«التموين»: صرف 65% من مقررات مايو واستقرار أسعار الزيت والسكر    الزراعة تشارك في اليوم العالمي للصحة النباتية    الأمم المتحدة تدعو إلى حماية المدنيين وعمال الإغاثة في غزة    الرئاسة الفلسطينية: التصعيد الإسرائيلي في مدينة رفح خطأ كبير تتحمله أمريكا    القوات الروسية تستهدف مطارا أوكرانيا ومصنعا لتصليح المعدات العسكرية    بعد رحيله.. الكشف عن الوجهة المقبلة ل فاران    مريم الهضيبي تهزم هنا جودة وتتأهل لنهائي كأس أفريقيا لتنس الطاولة    ضبط عدد من اللصوص في القاهرة    «رحلة العمل الدرامي».. بدء ورشة مريم نعوم ضمن فعاليات «الفيمتو آرت» للأفلام القصيرة (صور)    عبد الله رشدي يرد على انسحاب يوسف زيدان من «تكوين»: "بم تفسرون ذلك؟"    مستشفى أطفال العديسات بالأقصر يحصل على درجة الاعتماد القومية المعترف بها من الاسكوا العالمية    تنطلق الأربعاء 15 مايو.. جدول امتحانات الصف الثالث الإعدادي الأزهرية 2024 بالمنيا    نموذج RIBASIM لإدارة المياه.. سويلم: خطوة مهمة لتطوير منظومة توزيع المياه -تفاصيل    الأنبا يواقيم يرأس صلوات قداس عيد استشهاد الأم دولاجى وأولادها الأربعة بكنيستها بالأقصر (صور)    أبو الغيط: العدوان على غزة وصمة عار على جبين العالم بأسره    دبابات الاحتلال الإسرائيلي تتوغل تجاه وسط رفح    مجلس الدولة: على الدولة توفير الرعاية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة    وزير الأوقاف: لنقف صفًا وسطيًا حقيقيًا في مواجهة أي محاولة اختراق لمنهج الأزهر الوسطي    "مقصود والزمالك كان مشارك".. ميدو يوجه تحية للخطيب بعد تحركه لحماية الأهلي    أول تعليق من مبابي حول إعلان انتقاله لفريقه الجديد    5 شروط لتملك رؤوس الأموال في البنوك، تعرف عليها    درجة الحرارة الآن.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء 14-5-2024 (تفاصيل)    خلال 24 ساعة.. ضبط 14028 مخالفة مرورية متنوعة على الطرق والمحاور    إلغاء العام الدراسي لطالب ورسوبه بسبب الغش واستخدام الهاتف المحمول في الجيزة    تكثيف أمني أمام جلسة محاكمة 57 متهما بقضية اللجان النوعية للإخوان    وزر النقل: لا استيراد لأي مهمات خاصة بالسكك الحديدية، وتصنيعها محليا    «تشويش بالتهميش».. يوسف زيدان يكشف سبب اعتراضه على مناظرة عبدالله رشدي وإسلام البحيري    بمناسبة يومها العالمي، وزارة الثقافة تفتح أبواب المتاحف مجانا عدة أيام    توريد 75 ألف طن قمح بالقليوبية    السيد عبد الباري: من يحج لأجل الوجاهة الاجتماعية نيته فاسدة.. فيديو    أسامة قابيل: "بلاش تجلدوا المدمنين ربنا وضع منهج في القرآن لعلاجهم"    "جهينه" تخفض ديونها بنسبة 71% في نهاية الربع الرابع من 2023    تنظيم مقابل الخدمات بالمستشفيات الأبرز، تعرف على توصيات لجنة الصحة بالبرلمان    طريقة عمل وافل الشيكولاتة، لذيذة وسهلة التحضير    جامعة القاهرة تقرر زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين    جيسوس يحسم مستقبله مع الهلال السعودي    مصر تدين الهجوم الإرهابي الذي وقع في محافظة صلاح الدين بالعراق    5 أبراج تتميز بالجمال والجاذبية.. هل برجك من بينها؟    