قبل كتابة هذا المقال كنت أتابع عن قرب بعضا من اللقاءات التي عقدت هنا وهناك حول التعديلات الدستورية التي تم طرحها للاستفتاء أمس. أيضا كنت أتابع بعض ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة حول الموضوع ذاته. وشعرت أن هناك شبه رفض من الشارع المصري لهذه التعديلات لأسباب عديدة، بعضها اقتنعت بها ولهذا قلت " لا "، والبعض الآخر لم أقتنع بها. الشارع المصري انقسم إلي فريقين، الأول تقوده جماعة الإخوان المسلمين والجماعات السلفية، ومعهم ما تبقي من أعضاء الحزب الوطني، وهم الذين يدعون إلي تأييد التعديلات، وبالتالي إجراء الانتخابات البرلمانية " خلال الثلاثة أشهر القادمة"، ومن بعدها إجراء الانتخابات الرئاسية في ضوء هذه التعديلات، التي يري الفريق الآخر أنها ستعود بالبلاد إلي ما قبل ثورة 25 يناير. فالإخوان وبقايا الحزب الوطني باعتبارهم الأكثر تنظيما في هذه المرحلة يجدون أن هذه التعديلات سوف تحقق لهم مكاسب سياسية لم تكن متوقعة، وبالتالي يحاولون قدر المستطاع حشد أكبر عدد من المواطنين للتصويت بنعم. علي عكس باقي التيارات السياسية التي رفضت القبول بهذه التعديلات. ولو تابعنا بعض نتائج الاستفتاءات التي أجرتها بعض المواقع الإلكترونية، نجد في بعضها أن نسبة الرفض تجاوزت ال75%، وهو ما يعطي مؤشراً أن الأيام القليلة القادمة سوف تشهد أخطر أشكال الصراع السياسي، سواء جاءت النتيجة بالسلب أو الإيجاب. وليسمح لي القارئ العزيز أن أسوق إليه أسباب تصويتي بالرفض: 1 - أبقت التعديلات الدستورية علي وجود سلطات واسعة لرئيس الجمهورية، تعطيه الحق في إصدار قوانين جديدة، وإبطال قوانين قائمه قد تكون في صالح المواطن. أيضا تقيد هذه التشريعات من سلطة محاسبة رئيس الجمهورية إذا أخطأ. أضف إلي ذلك أن هناك العديد من المواد التي ما زالت موجودة بالدستور تحط من قدر المواطن المصري. 2 - من حيث المبدأ فإن الدستور الحالي كما أجمع فقهاء القانون الدستوري، قد سقط مع سقوط شرعية نظام مبارك، وتوقف العمل به مع قيام الرئيس السابق بنقل سلطاته بطريقة "غير دستورية" إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة تحت ضغط انتفاضة الشارع، متخطيا بذلك نصوص الدستور التي تنظم نقل السلطة كما وردت بالمواد 28 ، 84. و بالتالي المطلوب تشكيل لجنة تضم أطياف المجتمع جميعها للبدء في وضع مقترح لدستور جديد بدلا من الدستور الحالي. وذلك بعد أن يتم وضع صيغة دستورية مؤقتة تؤكد علي قيام دولة مدنية، يتم من خلالها إجراء انتخابات رئاسية، ثم يقوم الرئيس المنتخب بتشكيل اللجنة المنوط بها وضع مقترح جديد للدستور يتم طرحة للحوار المجتمعي علي نطاق واسع قبل الشروع في إعداد الصيغة النهائية له، وطرحه علي المواطنين للاستفتاء العام. 3 - المادة 175 في ثوبها الجديد تحمل مضمونا تمييزيا صارخا ضد المصريين مزدوجي الجنسية، أو المتزوجين من أجانب بحرمانهم من حق الترشح لرئاسة الجمهورية، علي الرغم من أن القوانين المصرية تعتبرهم مواطنين متمتعين بكامل حقوق المواطنة دون انتقاص. 4 - أكد العديد من فقهاء القانون أن التعديلات تحتوي علي العديد من التناقضات مع نصوص أخري في الدستور القائم نفسه تجعل هناك احتمال وقوع اضطراب دستوري. 5 - أشعر أن نظام الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية، يحمل الكثير من علامات الاستفهام. فكيف نساوي بين مرشح يحتاج إلي تأييد 30 ألف مواطن من 15 محافظة، ومرشح آخر ينتمي إلي أحد الأحزاب القائمة، له مقعد واحد داخل البرلمان؟. وإذا تمت الاستجابة لبعض المطالب التي تدعو لانتخاب رئيس الجمهورية أولا، كيف سيحسم أمر المرشحين من قبل الأحزاب في ظل عدم وجود مجالس نيابية؟. وهناك العديد من الأسباب الأخري قد لا تسع المساحة للحديث عنها، كل ذلك جعلني أقول " لا " للتعديلات الدستورية. تلغرافات: هل انتهي دور وزارة الأوقاف مع ظهور الشيخ محمد حسان والشيح حافظ سلامة والدكتور عمرو خالد وغيرهم؟. الواقع يؤكد ذلك وخير دليل موضوع كنيسة قرية صول. لماذا هذا الاحتفاء غير المسبوق من قبل مختلف أجهزة الإعلام، بخروج عبود الزمر قاتل الرئيس السادات؟، أنا لست ضد الإفراج عنه بعد أن قضي العقوبة الخاصة به، لكن أن تفرد له هذه المساحة، ويخرج علينا بتصريحات قد يراها البعض تهديدا للسلام الاجتماعي، لا سيما في تناوله لوضع المسيحيين فهنا يكمن الخطر. وأرجو ألا يخرج علينا البعض بأن ذلك يرتبط بحرية الرأي وحرية التعبير!!.