    ماكرون يعلن حل البرلمان الفرنسي ويدعو إلى انتخابات تشريعية في 30 يونيو    بعد تأجيرها لمدرس جيولوجيا، قرار من الرياضة ضد مسئولي صالة حسن مصطفى    "انتهاء الأزمة".. منتخب الكونغو يستعد للسفر إلى المغرب    إصابة شاب في حادث تصادم بالطريق الدائري بالإسماعيلية    البابا تواضرس الثاني يؤدي صلاة عشية بكنيسة أبو سيفين بدير العزب    أخفيت الخبر حتى عن ابني، لميس الحديدي تتحدث عن إصابتها بالسرطان قبل 10 سنوات    هل يجوز صيام 7 أيام فقط من ذي الحجة؟.. «الإفتاء» توضح    كم عدد أيام التشريق وحكم صيامها؟.. تبدأ من مبيت الحجاج بمنى    الإفتاء توضح أعمال الحجّ: اليوم الثامن من ذي الحجة "يوم التروية"    احترس من الصيف، دراسات تكشف ارتفاع خطر الإصابة بالتجلطات مع ارتفاع درجات الحرارة    «مستقبل وطن»: يجب أن تعبر الحكومة الجديدة عن نبض الشارع    فحص 1068 مواطنا في قافلة طبية ضمن مبادرة حياة كريمة بدمياط    الأونروا: وصلنا لطريق مسدود في غزة.. والوضع غير مسبوق    لمواليد «الأسد».. توقعات الأبراج في الأسبوع الثاني من يونيو 2024    ليلى عبد اللطيف تتوقع انفصال هذا الثنائي من الفنانين    جانتس: نترك حكومة الطوارئ وننضم إلى المعركة لضمان أمن إسرائيل    أحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة وموعد الإعلان الرسمي    اتحاد المصريين بالسعودية: أغلبية المرحَّلين لعدم حملهم تصاريح الحج مصريون    مصطفى عسل يتوج بلقب بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش    تنبيه هام من «البترول» لسكان الوراق: «لا تنزعجوا من رائحة الغاز»    نقابة المهندسين بالإسكندرية تستعد لأكبر معرض للسلع المعمرة بمقر ناديها بالإسكندرية    يورو 2024| سلوفينيا تعود بعد غياب 24 عاما.. انفوجراف    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة أسيوط الأزهرية بعد اعتمادها رسميًا    قرار قضائي بشأن المتهمين بواقعة "خلية التجمع"    تنسيق مدارس السويس.. 225 درجة للثانوية العامة و230 للبنات ب"المتقدمة الصناعية"    إدخال 171 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر كرم أبو سالم جنوب رفح    منتدى دولي لحشد الدعم الإعلامي للاعتراف بدولة فلسطين    إصابة كيليان مبابى قبل ودية منتخب فرنسا الأخيرة استعدادا ل يورو 2024    وزيرة البيئة: زيارة الأطفال والشباب للمحميات الطبيعية مهمة    قيادات "الاستعلامات" و"المتحدة" و"الصحفيين" و"الحوار الوطني" في المساء مع قصواء.. اليوم    هيثم رجائي: الملتقى الدولي لرواد صناعة الدواجن سيكون بمشاركة عربية ودولية    علاء الزهيري رئيسا للجنة التدقيق الداخلي للاتحاد العام العربي للتأمين    مباشر مجموعة مصر - جيبوتي (1)-(1) إثيبويا.. بداية الشوط الثاني    منها مباشرة الزوجة وتسريح الشعر.. 