تحتل غزوة بدر مكانة خاصة فى نفس كل مسلم حتى أنه يندر أن تجد أحداً يجهل تاريخ وقوعها وتفاصيل أحداثها الدقيقة.. ولا عجب فى ذلك فقد خلدتها آيات كريمة من سورة آل عمران وسورة الأنفال التى يكاد يكون محورها الرئيسى تلك الغزوة. كانت غزوة بدرأول معركة فاصلة بين قريش والمسلمين، وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بالمرصاد للعير التى فاتته إلى الشام حينما خرج إلى ذى العشيرة، وأرسل لها رجلين إلى الحوراء من أرض الشام ليأتيا بخبرها، فلما مرت بهما العير أسرعا إلى المدينة، فندب لها رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين، ولم يعزم عليهم الخروج، فانتدب 313 رجلاً 86 من المهاجرين و 61 من الأوس، و170 من الخزرج، ولم يتخذ هؤلاء أهبتهم الكاملة، فلم يكن معهم إلا فرسان وسبعون بعيراً فقط. وعقد رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء لمصعب بن عمير، وكان للمهاجرين علم يحمله على بن أبى طالب ، وللأنصار علم يحمله سعد بن معاذ، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم. وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة يريد بدراً وكان طريق القوافل الرئيسى بين مكة والشام يمر من داخل هذا المحيط، وكان فيه المساكن والآبار والنخيل فكانت تنزل القوافل فكان من السهل جداً أن يسد المسلمون هذه المنافذ بعد ما تنزل العير فى هذا المحيط. وكان أبو سفيان فى غاية التيقظ والحذر عندما علم بخروج المسلمين من المدينة، حول اتجاه العير إلى الغرب ليسلك طريق الساحل واستأجر رجلاً يخبر أهل مكة بخروج المسلمين، فلما بلغهم النذير استعدوا للخروج. ولما وصل هذا الجيش إلى الجحفة بلغتهم رسالة أبى سفيان يخبرهم بنجاته ويطلب منهم العودة إلى مكة وهم الناس بالرجوع ولكن أبى ذلك أبو جهل استكباراً ونخوة ، وعندما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بخروج أهل قام المقداد فقال: والله يا رسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون) ولكن نقاتل عن يمينك وعن يسارك ومن بين يديك ومن خلفك، فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسر بذلك. وفى صباح يوم الجمعة 17 رمضان سنة 2 هجريا تراآى الجمعان، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم هذه قريش، قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم فنصرك الذى وعدتنى اللهم احنهم الغداة). فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالهجوم على المشركين، وقال: شدوا. وحرضهم على القتال، فشد المسلمون وهم على نشاطهم، وقد زادهم تحمساً وجود رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بين أظهرهم فأخذو يقاتلون حتى نزلت الهزيمة بالمشركين فلاذوا بالفرار ، وأخذ المسلمون يطاردونهم فيقتلون فريقاً ويأسرون فريقاً. كانت هذه المعركة بين الكفر والإيمان، قاتل فيها الرجل عمه وأباه، وابنه وأخاه ، وخاله وأدناه، قتل فيها عمر بن الخطاب رضى الله عنه خاله العاص بن هشام، وواجه فيها أبو بكر ابنه عبد الرحمن سمى ذلك اليوم بيوم الفرقان، وهو يوم بدر، اليوم السابع عشر من شهر رمضان.