نحن جميعا في حاجة ماسة لوقفة حاسمة مع النفس.. وقفة للمراجعة والمحاسبة والمكاشفة، فمن المفهوم أننا نعيش لحظات تاريخية بكل ما تحمله الكلمة من معان، تاريخية لإننا سطرنا أنصع صفحات في كتاب التاريخ المصري، هذه الصفحات بها ما يبعث علي الأمل ويبدد الإحباط، بها ما يشعرنا بالفخر والاعتزاز لإننا مصريون، هذه الأجواء تحتاج الي لحظة صدق مع النفس يتبعها قولة حق عالية مدوية يتبعها عمل جاد مخلص إن مصر في أمس الحاجة لكل أبنائها المخلصين.. في حاجة الي سواعدهم وعقولهم وأفكارهم، في حاجة الي معين حضارتهم المتفجر، في حاجة الي أفكار خلاقة وحلول غير تقليدية، إن التاريخ لن يرحم هذا الجيل الذي فجر أعظم ثورة في تاريخ مصر إذا لم يكمل المسيرة ويصنع أعظم نهضة في تاريخ مصر، علينا أن نبدأ وفورا، كلُ في مجاله نبني ونعمر ليعلو البنيان ونري مصر حرة ابية في مصاف الدول المتقدمة، لقد ابهرنا العالم بثورتنا المجيدة بقي أن نبني حضارة جديدة يستلهم العالم منا وبنا تلك الروائع الإنسانية، هذه الحضارة لن تبني بالكلمات البراقة والخطب الرنانة والعبارات الإنشائية الجوفاء، لن تبني بهذا الكم المخيف من الأكاذيب والإشاعات دون سند أو دليل، لابد أن نتوقف فورا عن سياسة التخوين والتصنيف والفرز والإقصاء، فكل الناس وطنيون شرفاء يعشقون وطنهم لكن كلُ علي طريقته الخاصة، وهنا يأتي الدور المحوري لوسائل الإعلام المختلفة فالكلمة سر من أسرار الله بها تعلو الهمم وبها تتحطم أمم، علي الإعلاميين أن يبدأوا بأنفسهم في تحري الدقة في كل ما يكتب ويقال، فهناك قواعد أخلاقية ومهنية وقانونية ووطنية لا يراعيها إعلاميون إما لجهلهم بها أو لتحقيق شهرة زائفة علي انقاض آخرين أو محاولة منهم لابتزاز بعض الناس الشرفاء، إن المنبر الإعلامي مسؤلية ضخمة تستوجب المراجعة والتدقيق والتوثيق وقبل كل ذلك تستوجب إعمال الضمير واستشعار روح الوطنية والصالح العام، إنني أتابع وعلي مدار الساعة كل ما ينشر ويذاع في كافة وسائل الإعلام تقريبا ويرعبني ويخيفني هذا الكم الهائل وغير المسبوق من الاتهامات المرسلة التي لا ترقي الي مجرد شكوك، إننا نعلم ان قضاء شامخا في هذا الوطن يمكننا تقديم كل ما لدينا من معلومات أو حتي شكوك ونترك الجهات المختصة تؤدي أعمالها في هدوء وعدالة وبعد أن تتأكد وتصدر أحكامها ساعتها وساعتها فقط يمكن النشر والتغطية الإعلامية المثيرة، أما قبل ذلك فغير مقبول وطنيا وأخلاقيا ومهنيا وقانونيا، لا يقبل إنسان أن تتناوله الصحافة والإعلام بكل النقائص وتتهمه بالفساد والإفساد دون دليل يقدم الي القضاء ويبت في صحته، لقد اختلط الحابل بالنابل وصارت الأمور حيص بيص، الشرفاء ومحاربي الفساد الحقيقيين بالمرتزقة والأفاقين والمبتزين، إنني أعلم علم اليقين ان الملف شائك الي حد بعيد لكن الموضوع يتعلق بمستقبل وطن إقتصاده واستثماراته وصورته، فالشرفاء يسيئهم ما يلصق بهم أو بغيرهم دونما دليل ودونما حكم قضائي، إنني أعرف أحد هؤلاء المرتزقة الذين يمارسون الإبتزاز علانية وأنظر اليه والي كتاباته وفرقعاته فلا أملك الا أن أقول حسبي الله ونعم الوكيل، إنه يتقدم بعشرات البلاغات للنائب العام وفي كل بلاغ يقدمه يرسل صورة منه لجميع وسائل الإعلام وتقوم بدورها بالنشر والتعليق قبل أن يبدأ النائب العام في نظر موضوع البلاغ، وقد تتحطم مؤسسات وتنخفض أسهمها في البورصات العالمية ويشعر موظفوها بالخوف علي مستقبلهم وأولادهم ، وفي الغالب الأعم تنتهي تلك البلاغات بالحفظ ووقتها لن نجد من ينشر تلك الحقائق ولن نجد من يعوض الخاسر عن خسارته والخائف عن خوفه وقلقه، إننا أبدا لا نطلب التستر علي فساد ولا نطلب مسامحة الفاسدين ولا نطلب التوقف عن تقديم بلاغات لكننا نطالب بعدم نشر أخبار تقديم بلاغات للنائب العام بمجرد تقديمها أو نظرها. لإن تقديم بلاغ للنائب العام لا يعني بأي حال من الأحوال أن موضوع البلاغ صحيح، فقد يكون جهلا ممن قدمه أو ابتزازا لمن قدم فيه أو تصفية حسابات من أي نوع، عموما حتي لا نلوث ثورتنا المباركة علينا أن نتحري الدقة ونستمع للآية الكريمة "إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين".