قصة : نرمين راجح هزة عنيفة نزعتها من أفكارها، المارة يطمئنون قائد السيارة الأخري، بسيطة الحمد لله، ترفع يديها مغمغمة، بالاعتذار، فينصرف، أصابعها المرتعشة تمسح القطرات خلف زجاج النظارة الأسود، وتمر بحرص عند طرف العين حيث زرقة خفيفة لا تزال، بعد أيام، تؤلمها. توبخ نفسها لشرودها، لم تلحظ توقف السيارة التي أمامها فجأة، السبب قلة النوم، استمرت الرعدة تسري في جسدها حتي الرابعة صباحا، هذه المرة اكتفي بالشتائم والصراخ، تنتظر حتي تهدأ ثورته دون أن تبحث عن الأسباب، لا تعبأ بالجيران وما يسمعون، فقط تدعو ألا يستيقظ الولد. صريخ العربات خلفها يؤذي أعصابها، تدير المحرك وتستمر في طريقها، تردد لنفسها، يجب ألا تتأخر، اليوم الخميس، اجتماع العائلة المقدس عند أمه، لن تسلم إن تأخرت. النقر يزيد خلف مقلتيها، يد تمسك بعجلة القيادة والأخري تبحث في حقيبتها، قرصان للصداع، مع جرعة ماء، وبعد تردد لحظة، حبة صغيرة، كتبها طبيب أخفت ترددها عليه عن الجميع، سر آخر، مثل الكدمات والعلامات الحمراء علي الوجه، تخفيها بطبقات المساحيق والألوان. تجد مكانا للانتظار أمام المدرسة، يفتح الباب وتغمر موجة زرقاء متواثبة الطريق، تبحث في شوق عن كنزة صغيرة حاكتها بنفسها، ترمق معصمها سريعا، هناك وقت، ستشتري له الحلوي التي يحبها لينسي توتر يديها وهي تساعده علي ارتداء ثيابه في الصباح، أو كي تغفر لنفسها اللوم الصامت في عينين بزرقة عينيها، صار السكوت لغته، إن أراد شيئا يشير إليه أو يحضره بنفسه، يدير ظهره للعراك الدائر خلفه ويقبع بالساعات أمام التلفاز، تحاول أن تهدئ مخاوفها، هذا أفضل، هكذا تحافظين عليه، سيفهم حين يكبر، كلما همت بالرحيل لا يبقيها سوي الولد، لا تريده ممزقا بينهما. شبح ابتسامة يطفو علي وجهها وهي تلمحه يقترب بخطوات بطيئة، بنت خفيفة كالعصفورة تتقافز خلفه وتجذبه مداعبة من كنزته، في حركة سريعة يلتفت لها ويهوي بكف صغيرة غاضبة علي وجهها، يتركها تبكي ويجري نحو السيارة فيلقي بجسده علي المقعد. الصدمة عقدت لسانها، لا تجد ما تقوله، تقود السيارة وعقلها يكرر مشهد كف ترتفع، ببطء شديد تتلاشي الصورة، يصفو ذهنها، يتخللها يقين جديد، تدير عجلة القيادة، ولأول مرة منذ سنوات تسلك طريقا آخر.