شارك المصريون أمس في يوم ديمقراطي عظيم، لاختيار المستقبل، تخللته أخطاء غير مقصودة، ورغم عدم وجود إحصاء دقيق بعدد من شاركوا في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية، فإن الأمس شهد أكبر مشاركة علي الإطلاق في التصويت علي تعديلات دستورية، علي اعتبار أن الاستفتاءات التي جرت من قبل، صوتت فيها السلطة نيابة عن الناس. وسواء اختار المواطنون التعديلات أو رفضوها، فيجب ان يمتثل الجميع للخيار الديمقراطي.. من مع .. ومن ضد، وإن كنت أتمناها نعم، حتي لا يعيد المصريون خطيئتهم الكبري حينما خرجت مظاهرات في 9 مارس 1954 ترفض الدستور الجديد، الذي كان مفترضا أن يعيد الحياة الديمقراطية والأحزاب، وطالب الناس في الشوارع باستمرار مجلس قيادة الثورة، فظل في الحكم، ولم يذهب، وبالتالي غابت الديمقراطية عن مصر طيلة 57 عاما. وأعتقد أن إقرار التعديلات الدستورية يسمح لنا بتقصير الفترة الانتقالية، ومن ثم الانتقال إلي ديمقراطية المؤسسات الدستورية، وان يختار الشعب بكامل حريته مجلسه النيابي، ورئيس الدولة القادم الذي لن يجلس في سدة الحكم، إلا أربع سنوات قابلة للتمديد لفترة واحدة. ورغم أنني كنت من الخائفين من سيطرة الإخوان علي البرلمان القادم في ظل أنهم القوة السياسية الأكثر تنظيما علي الساحة، فإنه، وفي ضوء ما شهدته من إقبال علي التصويت علي الاستفتاء، أعتقد أن هناك زخما سياسيا يعيشه الشارع ، وهذا الزخم لن يسمح لتيار سياسي واحد بالسيطرة علي الحياة السياسية عبر الانتخابات البرلمانية. في الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 2005، وفاز فيها الإخوان بنحو 88 مقعدا لم تزد نسبة المشاركة الحقيقية في التصويت عن 15%، وأعتقد أنه لو وصلت نسبة مشاركة المواطنين 50% علي الأقل في الانتخابات البرلمانية، فسنشهد برلمانا مختلفا، ولن تزيد فيه حصة الإخوان أو أي قوة سياسية أخري عن 30% من المقاعد، ما يعني أن أي انتخابات سريعة في ظل حالة الزخم السياسي ستأتي بكل ألوان الطيف السياسي في البرلمان، وستؤدي إلي تشكيلة واسعة تعبر عن كل ألوان الطيف، وستنعكس في اللجنة التي يختارها البرلمان لكتابة دستور جديد. أتمني أن تكون نتيجة الاستفتاء التي ستعلن خلال ساعات هي نعم، فلا تعيدنا إلي المربع الأول، وإلي إعلان دستوري يحدد إجراءات المرحلة الانتقالية، ما سيؤدي إلي زيادة فترة المرحلة الانتقالية، وهو ما يقلل الزخم الشعبي من ناحية، ويجعلنا نعيش أطول فترة ممكنة في ظل أوضاع استثنائية من ناحية أخري.. لكن الأهم أنه يؤدي إلي فتح الباب أمام أغلبية تدعو إلي استمرار الأوضاع الانتقالية، والتخلص من الإجراءات الديمقراطية، ما يعيدنا إلي 9 مارس 1954، حين قال الشعب لا للديمقراطية.