10 محظورات في الحج يوضحها علي جمعة    «مكافحة المنشطات» تنفى الضغط على رمضان    سيدات مصر لسلاح الشيش يتوجن بذهبية ببطولة أفريقيا للفرق    بشرى سارة بشأن توافر نواقص الأدوية بعد عيد الأضحى.. فيديو    مياه القناة: استمرار أعمال التطهير لشبكات الصرف الصحى بالإسماعيلية    «اقتصادية الشيوخ»: الرقابة المسبقة سيؤثر إيجابيا على الاستثمار في مصر    مدحت صالح يستعد لإحياء حفل غنائي 29 يونيو بالأوبرا    حجازي: جار تأليف مناهج المرحلة الإعدادية الجديدة.. وتطوير الثانوية العامة    المنظمات الأهلية الفلسطينية تدعو لتشكيل محكمة خاصة بجرائم الاحتلال    محافظ الشرقية يهنئ لاعبي ولاعبات الهوكي لفوزهم بكأس مصر    المرور: ضبط 28776 مخالفة خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية والخدمية بمركزي أبو حماد والزقازيق    انتقدت أسيرة إسرائيلية.. فصل مذيعة بالقناة 12 الإسرائيلية عن العمل    توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين جامعتي المنصورة والأنبار (صور )    مدرسة غبور للسيارات 2024.. اعرف مجموع القبول والتخصصات المتاحة    وزير الزراعة يوجه بتكثيف حملات التفتيش على منافذ بيع اللحوم والدواجن والاسماك والمجازر استعدادا لاستقبال عيد الأضحى    ضبط مالك مطبعة متهم بطباعة المطبوعات التجارية دون تفويض من أصحابها بالقليوبية    فى انتظار القصاص.. إحاله قضية سفاح التجمع الخامس إلى جنايات القطامية    اعتدال بسيط في درجات الحرارة بمحافظة بورسعيد ونشاط للرياح.. فيديو وصور    بسمة داود تنشر صورا من كواليس "الوصفة السحرية"    يحدد العوامل المسببة للأمراض، كل ما تريد معرفته عن علم الجينوم المصري    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‏خارج دائرة الضوء
‏ 25أبريل فترة عمرها‏18‏ سنة فيها‏500‏ يوم استنزاف
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 04 - 2010

‏**‏ شهر أبريل فيه ما فيه من الأحداث إلا أن يوم‏25‏ منه سيبقي الحدث الأعظم في أبريل لأنه ليس مثل أي يوم ولن يكون في يوم شبه أي يوم وتلك حكاية ولا كل الحكايات لكنها بكل أسف تراجعت ومعالمها فيما يبدو اتنست رغم أن هذا اليوم يحمل ذكري مستحيل أن تنسي‏...‏ أتكلم عن‏25‏ أبريل‏1982‏ وفيه استعادت مصر سيناء بالكامل وتم رفع علم مصر علي الحدود الشرقية بعد انسحاب آخر جندي صهيوني منها‏..‏ تطهرت الأرض الغالية المقدسة التي عاشت مدنسة من يوم‏5‏ يونيو‏1967‏ وحتي‏25‏ أبريل‏1982‏ وما بين يونيو الستينات وأبريل الثمانينات وقعت في مصر أحداث وقف لها العالم علي أطراف أصابعه مبهورا من عظمة وأصالة وعبقرية شعب تحالفت كل الظروف ضده وتآمرت كل القوي عليه وانتصر لأن من كان الله معه فمن عليه؟‏!.‏
ما بين احتلال الأرض في يونيو‏1967‏ وتحرير الأرض في أبريل‏1982‏ مرت‏15‏ سنة أظنها السنوات الأهم في تاريخ مصر علي الإطلاق‏..‏ فيها احتلت أرضنا وفيها مؤامرات ومخططات ونظريات لأجل أن يعترف العالم بالحدود الجديدة التي فيها منتصف عرض القناة هو الحدود وفيها الكل يؤمن بأن البقاء للأقوي وفيها تجلت عظمة وكبرياء وشموخ المصريين وقسم وعهد بين أنفسهم والله أن يستردوا الأرض وإن ارتوت سيناء بدماء كل المصريين لتظهر أعظم ملاحم فداء عرفها التاريخ وإن كنا في مصر لا نعرفها لأن أسرارها وحكاياتها أغلبها لم يعلن‏...‏