تطورات أزمة شيرين عبد الوهاب ضد روتانا |تفاصيل    طرح فيلم «بنقدر ظروفك» في دور العرض 22 مايو    شينخوا: بوتين يعتزم زيارة الصين الخميس المقبل    رئيس جامعة بنها يترأس لجنة اختيار عميد كلية الهندسة    الأحد المقبل.. بدء تسليم الأراضي السكنية بمشروع 263 فدانًا بمدينة حدائق أكتوبر    ارتفاع معدل التضخم في إسبانيا إلى 3.3% خلال أبريل الماضي    قرار عاجل من «الداخلية» بشأن آخر مهلة لتوفيق أوضاع الأجانب و«ضيوف مصر» (الموعد)    قرار عاجل من شيخ الأزهر بخصوص طلاب ثانوية معاهد غزة المتواجدين في مصر    مفتي الجمهورية يتوجَّه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى «كايسيد» للحوار العالمي    تعرف على إرشادات الاستخدام الآمن ل «بخاخ الربو»    المندوه يتحدث عن التحكيم قبل نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    الحكومة التايلندية توافق على زيادة الحد الأدنى الأجور إلى 400 باهت يوميا    1695 طالبا وطالبة يؤدون الامتحانات العملية والشفوية ب"تمريض القناة"    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    برشلونة يسترد المركز الثاني بالفوز على سوسيداد.. ورقم تاريخي ل تير شتيجن    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصريون خارج التاريخ


حلقات يكتبها أحمد خيرى ويصورها فادى ندا
الحلقة الأولى
ما أروع أن يعود بك الزمن إلي الوراء 1500 عام لتشاهد أناساً يسكنون الأكواخ المصنوعة من غصون الشجر الجافة رؤي العين.. تحاول أن تتواصل معهم بلغتك العربية.. فاذا بهم يتحدثون الروطانية.. شريعتهم اعراف القبيلة.. فلا قانون يحكمهم ولا دستور، وسائل نقلهم الدواب والجمال واسلحتهم السيوف وأوانيهم الفخار، حفلات عرسهم اغرب من الخيال فالعريس يمسك بالكرباج ويلهب بة ظهور 40 من المدعوين حتي تسيل منهم الدماء وهم يباركون ذلك فبدونة لم يكتمل العرس.
مصطلحاتهم ليست ما تعارفت عليه، فالجمل يسمونه "اوكام" والعقرب "نألوب" والسيف مندك " غذاؤهم الرئيسي ألبان الماعز والأبل لم يصلوا بعد الي مرحلة الزراعة.. فلا يزالون يعيشون الحياة البدائية في عصر الصيد يطاردون الأرانب والغزلان الجبلية بحثا عن ارزاقهم يوما تلو الآخر لا يعرفون الفيللات ولا السيارات فعش الزوجية كوخ مساحته متر في متر من اغصان الشجر والاكثر اثارة ان الزوج لا يري زوجته في النهار لمدة عام فلا يلتقيها إلا ليلا ويغادر الكوخ مع طلوع الفجر ليعود بعد أن يسدل الظلام استاره ثلاثة أيام قضيتها في العام 510 ميلادية لم يكن هذا اضغاث أحلام بل واقع عشناه في منطقة عيديب بجبل علبة الذي يبعد عن القاهرة 1300 كيلو متر، فمن التقينا بهم مصريون يقطنون أرضا مصرية يعيشون في العام 2011 فعليا لكن عجلة الزمن توقفت بهم منذ الف و500 عام تقريبا.. إنهم ضحايا نظام مبارك والذي تجاهلهم في منفاهم فلم يمد لهم يد العون ولا الرعاية وسبقهم لذلك أنظمة ما بعد الملكية فهل تنظر لهم حكومة الثورة التي لا يعرفون عنها شيئا بعين الرأفة فهم مقطوعو الصلة بالعالم لا يعرفون رئيسا لهم سوي الشيخ حامد رئيس القبيلة، لم يسمعوا بمبارك ولا نظيف ولا صفوت الشريف بل لا يعلمون عن ثورة 25 يناير التي زلزلت العالم شيئا فإلي المزيد من التفاصيل المثيرة.
