تتجلى إحدى نعم الله على خلقه فى جعل محصول القمح يحدث يومياً على سطح كوكب الأرض ، وعلى مدار العام ، فخلال شهر يناير يتم حصاد القمح فى الأرجنتين واستراليا وشيلى ونيوزيلاندا ، وخلال شهر فبراير يتم حصاد القمح فى أوروجواى ويورما ، كما يتم حصاد القمح فى مصر ( الوجه القبلى) ، والهند فى شهر مارس ، بينما يُحصد القمح فى الوجه البحرى لمصر ، بالإضافة إلى المغرب والمكسيك . أما فى أسبانيا والجزائر واليابان وجنوب غرب الولاياتالمتحدة ، فيُحصد القمح فى شهر مايو، بينما يُحصد فى شهر يونيو فى كلا من ايطاليا والبرتغال وتركيا وتونس وسوريا والعراق ، أما فى يوليو فنجد دول المانيا وجنوب انجلتراوروسيا ورومانيا ، وفى أغسطس نجد شمال انجلترا والدانمارك وروسياوكندا ، ويحصد حتى شهر ديسمبر فى كل من اسكتلندا والأرجنتين واستراليا. وطبقاً لتقرير منظمة الزراعة والإغذية ( الفاو) الصدار عام 2008 ، فإن أكبر دولة فى انتاج القمح هى الصين وليس روسيا كما يظن البعض، حيث يقرر انتاجها بنجو 112 مليون طن مترى ، ولا تقوم بتصديره نظرا لضخامة عدد السكان واستهلاكه داخلياً ، يليها الهند (بانتاج يصل ل 79 مليون طن مترى) ، ثم الولاياتالمتحدةالأمريكية بوقع 68 مليون طن مترى ، ثم روسيا بواقع 64 مليون طن مترى ، ثم فرنسا بواقع 39 مليون طن ، ثم كندا 29 مليون طن ، ويلى تلك المجموعة من الدول كلا من : ألمانيا وأوكرانيا واستراليا وباكستان بإنتاج يبلغ على الترتيب 26 ، 26 ، 21 ، 21 مليون طن مترى ، بإجمالى 690 مليون طن مترى للدول المشار إليها . ويرتبط إنتاج وحدة المساحة من محصول القمح بالعديد من العوامل ، أهما على الإطلاق هى مياه الرى ، ثم درجة الخصوبة التربة والطقس ، والصنف والسلالة المزروعة ، بالإضافة إلى تكنولوجيا الحصاد وباقى عمليات الزراعة. وتعتمد بعض الدول المنتجة للقمح بشكل أساسى على مياه الأمطار فى المناطق المطيرة من العالم ، بينما تعتمد دول المناطق الجافة وشبه الجافة ومن بينها مصر على إنتاج القمح من مياه الانهار أو المياه الجوفية فى حالة توافرها . وتعتمد مصر على حصتها الثابتة منذ عام 1959 من مياه نهر النيل ، التى تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا فى رى المحصول وباقى الحاصلات الشتوية الحقلية ومحاصيل الخضر والفاكهة ، وهذا الثبات فى كمية المياه يرتبط ارتباطا وثيقاً بالمساحة الزراعية فى مصر ، التى تسمح بالتويع الافقى فى زراعة القمح. وبذلك تكون المعادلة أكثر صعوبة فى ظل محدودية مياه الرى والزيادة السكانية المطردة ، لذلك يوجد سباق ماراثونى بين معدل زيادة انتاج بين معدل انتاج القمح ، ومعدل زيادة النسل. فمتوسط نصيب الفرد فى مصر من حبوب القمح سنويا يبلغ 160 كيلو جرام ، فيكون احتياج مصر من القمح تحت تعداد سكانى يبلغ حوالى 92 مليون نسمة هو 14.72 مليون طن مترى ، وعندما يبلغ عدد السكان فى مصر مائة مليون نسمة ، فإن الاحتياج يصل إلى نحو 16 مليون طن مترى من القمح ..وهكذا. وحيث إن المساحة الزراعية الحالية فى مصر لانتاح القمح تبلغ نحو 3 مليون فدان – على أكثر تقدير – ، بمتوسط انتاجية تبلغ نحو 2.4 طن مترى للفدان بإجمالى 7.2 مليون طن مترى من حبوب القمح ، فإنه توجد فجوة بين الانتاج والاستهلاك تبلغ نحو 7.5 مليون طن مترى لصالح الاستهلاك . وباعتبار ان مجهودات الدولة المتمثلة فى تطبيق حزمة التوصيات الفنية الصادرة من الجهات البحثية التابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى ، للنهوض بانتاجية محصول القمح ، ستؤدى إلى زيادة المساحة المنزرعة إلى 3.5 مليون فدان ، بمتوسط انتاجية 3.75 طن مترى للفدان بإجمالى انتاج 13.13 مليون طن مترى من حبوب القمح ..فهل يستطيع الزيادة فى انتاج القمح تخطى الزيادة السكانية فى سباقهما المارثونى ؟؟ وقد تكون الإجابة هى : حتمية ضرورة إعادة هيكلة النظام الزراعى فى مصر سياسياً واقتصاديا ووظيفيا ، باتخاذ قرارات نحو زراعة القمح خارج حدود الوطن فى إطار اتفاقيات ثنائية ، مع تعظيم الاستغلال الأمثل لجميع الموارد المائية المتاحة فى مصر ، وكما سبق الإشارة إليه فإن حصاد القمح على مستوى العالم مستمر على مدار العام. د.محمد عبد الحميد نوفل وكيل وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى الأسبق و رئيس قسم خصوبة التربة وتغذية النبات