من الثابت أن الشعراء فى الجاهلية لم يكونوا مفخرة لقبائلهم فحسب، بل لهم اليد الطولى فى لعب أدوار رئيسية ومهمة فى حلبة الحكم وصناعة السياسة، خاصة فى أيام الحروب نظراً لمقدرتهم البيانية فى التعبير وشحن النفوس وإلهاب المشاعر، وفى عهد رسول الله إعترف الشعراء الكبار بالرسول وبإعجاز القرآن وفصاحته التى فاقت جميع البلاغات والفصاحات ووقف الشعراء أمام عظمة هذا القرآن الكريم وقوة بيانه فى عجز منقطع النظير ولامجال للمقارنة فأدركوا أنه ليس من قول البشر فدخلوا فى الإسلام وخاصة اثنان من كبار الشعراء فى وقتها وهما «لبيد والأعشى» وكان لبيد شاعر قبيلة كلاب، إحدى قبائل هوازن، أما الأعشى: فكان شاعراً طوافاً، مدح فى رسول الله كثيراً، ولكن رسول الله لم يمل إلى شعره نظراً لأن الشعر كان سمة مميزة من سمات الوثنية فى الجاهلية، فضلاً عن القرآن الكريم نبذ الشعر وبين أن الشعراء لا يتبعهم إلا الغاوون فى قول الحق عز شأنه {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (224) سورة الشعراء، وحاش لله أن يكون رسول الله هكذا، ولا شك أن القرآن الكريم هو أعظم كلام على وجه الأرض فهو كلام المولى سبحانه وتعالى والذى قال عنه الله سبحانه وتعالى {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} (9) سورة الإسراء، وقال عنه أيضاً سبحانه وتعالى { قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (88) سورة الإسراء، وقال تعالى فى أربع آيات متشابهات فى سورة القمر {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} (17) (22) (32) (40) سورة القمر.