ملاحم فداء بدأت بعد الهزيمة بأيام واستمرت وكبرت إلي أن تحولت إلي حرب استنزاف عمرها‏500‏ يوم وعمر الصهاينة ما رأوا جهنم بالنهار لكنهم شاهدوها وعاشوها‏500‏ يوم استنزاف وبعدها فوجئوا بالزلزال والإعصار يوم‏6‏ أكتوبر‏1973..‏ يوم وجدوا الموت يعبر القناة ويقتحم بارليف ويسقط نقاطه القوية ويحصد الأرواح‏..‏ يوم عرف العالم أن نظرية الجيش الذي لا يقهر وهم وتأكد العالم أن العرب أمة يستحيل أن تموت‏...‏ واستمرت الملاحم إلي أن أيقنت أمريكا أن الصهاينة في خطر بحق وبجد بعد أن ورطوا أنفسهم في عملية الثغرة التي انتهت إلي حصار محكم رهيب علي العدو وهو ما دفع كيسنجر إلي الإقامة الدائمة في المنطقة متنقلا ما بين هنا في مصر وهناك عند البعدا إلي أن تم توقيع وقف إطلاق النار بأسوان في ديسمبر‏1973‏ لتنتهي معركة سياسة أدرناها بالمدافع لتبدأ معركة سياسية تقودها الدبلوماسية‏,‏ والدبلوماسية لا تكون قوية فاعلة مؤثرة ما لم تنطلق من قوة والقوة ليست كلاما وخطبا وشعارات إنما أفعال تحركها قلوب لا تخاف في صدور رجال لا يخافون الموت وعلي استعداد للموت في سبيل الوطن‏...‏
ونجحت المعركة الدبلوماسية لأن جيش مصر فتح لها كل الأبواب المغلقة وأخرس كل الألسنة المتطاولة‏..‏ نجحت المعركة وعادت سيناء يوم‏25‏ أبريل‏1982‏ وما بين يونيو‏1967‏ وأبريل‏1982‏ حدوتة لا يجب أن تنسي أجاهد لأجل تلخيصها في هذه النقاط‏:‏
‏1‏ سيناء مساحتها‏61‏ ألف كيلو متر مربع‏.‏ اتفاقية السلام التي خلقتها حرب أكتوبر وفرضتها حرب أكتوبر ووضعتها حرب أكتوبر علي مائدة المفاوضات‏..‏ هذه الاتفاقية أقرت بأن الانسحاب من سيناء علي مرحلتين والرئيس السادات رفع العلم علي العريش بعد الانسحاب منها في‏25‏ مايو‏1979..‏ وتم آخر انسحاب إسرائيلي واستعادة سيناء بالكامل ورفع العلم علي الحدود الشرقية لمصر في‏25‏ أبريل‏1982‏ وفي هذا اليوم كان الرئيس مبارك صريحا مع نفسه ومع شعبه وفي مفاجأة غير متوقعة للصهاينة أعلن أن سيادة مصر علي سيناء لم تكتمل ولن تكتمل إلا بعد خروج الصهاينة من طابا التي عليها مشكلة والرئيس صارح الشعب والعالم بها معلنا أن مصر ستصل إلي آخر مدي لأجل استعادة كل حبة رمل مصرية ودخلت مصر معركة سياسية دبلوماسية جغرافية تاريخية قانونية إلي أن عادت لمصر مساحة الأرض المتنازع عليها في طابا‏(1020‏ مترا مربعا‏)‏ بعد سبع سنوات في‏19‏ مارس‏1989.‏
‏2‏ القضية لم تكن‏61‏ ألف كيلو متر مربع ولا ألف متر ولا مترا واحدا‏..‏ القضية أن مصر علي مدي تاريخها لم تفرط في سنتيمتر واحد من أرضها وهذا مبدأ معمول به ومطبق منذ توحيد مصر ومسجل في لوحة مرمر وعليها وصية الملك مينا سنة‏3200‏ قبل الميلاد وفيها يوصي أولاده بعد توحيد القطرين بألا يفرطوا أو ينقصوا ذرة رمل واحدة من مصر وهذا لم يحدث وبمشيئة الله لن يحدث‏.‏
‏3‏ بعد‏5‏ يونيو‏1967‏ الذي ضاع من مصر ليس حبة رمل إنما‏61‏ ألف كيلو متر مربع والصهاينة يرون هذه الأرض توراتية وأنها عادت لهم بمشيئة الرب وأنها الأنسب أمنيا لهم وبدأوا يغيرون من طبيعة سيناء الجغرافية لربطها بهم وعزلها عن مصر والعالم يتفرج ويقف مع الأقوي ولماذا ينحاز للأضعف وهزيمة‏1967‏ كسرت وسطنا عسكريا واقتصاديا ومعنويا وأيضا رفعت معنويات العدو إلي السماء ولم لا وهم الجيش الذي لا يقهر والذي كسب معركة في ساعات واحتل سيناء بالكامل‏..‏ ومن بإمكانه أن يجبرهم علي الانسحاب من سيناء لأن الإجبار إما أن يكون بالقوة العسكرية وأين هي عند جيش مهزوم أو بالمفاوضات ومن يجلس مع مهزوم لا حول له ولا قوة أو حتي يسمع كلمة منه‏...‏
