شهد مؤتمر "مستقبل الثقافة - ثقافة المستقبل" الذي ينظمه أتيليه الإسكندرية، مناقشات حادة بين الدكتورعادل السيوي والحضور، بسبب عنوان ورقته البحثية "استراتيجية البطة"، التي شبه فيها السيوي مستقبل الثقافة بالبطة التي كانت تربيها والدته. حكي السيوي علي الحضور قصة البطة التي كانت تربيها والدته، وكانت تتحرك ونشيطة مما جعل والدته تقص ريشيها حتي لا تتحرك، كما أكثرت من تغذيتها حتي ثقلت وبدأت تتحرك بصعوبة، ومع ذلك فوجئت أن البطة طارت وخرجت دون أن تراها، وأوضح السيوي أن ما يقصده من هذه القصة أن جسم الشعب المصري تعرض للكثير من الضغوط، أشبه بقص ريش المبدعين والمثقفين أصحاب الكفاءة، إلي أن أصيب بترهل وما يشبه التخمة العقلية، وعلية الآن أن يدرب نفسه كيف يخرج من الأزمة ويطير، بعمل استراتيجية منظمة وتدربيات يومية عقلية، للتخلص من الدهون الفكرية وسموم الثقافات المدمرة، خاصة أن الخطاب الثقافي لدي الجماعة الثقافية عقيم لم ينجب فكرا، ولازال يحمل نفس الأفكار والمفردات، وكأننا لم نقم بثورة. هذا وخرج المؤتمر الذي حمل محوره الرئيسي عنوان "كايروس"Kairos أو اللحظة المواتية التي لا ينبغي أن تفوت، إن ضاعت لا تعود، بعدة توصيات أهمها: مطالبة جميع طوائف الشعب المصري بدعم الإدارة السياسية القائمة علي شئون البلاد في هذه المرحلة الانتقالية، والمطالبه بالإسراع في تحقيق مطالب الثوار. كما أوصي المؤتمر الحكومة وخاصة وزارات الثقافة والتعليم والأوقاف والشباب والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني بضرورة توسيع دائرة الحوار لتشمل كل أجزاء الوطن ليحقق المواطنون قدراً أعلي من الوعي بأهداف المستقبل ومخاطر الحاضر، وأن يكون الدور الأساسي لوزارة الثقافة هو دعم الأبداع والمبدعين دون تدخل أو رقابة، وإنشاء وزارة جديدة للتراث تهتم بالآثار والوثائق وأشكال التراث المادي والروحي. وزيادة الاهتمام بقطاع الشباب إداريا ومالياً وثقافياً لإتاحة الفرصة لإطلاق طاقاتهم المبدعة، مع الاهتمام بثقافة الطفل، والدعوة للانفتاح علي الثقافات العالمية، خاصة الإفريقية والآسيوية وثقافة أمريكا الاتينية. قدم الدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية ندوات المؤتمر، وأوراق البحث التي قدمت بها، وأشار إلي أن المثقفين اليوم أصبحوا مسئولين عن استقرار الأمن الفكري للشارع المصري، والتخلص من بلطجية التيارات التي تهدد استكمال مطالب الثورة وتحقيقها وأن الثقافة متغيرة إيجاباً وسلباً، ومن الصعب تحديد مفاهيم ثابتة لثقافة المستقبل من مجرد تلك المعطيات المتاحة المطروحة علي الساحة. قدم الدكتور سيد البحراوي ورقة بحثية تحت عنوان "أزمة الموقف من التراث في الفكر العربي الحديث" درات حول موقفنا من التراث بين الخضوع والتقديس والرفض، ووصف الموقف الآني بأنه حالة إحداث قطيعة معرفية مع التراث، الذي يجب أن نتعامل معه بطريقة علمية بمكوناتها وأصولها الفلسفية لمعرفة إيجابياته وسلبياته. الناقد الفني عز الدين نجيب قدم ورقة بعنوان "بناء المستقبل مشروع قومي" أشار فيها إلي أن نجاح الثورة وإنجاز أهم أهدافها في 18 يوما يعود إلي عاملين الأول: هو انها أطلقت مشروعا قوميا ظل مختمرا في أعماق الملايين، وكان عنوانه "إسقاط النظام". العامل الثاني: أن الثورة امتزجت بحس ثقافي متراكم في الوجدان الجمعي للمصريين، ينم عن حضارة متأصلة، وأوضح أن هذين العاملين ينبغي أن يكونا أساسا في مستقبل الثقافة في مصر. وقدم الروائي ابراهيم عبد المجيد ورقة بعنوان "الأدب والثورة" قائلا: الثورات تطرح تغيرات علي المبدع، ثم يبدأ في ترجمة ما صل إلي أعماقه إلي صياغة وتجديد في شكل العمل الأدبي، لكن ليس كل ما يكتب في الأدب الآن يحمل إبداعاً أدبياً أو فكريا بقدر ما هو أعمالاُ حماسية، وأكد أن التيارات الدينية التي بدأت تطفو علي الساحة سوف تؤثر في العمل الأدبي بشكل أو بآخر، لكنها لن تكون مضمونا في العمل نفسه، حتي لا يتم ترسيخها.. الفنان التشكيلي عصمت دواستاشي قدم ورقة بعنوان "ثورة 25 يناير ثورة فنية تشكيلية" وضح فيها علاقة الفن بالسياسية في ثلاث مراحل ديكتاتورية فاشلة حكمها العسكر وهي: فترة "ناصر" حيث كانت التوجهات الفنية ملتزمة بسياسة النظام الاشتراكي، ورغم ذلك ازدهر الفن وتم إرساء البنية الأسياسية للمؤسسات الثقافية التي انهارت بعد ذلك، المرحلة الثانية: فترة السادات التي شهدت توجهات فنية وانقلابا أضر بالإبداع الفني، مما أدي إلي هجرة الكثير من المبدعين، المرحلة الثالثة: فترة مبارك وشهدت أسوأ توجهات فنية مثل "حظيرة المبدعين وفيها انحط الإبداع في كل المجالات، وهيمن علي الساحة دخلاء وعملاء همشوا الفنون الأصلية.