أعلن البنك المركزي، اليوم الخميس، تحرير سعر صرف الجنيه المصري، مقابل العملات الأجنبية، كما حدد سعرًا رسميًا لصرف الدولار الأمريكي ب 13 جنيهًا. "أول تعويم للجنيه" ومنذ أن خرج أول جنيه مصري للنور عام 1836 وتم طرحه للتداول، وكانت قيمة أوقية الذهب وقتها تساوي 20.69 دولار، تعد هذه المرة الرابعة يتم قيها اتخاذ قرار "تعويم الجنيه". وأول من قام بتعويم الجنيه في مصر، كان الرئيس محمد أنور السادات، عندما سمح بعودة البطاقات الاستيرادية للقطاع الخاص، وبدء حقبة التعاون مع الغرب فيعرف بالانفتاح الاقتصادي، التي تحولت بعد ذلك لما يسمى ب«ديون نادي باريس». لكن مع عدم قدرة السادات على تحرير الموازنة العامة عام 1977 وعدم استمرار تدفق استثمارات الخليج والضعف الاقتصادي العام في الثمانينات حدثت أزمات الدولار مرة أخرى، وتحرك الدولار رسميًا من 1.25 جنيه إلى نحو 2.5، ما أدى إلى إفلاس كثيرين، حيث كان القطاع الخاص المصري يقترض بالدولار من البنوك ويعمل بالجنيه. وفي عام 1989 تم تعويم الجنيه جزئيًا حيث أصبح سعر صرف الدولار 3.3 جنيها، إلا أن البنك المركزي كان مسيطرًا على الصرف الأجنبي بحيث يحافظ على قيمة شبه ثابتة للجنيه. في 29 يناير 2003 أعلن رئيس الوزراءعاطف عبيد تعويم الجنيه المصري، بعدها ارتفع سعر الدولار بنسبة اقتربت من 50%، وارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه من 3.70 جنيهات إلى 5.35 جنيه. "التعويم" أداة من أدوات السياسة النقدية للدول، وهذا الإجراء يُتبع مع العملات التي تحدد الحكومات قيمتها، ولا تكون متروكة لعوامل أخرى. "ماذا يعني التعويم" يختلف « التعويم» عن «تخفيض قيمة العملة»، فالتعويم عكس الربط، أي أن هناك عملات مربوطة بعملة رئيسية أو سلة عملات ويتم تعويمها من خلال فك الربط الجزئي أو الكلي، كما حدث في العملة الصينية اليوان مع الدولار الأميركي، بينما «تخفيض قيمة العملة» عكس ارتفاع قيمتها، ويعني تحديد السوق المفتوحة للعملة على أساس العرض والطلب وقوة أساسيات الاقتصادات التي تمثلها وتصرفات المضاربين في أسواق العملات. لذا فإن التعويم هو جعل سعر صرف هذه العملة محرراً بحيث لا تتدخل الحكومات أو البنوك المركزية في تحديده، بل يترك للتحديد تلقائياً في سوق العملات من خلال آلية العرض والطلب، وتتقلب أسعار صرف العملة العائمة باستمرار مع كل تغير يشهده العرض والطلب على العملات الأجنبية، حتى إنها يمكن أن تتغير عدة مرات في اليوم الواحد. "نظام اقتصادي" "التعويم" نظام اقتصادي بدأ العمل به في أعقاب انهيار نظام «بريتون وودز» في عام 1971، وهو المبادرة التي تقدمت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية عام 1944 برفقة 44 بلدًا من الحلفاء في الحرب. وجاء ذلك بعد أن ساد العالم حالة من الكساد نتيجة لتزايد القيود المفروضة على المدفوعات وحرب التخفيضات النقدية المستمرة وتعقد علاقات المديونية والدائنية، وأفرز هذا الاتفاق إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أجل الإشراف على القرارت المتخذة. ووضع مبادئ توجيهية لنظام سعر الصرف الثابت، ومن ثم أُنشئ نظام سعر الذهب من 35 دولار للأونصة، مع ربط الدول المشاركة عملاتها بالدولار، والسماح بتعديلات الزيادة أو النقصان 1٪، وأصبح الدولار عملة الاحتياط، واتجهت البنوك المركزية إلى التدخل لتعديل أو استقرار أسعار الفائدة. وأول صراع في النظام ظهر عام 1967، بعد أن تراجعت الولاياتالمتحدة رسميًا عن التزامها بتحويل جميع الدولارات المتداولة في العالم إلى الذهب، وانهارت قيمة الدولار مقابل الذهب، وأصبح الحفاظ على سعر صرف ثابت مقابل الدولار أمرًا غاية في الصعوبة بالنسبة للعديد من القوى الاقتصادية في العالم، فبدأت أمريكا باعتماد أنظمة صرف عائم تترك بمقتضاها حرية تحديد قيمة العملات الأجنبية للسوق بناء على قانون العرض والطلب.