هذا هو الواقع الذي فرضته هزيمة يونيو‏1967‏ وهو نفسه ما جعل الصهاينة يعلنون علي العالم أجمع نقل خط الهدنة بيننا وبينهم من حدود‏1948‏ إلي منتصف قناة السويس أي أن القناة نصفها من جهة الشرق لهم ونصفها الغربي لنا أي أن الممر المائي الممتد من السويس حتي بورسعيد بطول‏170‏ كيلو مترا وعرضه في المتوسط‏200‏ متر‏..‏ هم يمتلكون‏100‏ متر ونحن‏100‏ متر‏..‏ هل هناك صلف وغرور ووقاحة أكثر من هذا؟‏.‏ هل هناك ضغط وتيئيس وإذلال يفوق ذلك؟‏.‏
‏4‏ الصهاينة لم يكتفوا بالكلام عن أن سيناء أرضهم وفقا لتعليمات التوراة ولم يكتفوا بالعمل علي تغيير جغرافيتها ولا بالحديث عن أن القناة هي خط الحدود إنما أخذوا بالفعل في تحويل التصريحات إلي واقع يفرض نفسه علي الأرض ومن هذا المنطلق قلبوا سيناء إلي خط بارليف كبير داخله ثلاثة خطوط دفاعية عسكرية‏...‏
الأول‏:‏ شرق القناة علي مسافة من‏15‏ إلي‏20‏ كيلو مترا ويتكون من‏22‏ موقعا تضم‏31‏ نقطة قوية مساحة كل نقطة‏200*200‏ متر أي‏40‏ ألف متر مربع وكل نقطة فيها كل ما يخطر علي البال من سلاح بداية من الدبابات ومرورا بالمدافع ونهاية بالرشاشات والذخيرة والإعاشة تكفي هذه النقطة للعمل بكفاءة لمدة شهر بالكامل فيما لو حوصرت‏!.‏ الصهاينة كلفوا هذا الخط قرابة المليار دولار أنفقوها علي تشييده في البداية وبعد حرب الاستنزاف علي إصلاح ما دمرته حرب الاستنزاف‏!.‏ الصهاينة في تصميمهم للخط الأول جهزوه بما يجعل اجتياز المصريين له من رابع المستحيلات‏,‏ إن المصريون أصلا عبروا القناة‏!.‏
الخط الثاني أو الأوسط وهو بطول المضايق وبعمقها من الغرب إلي الشرق‏.‏
الخط الثالث من العريش وحتي داخل الأرض المحتلة في فلسطين نفسها ويشمل الاحتياطيات ومراكز الطوارئ والجنود فور إعلان التعبئة يحضرون في أتوبيسات ويتسلمون أسلحتهم وذخائرهم ويركبون الدبابات أو المجنزرات‏...‏
‏5‏ هذه كانت الصورة الكاملة للموقف في سيناء مع الوضع في الاعتبار أن التنسيق تام وكامل بين الكيان الصهيوني وأمريكا التي سخرت مخابراتها بكل ما تملك من معلومات في خدمة الصهاينة‏..‏ باختصار الواقع علي الأرض في مصلحتهم مائة في المائة والمناخ العالمي معهم مائة في المائة والظروف التي نحن فيها وعليها معهم مائة في المائة‏..‏ فماذا حدث؟‏.‏
‏6‏ الإصرار تام من القيادة السياسية والقوات المسلحة علي حتمية استرداد الأرض وهذا ما أعلنه الرئيس عبدالناصر‏..‏ ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة‏.‏ صحيح ظهرت مبادرات سلمية لحل المشكلة والأصح أنها فشلت لأن المنتصر لا يسمع المهزوم والضعيف ليس من حقه أن يتشرط ويشترط أو حتي يتكلم‏!.‏ نحن لن نفرط في شبر أرض ولهذا فشلت المبادرات والعالم يتفرج ومن في العالم يعنيه أمر العرب‏..‏ ولم يصبح أمامنا إلا طريق واحد من أول يوم عرفنا أنه الأوحد وبدأنا السير عليه رغم أننا نسير بأقدام عارية علي أشواك تدمي من يقترب منها فما بالنا بمن يسير عليها‏..‏ وسرنا لأنه لا يوجد إلا هذا الطريق إن أردنا الشرف والكرامة والعزة‏..‏ إن أردنا استرداد عرضنا الذي هو أرضنا‏!.‏