الطريق الي هناك
20 كيلو متراً ونصل إلي "عيديب" لم يمض علي تحركنا من ابو رمادة سوي لحظات تلك القرية التي تبعد عن شلاتين جنوب البحر الأحمر 160 كيلومتراً، كانت آخر محطة للمبيت بعد شلاتين وقبلها الغردقة التي تبعد 700 كيلومتراً عن شلاتين، الساعة الان في تمام الثامنة صباحا وحلايب تبعد 40 كيلو متراً والقاهرة 1350 كيلو بهذه الكلمات حدثنا أحد رجال المحميات المرافقين يعملون في صمت وجهد كبير ما بين اهتمام بساكني الجبل ومابين تتميه وحيوانات نادرة ونسور طائرة في محمية تزيد مساحتها عن 35 ألفا و500 كيلو متر مربع انها علبة تقع في الركن الجنوبي الشرقي مابين البحر الاحمر وخطي طول 34.5 و37 وتمتد من منطقة برانيس شمال شلاتين حتي جنوب رأس حدربة اخر قرية مصرية عند خط العرض الفاصل 22 جنوب القرية مباشرة.. أشجار كثيفة بدت تظهر عن قرب كأنها غابة في صحراء جرداء لازرع فيها ولا ماء حقا انها كذلك أشجار تقوي علي العطش هناك علي مرمي البصر ها نحن قد اقتربنا من أشجار السيال التي تنتظر الأمطار وتقاوم الجفاف وحولها يقطن هؤلاء في مساحة تزيد علي 10 كيلو مترات مربع ، 70 أسرة بها 400 شخص في حضن الوادي واسفل الجبل الذي يبلغ ارتفاعه 1500 متر يعيشون.
مازالت السيارة تسير في بطء وسط تلك الغابة وشيء ما يندفع تجاهنا إنه أحد كلاب الحراسة المرافقة للغنم وصوته يعلو في هجوم متواصل يعود بعدها الي القطيع.
أكواخ خشبية بدت تظهر صغيرة جدا لا تزيد مساحتها علي 2 متر في 2 متر يقاطعني احد المرافقين انها مصنوعة من شجر السيال تلك الغابة ويشير باصبعه انهم بداخلها..
علامات الاندهاش تبدو واضحة علي، بهذه الاكواخ يعيشون نعم، توقفت السيارة وإذا بالاطفال يلعبون ويمرحون يوسف ومحمد وسط الأشجار، الأغنام والماعز ترعي في سكون، هبطنا من السيارة وشخص ما يتجه نحونا في استقبال وترحاب يا اهلا إنه حارس المحمية الذي يجمع بين اللغة الروطانية والعربية هو همزة الوصل في الحديث معهم اسمه عيسي أسمر اللون وكريم الطبع يشير بيده الي أحد الأكواخ الخشبية اتفضلوا..
مازلت اترقب المكان وعشرات الاسئلة تدور في ذهني.. هنا يوجد أطفال سعداء يمرحون ويلعبون وفي هذه الاكواخ ينامون.. هنا توجد حياة و400 شخص في رضا يعيشون
منازلهم
عدت لأنظر بعيني إلي تلك المصنوعة من الأخشاب منها مغطي بأقمشة كثيفة ومنها ما هو فروع اشجار فقط دون تغطية خارجية..، هل هناك فرق ينظر عيسي ويقول المغطاة منها بأقمشة هي المخصصة للنوم والراحة والأخري التي لا تعلوها أقمشة هي أماكن الضيافة المرصوصة بأخشاب لاستقبال الضيوف وهي مصنوعة من فروع شجر مثبت بالأرض علي شكل اشبه بالدائري ويأخذ من أعلي شكل تقوس.
المشروب المفضل
دقائق من دخولنا وسط الفروع المتراصة من الاشجار يحضر مشروباً ساخناً في براد غريب الشكل اشبه بالفانوس السحري ويقول إن «الجبنة» مصنوعة من حبوب البن الخضراء "بضم الباء" مضاف إليه الجنزبيل هذا هو المشروب الوحيد المفضل.
