يقدر عدد الأيتام فى مصر بحوالى 3 ملايين شخص، بينهم مليونان ونصف المليون يتم كفالتهم فى بيوت المصريين، أما الباقى فيتم كفالتهم فى دور الرعاية الحكومية والخاصة، وللاسف أغلب هذه المؤسسات غير قادرة على استيعاب معاناة الأيتام بدأت أعداد متزايدة من هؤلاء الأيتام من النزول والانتشار فى الشوارع وذلك فى شكل باعة جائلين ومتسولين.. روزاليوسف تفتح ملف معاناة الايتام واساليب استغلالهم من خلال دور رعاية الايتام.. وذلك بمناسبة يوم اليتيم الجمعة القادمة. ويشرح محمد فريد، المسئول بجمعية الاورمان، أن فكرة يوم اليتيم كانت احدى أفكار المتطوعين بجمعية الاورمان عام 2004، وتم على مستوى 3 محافظات وكان عدد الاطفال الذين تم الاحتفال بهم حوالى 5 آلاف طفل، ولاقت الفكرة قبولا مجتمعيا، خصوصا أن الجمعية كانت تحرص على ان يكون الاحتفال لأطفال الجمعيات الصغيرة والتى ليس لديها امكانيات، وشهد عام 2006، موافقة جامعة الدول العربية على يوم اليتيم العربى وهو الاقتراح الذى تقدمت الاورمان به وفى عام 2010، كان الاحتفال مختلفا بوقوف قرابة 15 ألف طفل عند سفح الهرم وبذلك دخلوا موسوعة جينس للارقام القياسية. tويكمل «نسعى ألا يقتصر هذا اليوم على مجرد الترفيه من خلال الملاهى او الحفلات او الحدائق، ولكن سعينا لتنظيم دبلومة مديرى دار رعاية الاطفال ويتم الحصول عليها من مؤسسة أمان بالتعاون مع إحدى الجامعات الايطالية من اجل الاهتمام بالطفل ومستوى الخدمة المقدم له وكذلك نسعى للتأكيد على مجموعة من الاشتراطات التى يجب توافرها فى الدار من حيث المساحة فلا يمكن تقبل وجود 100 طفل فى شقة سكنية، فلابد ان تكون الدار متسعة لأنشطة الطفل واحتياجته وهو غير متوفر فى أغلب دور الرعاية الخاصة واغلبها تتربح من وراء الاطفال وترفض أن تسلمهم لأسر بديلة لرعايتهم رغبة منها فى جنى الربح من وراء وجودهم بالدار عن طريق التبرعات.
جمعية الاورمان رغم ان بها قرابة 2600 طفل يتيم إلا ان الموجودين بالدار لا يتعدى عددهم ال300 يتيم- يكمل محمد - لأننا نحرص ان نوفر لهم الجو الاسرى من خلال أسر بديلة لرعايتهم، ويتم التأكد من توافر الاشتراطات ومراقبة الطفل طوال فترة تواجده مع الاسرة البديلة، وسعينا لتشجيع الجمعيات الصغيرة لفعل ذلك وعقدنا معهم ورش عمل ولكنهم يرون ان الطفل اليتيم تواجده بالدار «دجاجة تبيض ذهبا»، وللاسف بعض تلك الجمعيات لا تخضع لرقابة وربما تسمح بكفالة الطفل لدى أسر تقوم باستغلاله ربما جنسيا او مهنياًً من خلال توريطه فى اعمال إجرامية او تسول.
ويطالب فريد «لابد ان تقوم وزارة التضامن بدورها الرقابى، خصوصا ان هناك تجاوزات تتم حيال الاطفال، ويكفى الجمعيات الأهلية وصل عددها بعد الثورة لقرابة 50 ألف جمعية والكثير منها يعمل فى مجال كفالة الطفل اليتيم لأنه مجال للبيزنس والتربح من وراء هؤلاء الاطفال، وعلى الجمعيات الاهلية ان تتوسع فى زواج اليتيمات ونسعى العام المقبل لأن نضع يوم اليتيم بالأجندة الدولية».
ويرى هانى هلال، الناشط الحقوقى فى مجال حقوق الطفل، أن ما يحدث من انتهاكات واضحة فى الجمعيات ودور رعاية الايتام واضح ومعروف منذ النظام السابق وقد قمنا بوضع ضوابط للتخلص من تلك التجاوزات فبالإضافة لدور وزارة الشئون الاجتماعية فى الرقابة، يتم عمل لجان حقوق طفل مشكلة من جهات حكومية وحقوقية تتولى الرقابة بشكل دورى على مراكز ودور رعاية الاطفال بشكل عام والسجون ولكن للاسف لم تفعل حتى الآن، فالحكومة لم تملك الارادة السياسية وتخشى تفعيل ذلك لأنه سيتم كشف انتهاكات الحكومة قبل الجهات الخاصة تجاه الاطفال.