بدأت عملية إعادة بناء القوات المسلحة بالكامل بما يتناسب والأوضاع الجديدة وانسحبنا من اليمن لاستحالة الحرب علي جبهتين وسعينا بكل الطرق لامتلاك أسلحة ومعدات تقترب‏..‏ مجرد الاقتراب‏..‏ مما يملكونه علما بأنها مسألة مستحيلة لأن الكبار في العالم لا يعنيهم أمر الدول الصغيرة ومصالح الكبار تسبق المبادئ والشعارات ولذلك كانت معركة التسليح بالغة الصعوبة لأننا لا نملك ما نضغط به واستحالة أن نساوم علي شرفنا‏!.‏ الكل باع واشتري فينا ومع هذا نجحت القيادة السياسية في إتمام صفقات وعانت كثيرا ولم توفق في صفقات‏...‏
هذه الفترة التي بدأت ببداية سنة‏1968..‏ تحملت فيها القوات المسلحة المصرية ما لا تتحمله أي جيوش في العالم‏..‏ تدريبات بالغة القسوة بلا راحة ولا رحمة ومن يرتاح له بال والصهاينة يتمخطرون علي شاطئ القناة‏!.‏ ضغوط هائلة تحملها الرجال لأجل يوم هو قادم لا محالة‏!.‏
وأيضا كانت وقفة الشعب المصري العظيم الذي عاش سنوات صعبة جدا جدا‏..‏ قبلها برضاء نفس لأجل أن يوفر المال لشراء السلاح وقرابة ال‏90‏ في المائة من التكلفة تحملها الشعب المصري العظيم من دخله ومن قوته ومن كل الأولويات‏...‏
الذي حدث في هذه الفترة تلاحم هائل بين شعب مصر وجيش مصر‏...‏
‏7‏ القيادة العسكرية جهزت المسرح العسكري جزءين‏...‏
المسرح الأول غرب القناة‏..‏ قاعدة دفاعية قوية جدا جاهزة للتحول إلي قاعدة هجوم كاسح شامل‏.‏
المسرح الثاني شرق القناة‏..‏ والقوات المسلحة لم تترك متر أرض في سيناء إلا وطرقته بدوريات خلف ووسط خطوط العدو‏!.‏ كل صغيرة وكبيرة عرفناها والمعرفة جعلتنا نتعرف علي احتمالات رد فعل العدو علي كل فعل لنا‏...‏
ما بين المسرحين الغربي والشرقي تقف القناة أصعب مانع مائي عرفه التاريخ والتاريخ يقول إنه لم يحدث أن عبر جيش مانع مثله‏..‏ ومطلوب أن نعبره بأمان لأن العبور وسيلة لهدف هو قتال من يحتلون الأرض شرق هذا المانع‏..‏ وتلك هي الحدوتة‏!.‏
الخبراء في العالم‏..‏ خبراء الاستراتيجية وخبراء العسكرية ومن بينهم الخبراء الروس الموجودون في مصر وقتها‏..‏ الجميع أجمعوا علي أن خسائر الجيش المصري في العبور لن تقل عن‏30‏ في المائة من القوات‏!.‏ الخبراء الروس اقترحوا حلين لا ثالث لهما‏:‏ الأول أن نضرب العدو في سيناء بقنبلة ذرية والحل الثاني أن يدخل الجيش المصري سيناء بعمليات إبرار أي بواسطة طائرات هليكوبتر‏!.‏
القادة المصريون صمموا علي العبور كما عبر رمسيس الثاني نهر الفرات في معركة قادش وبدأ التدريب علي هذا الأساس لأننا لا نملك أصلا قنبلة ذرية وإن كنا نملكها مستحيل استخدامها لأنها ستطولنا‏,‏ أما الطائرات فمن أين نأتي بها لكي ننقل‏80‏ ألف مقاتل ودباباتهم وأسلحتهم ومياههم وذخيرتهم‏...‏
‏8‏ حرب الاستنزاف استمرت‏500‏ يوم من‏8‏ مارس‏1969‏ وحتي‏7‏ أغسطس‏1970.‏ مصر أعلنت هذه الحرب لأجل أن تعرف إسرائيل أننا أحياء وقادرون علي أن نطولهم داخل إسرائيل نفسها مثلما حدث في إيلات وأن الأرض التي احتلوها لن توفر لهم لا أمن ولا أمان ولأجل أن يعرف العالم أن في الشرق الأوسط بقعة ملتهبة وليس صحيحا أن الأمور استتبت ولأجل حرمان العدو من ترسيخ مبدأ أن القناة هي خط الحدود‏..‏ وأيضا لأجل تطعيم جيش مصر ضد فكرة أن جيش الصهاينة لا يقهر‏..‏ وكل عملية تزيل مساحة رهبة إلي أن اكتشف جنودنا أن جيشهم ولا حاجة‏..‏ الكمائن أوضحت هذا والإغارات أكدت ذلك والمجموعة‏39‏ أثبتت كل هذا وذاك‏!.‏ حرب الاستنزاف شهدت‏7‏ آلاف اشتباك مدفعية و‏84‏ إغارة ناجحة تماما وفي المتوسط خمسة كمائن يوميا بخلاف من‏15‏ إلي‏30‏ دورية خلف ووسط خطوط العدو يوميا‏.‏
