فيما بدا انهيارا لصناعة الحديد فى مصر قررت الحكومة فسخ عقد شركة ماك القابضة الكويتية المملوكة للملياردير ناصر الخرافى وذلك بعد امتناع الشركة عن تنفيذ مشروع ضخم لإنتاج مكورات الحديد «الخامات» بطاقة إنتاجية تصل إلى 6 ملايين طن سنويا واستردت الشركة قيمة الرخصة المقدرة ب108 ملايين جنيه وكانت الشركة قد اعترضت على تخصيص أرض لها بالمنطقة الصناعية بالسويس وأصرت على تخصيص أرض لها على شاطئ البحر المتوسط بمساحة 500 ألف متر مربع لتكون قريبة من الميناء وهو ما دفع إلى تعثر المشروع. كما فسخت الحكومة عقد شركة أرسلوميتال الهندية «ثالث أكبر منتج للصلب فى العالم» وكانت قد حصلت على رخصة فى مزايدة أكتوبر 2007 لإنشاء مصنع لإنتاج حديد التسليح بطاقة إنتاجية 3 ملايين طن منها 1.5 مليون طن حديد تسليح و 1.5 مليون طن بيلت «خام الحديد». وكانت الشركة قد سددت فى ذلك الوقت نحو 340 مليون جنيه قيمة الرخصة لتنفيذ مشروعها فى السويس إلا أن الشركة ماطلت فى عدم جديتها رغم حل مشكلة الأرض وتوفير الطاقة للأزمة لها بحجة تداعيات الأزمة المالية التى ضربت العالم فى 2008 ورغم مرور كل هذه السنوات وحتى الآن لم تنفذ الشركة مشروعها مما دفع وزارة الصناعة والتجارة لمقاضاة الشركة وفسخ عقدها. وكان هذان المشروعان العملاقان يؤهلان مصر لأن تصبح قوة ضاربة فى صناعة الحديد فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط حيث كان سيتحقق حلم تعميق صناعة الحديد بتوفير الخامات محليا دون الاعتماد على أكثر من 80 % من الخام المستورد حاليا مما يعزز فرص استقرار الأسعار واتجاهها إلى الانخفاض إلا أن الرياح أتت بما لا تشتهى السفن وهاهى شركات الحديد تقرر رفع أسعارها بنحو 450 جنيها فى الطن خلال شهر نوفمبر الجارى بحجة عدم توافر الخامات نتيجة لعدم وجود العملة الصعبة ونقص الغاز رغم انهيار أسعار الحديد عالميا. من جانبه شدد سمير نعمانى رئيس القطاع التجارى بشركة عز الدخيلة على ضرورة منح تراخيص جديدة لإنتاج خامات الحديد لمواجهة الفجوة الكبيرة فى الاستيراد والتى بلغت 80% سنويا من مدخلات الصناعة المحلية مؤكدا أهمية تعميق صناعة الحديد باعتبارها من الصناعات الاستراتيجية. فيما قال محمد حنفى مدير عام غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات إن إنتاج المصانع كان قد سجل 800 ألف طن شهريا أما الآن فإن حجم الإنتاج لا يتعدى 300 ألف طن بسب مشاكل سابقة فى إمداد الغاز بالمصانع وفى طريقها إلى الحل خلال الشهر الجارى وعدم توافر الدولار لشراء الخامات. وأضاف أن الشركات رفعت أسعارها لمواجهة الخسائر بسبب إغراق الأسواق بالحديد التركى والصينى والأوكرانى. وكان محمد الأشقر الأمين العام للاتحاد العربى للصلب قد قال خلال قمة الصلب التى عقدت الأسبوع الماضى بشرم الشيخ:إنه منذ أواخر عام 2008 ومع ظهور الأزمة المالية العالمية وصناعة الصلب العربية تعانى من عدة مشكلات تمثلت فى انخفاض الطلب على منتجاتها مع انخفاض الأسعار بصورة كبيرة بجانب الزيادة الكبيرة فى إنتاج الصين التى يرجح ان تصل صادراتها من الحديد عالميا إلى نحو 103 ملايين طن العام الحالى بعد أن كانت لا تتجاوز 55 مليونا من عامين فقط وهذه الأرقام مرشحة للزيادة. وأضاف أنه رغم أن الصين توجه نحو 5% فقط من صادراتها للمنطقة العربية أى نحو 5 ملايين طن حديد إلا أن هذه النسبة تبلغ نحو 10% من حجم الاستهلاك العربى، كما أن النسبة أخذة فى الارتفاع بسبب تعمد الصين تقديم دعم لمنتجيها تمكنهم من تخفيض الأسعار لمستويات متدنية وتقل كثيرا عن التكلفة الحقيقية وبجودة متدنية للغاية مما يهدد الصناعات العربية التى جمدت بالفعل خطط ضخ استثمارات جديدة تزيد على ال 7 مليارات دولار بسبب تلك الممارسات.