كل هؤلاء المتظاهرين في ميادين "مصر" وعلي رأسها "ميدان التحرير" .. كل هؤلاء الكتاب للرأي في الصحف المصرية ، كل هؤلاء المتحاورين في القنوات التلفزيونية وفي برامجهم الحوارية ، كل هؤلاء المنوط بهم السلطة السياسية في البلاد والمتمثلة في المجلس الأعلي للقوات المسلحة ، كل هؤلاء المعينين في مجلس وزراء "مصر " من مسئولين سميوا بالحكومة الانتقالية. يبقي هؤلاء الصامتون الأكثر من ثمانين مليون مصري ومصرية المهمومين بشئون الحياة اليومية، وهم أيضاً غير منفصلين عن مستقبل "مصر " ولكنهم مفضلون للجلوس أمام شاشات التليفزيون، ناقدين مرات وحامدين مرات أخري علي الأحداث الجارية . ولكن في واقع الأمر، هناك حقيقة واحدة مؤكدة حيث استطاع شعب" مصر" أن يحصل عليها وهي الحرية الكاملة وإخلاء رئاسة الجمهورية من سلطة مستبدة مستمرة، مؤمنة بالتوريث في النظام الجمهوري. واقع آخر حققته الثورة المصرية، وهي إنهاء دور مؤسسات وهمية ، عملت طيلة ثلاثين عاماً علي توكيد وتأكيد سلطة الفرد، الفرعون (الرئيس الأوحد)، نعم هذا ما حققه شعب "مصر" ولكن يبقي سؤال يبحث عن إجابة وهو "هل سقط النظام " ؟ بالقطع الإجابة ، لم يسقط النظام ، بالعقل ، وبالتحليل ، سوف يتغير النظام قطعاً حينما تجري الانتخابات البرلمانية في نوفمبر القادم! وهناك ، الأغلبية العظمي "حزب الصامتون " أو كما أطلق عليهم " حزب الكنبة " هؤلاء مطلوب بالفعل مشاركتهم الإيجابية أمام صناديق الانتخابات، حتي يمكن لنا كشعب بإختلاف توجهاتنا وأيدلوجياتنا أن نحدد ما هو مستقبل "مصر"!! هل سنتبع نظام الحكم البرلماني ؟؟ أم نظام الحكم الرئاسي؟ هل ما أرسلته الجماعات السلفية وأخواتها في مظاهرة المليونية الماضية يوم الجمعة الفائت 29 يوليو ، ينبئ عن اتجاه مصر إلي نظام " الدولة الدينية" الملتفحة بالشعارات الإسلامية التي نهي عن إعلانها الدستور المعطل ، والبيان الدستوري من القوات المسلحة ، ومن كل أطياف المجتمع السياسي في "مصر" ، ومع ذلك اعتلت تلك الشعارات سماء ميدان التحرير ، والقائد إبراهيم والأربعين في السويس !!؟ هل ستتجه " مصر " إلي دولة مدنية حديثة والشريعة الإسلامية ثابتة في موقعها ، حيث لا مساس بالمنطق ولا بالمنطوق؟! هذا هو مربط الفرس في عملية التغيير للنظام التي ينتظرها الثمانون مليونا! وهذا يرتبط بتحرك هذه الكتلة الصامتة إلي صناديق الانتخابات لنحدد هوية هذا الوطن ومستقبله، من خلال برلمان سوف يشكل اللجنة التأسيسية لوضع دستور البلاد ، دستور الأمة الذي سيحدد شكل مصر خلال المستقبل القريب . مطلوب من شعب مصر أن ينتبه وأن يصحوت وأن ندق له "الطبول" ونضرب له "نوبة صحيان" لهؤلاء المعروفين بإسم "حزب الكنبة" وهذه مهمة شاقة وليست بالسهلة ، ولا يمكن أن نقيم "سرادق" يسع ثمانين مليون مصري لنخطب فيهم ، لن نستطيع أبداً أن ندق أجراس الكنائس وأن نعتلي منابر المساجد لننبه بالخطر الداهم القادم علي "مصر" إن رسالة التحرير يوم 29 يوليو هي رسالة واضحة بأن هناك ردة عن الدولة المدنية الحديثة، ردة للتخلف تبدو واضحة والمصيبة هو عدم الوعي لدي غالبية أصحاب "حزب الكنبة " ولعل هذا من تراث وإرث النظام السابق الذي خيرنا "بينه" وبين "التطرف والتخلف"، وكأنه خيَّرَ شعب مصر بين مرضين "السرطان والالتهاب الكبدي"، اللهم احفظ مصر وشعبها دائماً واعياً متيقظاً للأخطار.