‏9‏ دفاع مصر الجوي بات حقيقة وهو لم يكن موجودا في‏1967...‏
دفاع مصر الجوي دخل إلي الجبهة في ملحمة سيذكرها دوما التاريخ العسكري بعد أن أصبح لمصر دفاع قادر علي حماية سمائها وكتائب الصواريخ المصرية نصبت سيركا لطائرات الفانتوم وفي أسبوع واحد أسقطت ست طائرات فانتوم ومثلها سكاي وتم أسر جوزين طيارين صهاينة في ذلك الأسبوع الأسود علي الطيران الصهيوني وكان ذلك في يونيو‏1970‏ وأظنه تاريخا فاصلا يؤرخ به بين ما قبل‏..‏ زمن العربدة الصهيونية وما بعد‏..‏ عصر السماء المصرية الآمنة‏!.‏
‏10‏ حرب أكتوبر‏..‏ منظومة عمل بالغة الإتقان بين مختلف الوحدات العسكرية‏.‏ التنسيق مذهل بين القوات الجوية والدفاع الجوي لذلك السيطرة جاءت محكمة وسماء مصر لم تعربد فيها طائرة صهيونية وكيف تقترب ونسور مصر جاهزون ودفاع جو مصر عيونه لا ترمش‏!.‏ القاعدة الدفاعية علي الجبهة بها خمس فرق تنتظر بفارغ الصبر لحظة الصفر لأجل هجوم كاسح لا قناة ولا ساتر ترابي ولا بارليف يوقفونه‏!.‏ علي الجبهة‏2000‏ مدفع جاهزة لتدمير كل أهدافها ومدفعية الجيش الثاني قائدها أسطورة مدفعية اسمه محمد عبدالحليم أبوغزالة وال‏2000‏ مدفع ضربت ثلاثة آلاف طن ذخيرة في‏53‏ دقيقة ولنا أن نتصور الجبهة لحظة دخول ال‏220‏ طائرة مصرية إلي سيناء من كل الاتجاهات في ضربة جوية استمرت‏45‏ دقيقة ونتصور الجبهة و‏2000‏ مدفع لم تتوقف لقرابة الساعة‏!.‏ عبقرية سلاح المهندسين في إنشاء الكباري تحت جحيم النيران وعبقرية المهندسين في تمزيع جسد الساتر الترابي بالماء وعبقرية المهندسين في توفير البراطيم التي عبر عليها‏80‏ ألف مقاتل بدباباتهم ومجنزراتهم وسياراتهم وذخائرهم وعتادهم ومدافعهم‏..‏ والمدرعات المصرية التي صنعت تاريخا جديدا لمعارك المدرعات في العالم واسألوا عساف ياجوري الذي أكلت مدرعاتنا اللواء المدرع الذي كان يقوده وانتهي أمره بالتدمير وأمر ياجوري بالأسر‏..‏ والقوات الخاصة المصرية‏..‏ صاعقة ومظلات‏..‏ حكايتهم وملاحم شجاعتهم ليس لها شبه إلا في الأساطير‏...‏
يوم‏7‏ أكتوبر‏80‏ ألف مقاتل في الشرق يحتلون مواقعهم علي بعد من‏10‏ إلي‏15‏ كيلو في سيناء ونقاط بارليف تتساقط ويوم‏9‏ كانت‏29‏ نقطة قوية قد استسلمت‏..‏ ويوم‏9‏ أكتوبر جولدا مائير اتصلت برئيس أمريكا وقالت له وهي تبكي‏:‏ أنقذوا إسرائيل‏..‏ خسرنا‏400‏ دبابة و‏48‏ طائرة‏...‏
‏...‏ وانفتح الجسر الجوي الأمريكي ونقل‏28‏ ألف طن من أحدث المعدات العسكرية بالعالم والجسر البري حمل‏60‏ ألف طن أما الطائرات فهي تأتي بطيارين متطوعين بالأجر من أمريكا‏...‏
ما بعد‏9‏ أكتوبر تأكد لنا أن أمريكا دخلت الحرب‏...‏
وللحديث بقية مادام في العمر بقية
[email protected]

المزيد من مقالات ابراهيم حجازى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.