شح المياه
ذهبنا اليه علي بعد ثلاثة كيلو مترات فقط من بداية الوادي بسيارة تتأرجح يمينا ويسارا علي حصوات الحجارة، وإذا بقطيع من الأغنام يسير وكلب ينفصل في هجمات متتالية يحاول الصعود للسيارة ولكنه يفشل ويعود، السيارة لازالت تتأرجح ترتفع وتنخفض لحظات ونصل تتوقف السيارة الأشجار تتمايل يمينا ويسارا هواء جاف والكوخ لايزال صامدا وبداخلة شيخ يبلغ من العمر 70 عاما وتبدو عليه علامات الوقار انه محمد هساي هكذا يطلقون عليه شيخ القبيلة وطبيبها المداوي بالاعشاب استقبلنا وهو يقول ادبحلكم دبيحة ياولدي، اشربو ميه وهو يشير باصبعه لاناء كبير به ماء أمامه كلمات ترجمها عيسي الحارس وهساي تعني الرجل الغضبان، ينصت قليلا وينظر بعينيه في هدوء انتم كويسين، ينظر إلي السماء وكأن عينيه تترقب السحب ثم يقول ماعادت هناك مياه ، لقد شحت المياه، زمان كان فيه امطار ومياه بالآبار وكانت الاشجار خضراء مثمرة.
يواصل الحارس ترجمة الكلمات فيقول ياولدي احنا اهم حاجة عندنا المياه وهو يشير بيده إلي الاناء، عندنا 3 ابار والمياه فيها قليلة يوضح احد المرافقين ان اقرب بئر تبعد 3 كيلومترات يذهبون اليها في الصباح مشيا
حياتهم اليومية
يذهب الرجال صباحا لورود المياه واحضارها هناك خلف الجبل يوجد ثلاث ابار يلتف حولها الرجال تحيط بها الاغنام والابل ليسقوها ثم يعودون بعد فترة الظهيرة ليستريحوا ويتحدثوا عن اخبارهم، واهتماماتهم التي تتعدي نطاق معارفهم وقبيلتهم
هناك لايوجد دشات ولا تليفزيونات ولاتليفونات تسقط الشبكات قبل الوصول اليهم ب200 كيلو، لا يوجد كهرباء ولا صنابير ماء هكذا حدثنا محمد هساي سألته عن رئيس الدولة فأجاب إنه الشيخ حامد رئيس القبيلة إنه لايعرف شيئا عن نظام مبارك السابق وحكومته ولا شيئا عن وزرائه السابقين الذين لايعرفون شيئا عن هؤلاء آخر معرفته بعد نقاش طويل كانت للزعيم الراحل جمال عبد الناصر هو آخر من سمع.
الترفيه والموسيقي
التسامر والحديث فيما بينهم طريقة تسليتهم وطنبورة اشبه بالسمسمية تستخدم في حفلاتهم يتغنون بها وسط كلمات غير مفهومة حقا انها روطانية، تصفيق هادئ تنساب من بينه الكلمات، لا تشاهد النساء ولا شبيهاتهن ويمنع تصويرهن ، حفلات النساء منعزلة لا يراها الرجال واغانيهم خاصة بهم ويعبرون عنها بلغتهم.
اكلاتهم
العصيدة هي طعامهم المفضل وهي مصنوعة من دقيق والبان الماعز او الغنم مضاف اليها ماء بعد عجنها وتوضع علي صفيح ساخن فوق النار التي توقد بالحطب بعد حفر حفرة في الأرض توضع بداخلها قطع الأخشاب الصغيرة وتوقد بها نار ثم توضع عليها الصفيحة يكون وقتها قد انتهي من صنع العجينة ويضعها علي الصفيح حتي تستوي.. هناك الفطار والعشاء هو اللبن والغداء عصيدة نادرا ما يتناولون اللحوم في المواسم فقط، لا يعرفون من الفواكه سوي البلح والدوم لايسمعون عن تفاح أو حتي برتقال أو عنب، يعيشون علي الطبيعة المحيطة بهم يتغذون علي ما فيها من القليل من ثمارها.
تكافل
من معه يعطي من لا يوجد معه هذا هو حالهم فيما بينهم ومن يذبح ذبيحة يقوم بتوزيعها علي جميع الأسر وغالبا ما تكون في المناسبات، يقومون بتسوية اللحوم عن طريق حفر حفرة صغيرة يضع بداخلها حجر عريض يحيطه بالأخشاب التي يشعلها حتي تصير "جمرا " يقوم بعدها بوضع اللحم علي الحجر حتي يستوي.
في الحلقة القادمة اساطير زواج تبدأ:
عريس يمسك بالكرباج ليلة زفافه ليضرب 40 شخصا من المدعوين حتي تسيل منهم الدماء
وسائل الدفاع عن النفس لايزال بالسيوف والرماح والتداوي بالكي والأعشاب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.