قال خبراء مصرفيون إن هناك ضرورة لإنشاء بنك عربى «مؤسسة مالية» ضخمة على شاكلة بنك بريكس الذى تم الإعلان عن إنشائه لدول البريكس مؤخرًا برأسمال 100 مليار دولار، موضحين أن الدول العربية تمتلك السيولة والموارد والكفاءات لإنشاء مثل هذا البنك، وأنه من الضرورى إنشائه لمواجهة التسييس الذى يشوب قرارات مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين. من جانبه أكد أحمد الألفى، الخبير المصرف، إن الدول العربية لديها المال والموارد الطبيعية والقوة البشرية والسوق الكبيرة، ومع هذا فلم نفكر فى إنشاء بنك عربى كبير للتنمية على غرار بنك بريكس. وأوضح أنه رغم وجود عدة صناديق وبنوك عربية للتنمية الاقتصادية، إلا أنها مجرد كيانات متناثرة وءوس أموالها صغيرة جدا بالنسبة لمتطلبات التنمية الاقتصادية فى العالم العربى الذى تعانى معظم دوله - باستثناء الدول العربية البترولية الثمانية - من عجز كبير فى الموارد المالية اللازمة لتمويل برامج التنمية الاقتصادية فيها، ما أدى الى وقوع العديد من الدول العربية غير البترولية تحت قبضة مؤسسات التمويل الغربية الدولية وأخوتها. وذكر «الألفى» أن مجموعة دول بريكس هى اختصار للأحرف الأولى باللغة الإنجليزية لأسماء الدول الخمسة صاحبة أعلى وأسرع معدلات النمو الاقتصادى فى العالم وهى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ويبلغ عدد سكانها 40٪ من سكان العالم، وتسيطر دول المجموعة على 21٪ من الناتج الاقتصادى العالمى وعلى 15٪ من حجم التجارة الخارجية العالمية، كما تجذب نحو 50٪ من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى العالم. وأفاد أن هذه الدول وقعت مؤخرًا على وثيقة طال انتظارها لإنشاء بنك للتنمية برأسمال 100 مليار دولار، وتكوين احتياطات مالية تبلغ قيمتها حوالى 100 مليار دولار لمواجهة سلبيات مؤسسات الإقراض الغربية وفى مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين والاتحاد الأوربى، وكانت دول المجموعة قد طالبت مرارًا بإصلاح كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، وذلك بمنح حق تصويت متوازن للدول الأعضاء وإنهاء سيطرة كل من الولاياتالمتحدة وإنجلترا على القرارات فى مجلس ادارة كل من صندوق النقد والبنك الدوليين. إلا أن هذه الدول لم تستجب له لهذه الدعوات لأنها ببساطة ضد فلسفتها البرجماتية الاقتصادية والسياسية. ويقوم بنك التنمية الجديد بتقديم التمويل لمشروعات البنية التحتية ومشروعات التنمية فى دول بريكس، وعلى عكس صندوق النقد والبنك الدوليين، فإن كل دولة من دول بريكس سيكون لها حصة متساوية فى رأسمال البنك بصرف النظرعن حجم الناتج المحلى الإجمالى للدولة العضو فى البنك. مما يعنى تكافؤ القوة التصويتية للدول الأعضاء على القرارات التمويلية بمجلس ادارة البنك وعدم سيطرة أى من دول المجموعة على كل من السياسة والقرارات التمويلية للبنك ما يجعله أكثر ديمقراطية من كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، حيث تسيطر عليهما الولاياتالمتحدة سيطرة تامة نظرا لملكيتها للحصة الأكبر فى رأس مال كل منهما. وذكر «الألفى» أن دول مجموعة البريكس تهدف من انشاء هذا البنك الى احداث تغيير جذرى فى كل من النظام المالى العالمى والسياسات المالية والاقتصادية العالمية من أجل تعزيز النمو الأقتصادى وذلك باتاحة التمويل سواء لدول المجموعة أو للدول النامية الأخرى التى أرهقتها وأذلتها السياسات التمويلية لمؤسسات الأقراض الدولية الغربية على مدى ما يزيد على نصف قرن. وأوضح أنه لا شك فى أن إنشاء هذا البنك سوف يسهم فى صياغة نظام مالى عالمى جديد متعدد الاقطاب بدلا من النظام المالى الحالى وحيد القطب الذى يتخذ من الولاياتالمتحدة مركزا له ويتعامل بعملتها الدولار الأمريكى كعملة دفع عالمية ذات قبول دولى عام ما جعل العالم كله رهين أو أسير للسياسة النقدية الأمريكية - على حد تعبير الرئيس الروسى بوتين. وأشار إلى أنه يترتب على ذلك أن هذا البنك لن يكون مجرد مؤسسة مالية دولية متعددة الأطراف للتنمية تضاف أو تنافس مؤسسات التمويل الدولية القائمة، بل سيعمل على إيجاد آليات تمويلية جديدة لتمويل التنمية المستدامة سواء فى دول المجموعة أو فى غيرها من الدول الناشئة والدول النامية التى عانت كثيرا من مساوئ السياسات التمويلية لمؤسسات الاقراض الدولية والغربية من جهة، ومن جهة أخرى سوف يعزز ويدعم من مكانة دول بريكس على المستوى الدولى كلاعب رئيسى على المسرح المالى العالمى. وقال الألفى: «ربما يؤدى نجاح هذا البنك الى أفول مؤسسات التمويل الدولية الغربية التى أغرقت الدول النامية فى الديون والفقر بسياساتها المالية الليبرالية واليمينية المفرطة». من جانبه أشار عبد السلام أبوضيف، الخبير المصرفى، إلى أن إنشاء بنك عربى ضخم يتطلب توافقًا بين عدد من الدول العربية الكبرى، موضحًا أن رأس المال لابد ألا يكون أقل من 50 مليار دولار، مشيرًا إلى أن هذا البنك من شأنه أن يدعم جهود التنمية فى الدول العربية، وأن يعزز من فرص نموها اقتصاديًا، ودعم دورها ومكانتها الدولية. وأفاد أبوضيف أن مؤسسات التمويل الدولية تقوم فى الوقت الراهن بالضغط على الدول من أجل تنفيذ مقررات من الممكن ألا تتناسب مع طبيعتها وذلك من أجل ضخ المساندات المالية لها، لافتًا إلى أنه لإحداث تحالف عربى فعال لابد من اللجوء لإنشاء مؤسسة مالية كبرى بأموال عربية.