ويكمل» تتعدد اشكال الانتهاك من الاستغلال الجنسى فى اعمال الدعارة وكذلك الاستغلال فى الاتجار بالمخدرات والتسول والسرقة وغيرها وللاسف المسئولية تقع على عاتق الجمعيات الأهلية، لأنها تعطى حق الكفالة لليتيم ولا تتولى الرقابة والتواصل مع الاسرة الكافلة وهو الامر الذى يعطى الفرصة لتلك الاسر لاستغلال اليتيم ربما داخل المنزل فى اعمال النظافة ويصل الامر أحيانا للضرب والتعذيب وربما لتأجيره للعمل». ويعلق «هلال «أنه للأسف الأسر المصرية حتى الآن لا تعى معنى الكفالة لليتيم وعندما تكبر الفتاة تخشى الزوجة منها على زوجها وكذلك الحال بالنسبة للفتى حيث يخشى الزوج منه على زوجته، ومن ثم تتخلص الاسر الكفيلة من الطفل سواء الى الشارع او باعادته مرة اخرى للجمعية وفى كلتا الحالتين يتأثر الطفل سلباً بحدوث ذلك».
ويكمل « هناك 69 مؤسسة دور رعاية للاطفال الايتام تابعة للحكومة وعدد كبير من التابعة للجمعيات الاهلية ولا يوجد حصر دقيق بها حتى الآن، ولهذا نأمل تفعيل لجان حماية الطفل لإعادة تنظيم تلك المنظومة والحفاظ على حقوق الطفل المصري، ولا نفكر فى تعديل القانون حاليا رغم حاجتنا للضوابط ولكن نخشى ضياع ما وصلنا إليه خصوصا ان توجه الدولة الآن يسعى للتخلص من الامتيازات التى حصل عليها الطفل والمرأة بمصر، ومازلنا نتناقش مع المجلس القومى للامومة والطفولة ووزارة الشئون الاجتماعية وكالجمعيات الاهلية والحقوقية العاملة فى مجال الطفل من اجل منع الانتهاكات للطفل اليتيم بمصر.
الدكتور سمير نعيم استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس هاجم بشدة تخصيص يوم واحد فقط من كل عام للاحتفال بيوم اليتيم وان اليتيم يكون فقيرا ويجب مراعاة ومساعدة الفقير على مدار العام وليس مرة واحد فقط، قائلا « لا يعقل ان اذهب لليتيم يوم واحد فقط فى السنة واقدم له الهدايا والملابس والالعاب ثم اغيب عنه مرة اخرى لمدة 364 يوما.
واشار نعيم الى ان هذا الاحتفال يصيب اليتيم بالدهشة حين يرى هذا الاهتمام المبالغ فيه من قبل المواطنين فى يوم واحد فقط فى حين انه لا يعرف فى اغلب الأحوال هذا اليوم، مؤكدا ان احتفالنا ليس الا جلبة اعلامية لإظهار اننا نهتم بهذا اليوم.
ترى د. منال عمر استاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس ان اليتيم يحتاج لمن يشعره بالتقدير والحب معا، قائلة « هؤلاء خائفون من المستقبل ووظيفة المجتمع ان يطمئنهم ويعطيهم احساسا بأنهم طبيعيون ويدعمهم نفسيا ليصبحوا جيلا واعدا خاليا من الأمراض».
د. سوسن فايد خبير علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية قالت ان الاحتفال بيوم اليتيم له طابع رمزى لدى مجتمعنا من خلال مساعدة الجمعيات الخيرية لهؤلاء وتلبية احتياجاتهم ولكن من وجهة نظرها انها دعوة للتذكير فقط حيث يجب ان يكون هذا اليوم متواصلا دائما.
وأكد الشيخ صابر عبد العزيز استاذ فقه مقارن بجامعة الازهر ان الاحتفال بيوم اليتيم ليس سوى تذكير فقط من الآخرين وانه ليس مع فتوى تحريم يوم الاحتفال بيوم اليتيم لأنه بمثابة الوصية المستمرة على مدى الدهر فهى نوع من الغفلة مثل الوصية بالأم والاحتفال بعيد الام ، واضاف « مراعاة اليتيم ومساعدته وتلبية احتياجاته والرفق به ودعمه الذى هو واجب دينى والدليل «فأما اليتيم فلا تقهر «داعيا الى التبرع ب 1% من دخل كل مواطن لرعاية اطفال الشوارع واحتوائهم بدلا من ان يلجأوا للعنف والبلطجة وتشويه صورة بلدهم فهم الجيل المقبل الذى سوف يكون المستقبل افضل بهم».