عندما نبحث في التاريخ عن شخص يمكن أن يختصر الشخصية المصرية بملامحها المميزة، سنجد هناك عددا من الشخصيات يبرز بينها اسم عبد الله النديم الذي حمل لقب خطيب "الثورة العرابية"، هذه الثورة التي تميزت عن غيرها بكونها تم تضفيرها من الجيش والشعب. وصف الدكتور عبد المنعم الجميعي النديم في كتابه "حكاية عبد الله النديم"، الصادر مؤخرا ويحمل رقم "6" في سلسلة "حكاية مصر" الصادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وصفه بأنه يمثل طبيعة الإنسان المصري بكل سماته وصفاته، خرج من غمار عامة الشعب، عاني وذاق ما ذاقه الشعب آنذاك من فقر وحرمان وشقاء، فجاءت كلماته تعبيرا حيا عن هذا الشعب. وعلي الرغم من أن الكتاب لا يتجاوز 181 ورقة من القطع المتوسط، فإن المؤلف فضل تقسيمه إلي 23 فصلا، تحمل عناوين أهم محطات الرجل الثاني في "الثورة العرابية" بعد زعيمها أحمد عرابي، قدم من خلالها رحلته ومواقفه مع الثورة منذ التمهيد لها، مرورا بحادث "قصر النيل"، الذي تمكن النديم بلباقته وخطبه المؤثرة في تحويله إلي حركة شعبية، رغم صعوبة توصيل فكرة الكفاح والوطنية في ذلك الوقت بين شرائح الشعب البعيدة عن التعليم والثقافة، بالإضافة إلي دوره مع عرابي في مواجهة الإنجليز، وتمكنه من الاختفاء عن السطات المصرية والإنجليزية بعد إجهاض "ثورة عرابي"، إلي أن سقط في أيديهم بسبب وشاية بعض ممن رآوه مختبئا بإحدي قري البحيرة، وحتي نفيه خارج البلاد وموته في "الاستانة" بعيدا عن تراب الوطن، كما عقد مقارنات بين أسلوبه وأسلوب تلميذه مصطفي كامل، في النضال الوطني والدعوة للإصلاح الاجتماعي.