لدي أصدقاء كثيرون من الإخوة المسيحيين.. فور نجاح ثورة 25 يناير ونجاحها في إسقاط رأس النظام وأعوانه رصدت لديهم حماساً هائلاً وأملاً واسعاً في مستقبل مصر.. وفي إمكانية أن يحظوا مع إخوانهم المسلمين بكل حقوق المواطنة الكاملة في بلدهم، وهي الحقوق التي كانوا يشعرون أنهم عملياً محرمون منها قبل 25 يناير. لكن بمرور الوقت، خاصة بعد حادث كنيسة صول رصدت لديهم قلقاً هائلاً.. القلق حل محل التفاؤل والضيق حل محل الأمل بل إنني رصدت أن قلقهم الآن زاد أكثر عن القلق الذي كانوا يعيشون به قبل 25 يناير في ظل النظام السابق. حماسهم خدش.. وآمالهم اهتزت.. وثقتهم في مستقبل أفضل، ومواطنة كاملة تراجعت. وهذا للأسف خطر شديد بدأ يعاني منه مجتمعنا الآن.. لقد قامت ثورة 25 يناير لتحقق الحرية والديمقراطية والعدالة لنا.. وأطلقت للعنان آمالنا في دولة مدنية حقيقية.. مدنية أي لا يسيطر عليها العسكريون، وأيضاً لا يسيطر عليها المتطرفون دينياً.. ولكن تتابعت علينا عدة مشاهد أقلقت إخواننا المسيحيين، بل وأقلقت حتي المسلمين الذين يناضلون من أجل إقرار وتطبيق المواطنة الكاملة ويتصدون للتطرف. ولعل هذا القلق الذي انتاب الإخوة المسيحيين هو سبب رد فعلهم علي ما حدث في صول، وهو أسوأ حادث يمكن أن يتعرض له مجتمع نجح لتوه في ثورته الشعبية.. لعل هذا القلق هو الذي يفسر لماذا خرج الآلاف من المسيحيين لكي يعتصموا أمام مبني التليفزيون في ماسبيرو.. ولماذا ارتفع سقف المطالب إلي درجة المطالبة سواء في صول أو أمام ماسبيرو. وأظن وليس كل الظن إثماً أن هذا القلق هو الذي سيوجه أصوات الإخوة المسيحيين في الاستفتاء علي التعديلات الدستورية ضد هذه التعديلات.. ربما لا يكون كل الإخوة المسيحيين معترضين علي هذه التعديلات.. وربما يكون هناك من بينهم من يؤيدها ويراها خطوة ضرورية من الناحية العملية للانتقال إلي نظام ديمقراطي ننشده.. لكن تأييد جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوسط الذي يغلب عليه الطابع الديني، وحزب العمل أو بالأصح بقاياه وهو الحزب المتحالف من قبل مع الإخوان، وعدد آخر من الجماعات الدينية «الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد».. تأييد كل هؤلاء للتعديلات الدستورية، في وقت يعارضها كل من يدعو للدولة المدنية سوف يدفع الإخوة المسيحيين إلي التصويت ب «لا» علي هذه التعديلات الدستورية. وربما أدرك المجلس الأعلي للقوات المسلحة ذلك الأمر.. وقد يكون ذلك سبب قبول المجلس باحتمال أن يسفر الاستفتاء عن رفض لهذه التعديلات من قبل الأغلبية المشاركة في هذا الاستفتاء.. بل وضع تصوراً لحظياً إذا حدث ذلك.. أي جاءت نتيجة الاستفتاء بأغلبية رافضة لهذه التعديلات. المهم أن ننتبه ونكون يقظين لأي تقسيم سياسي واجتماعي في بلدي علي أساس ديني وألا نكون قتلنا المواطنة وأجهضنا ثورة 25 يناير.