هل زاد سعر السكر في التموين ل 18 جنيه .. الحكومة توضح    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    جورج وسوف يحيي حفلا فنيا في دبي 28 يونيو    سقوط شهداء جراء هجوم إسرائيلي على مدينة حلب السورية    ميدو: تواجد محمد صلاح تسبب في أزمة نفسية ل "زيزو" في المنتخب    صراحة وتهور.. أفشة يثير الجدل ب 6 تصريحات نارية    إعادة فتح طريق " قفط القصير" بعد نقل مصابي حادث تصادم سيارتين إلي مستشفى قنا    قريبًا إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    أفشة: أنا أفضل لاعب في مصر.. واختيار رجل المباراة في الدوري «كارثة»    زلزال قوي يضرب منطقة نوتو وسط اليابان    إعلام فلسطينى: اندلاع حريق فى معسكر لجيش الاحتلال قرب بلدة عناتا شمالى القدس    إصابة 8 مدنيين إثر قصف أوكراني استهدف جمهورية دونيتسك    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    أفشة: كولر خالف وعده لي.. وفايلر أفضل مدرب رأيته في الأهلي    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    أصعب 24 ساعة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الإثنين: «درجات الحرارة تصل ل44»    مصرع وإصابة 16 شخصا في حادث تصادم سيارتين بقنا    دفن جثة شخص طعن بسكين خلال مشاجرة في بولاق الدكرور    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    السجيني: نزول الأسعار تراوح من 15 ل 20 % في الأسواق    الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في الكشف المبكر عن قصور القلب    وكيل كوناتي: إذا قرر اللاعب الانتقال إلى الدوري المصري سيكون من خلال الأهلي    موقف الشناوي من عرض القادسية السعودي    ميدو: ليس هناك وقت ل«القمص» وحسام حسن سيخرج أفضل نسخة من صلاح    خسارة للبايرن ومكسب للريال.. أسطورة البافاري يعلق على انتقال كروس للملكي    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    4 شهداء في غارة للاحتلال على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    المأزوم.. عماد الدين أديب: اقتراحات بايدن لإنهاء الحرب حلحلة في صورة هدنة    "التعليم": شرائح زيادة مصروفات المدارس الخاصة تتم سنويا قبل العام الدراسي    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    «فرصة لا تعوض».. تنسيق مدرسة الذهب والمجوهرات بعد الاعدادية (مكافأة مالية أثناء الدراسة)    النيابة الإدارية تكرم القضاة المحاضرين بدورات مركز الدراسات القضائية بالهيئة    كوريا الشمالية توقف بالونات «القمامة» والجارة الجنوبية تتوعد برد قوي    عماد الدين حسين: مصر ترجمت موقفها بالتصدي لإسرائيل في المحافل الدولية    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    استقرار سعر طن حديد عز والاستثمارى والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    أمناء الحوار الوطني يعلنون دعمهم ومساندتهم الموقف المصري بشأن القضية الفلسطينية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الراحلة" || بقلم: أحمد خالد توفيق


أحمد خالد توفيق
يصعب عندما ترى صور زينب المهدى أن تصدق أن وجه الطفلة الضحوك هذا يدارى كل هذه الآلام والأوجاع، وأنها فى لحظة بعينها صارت قادرة على أن تقسو على نفسها لهذا الحد، فتغلق حجرتها عليها وتقف فوق مقعد، وتلف الحبل الغليظ حول عنقها شاعرة بخشونته الشريرة، ثم تركل المقعد. أى حزن أوصلها إلى لحظة الجنون تلك؟
فى بداية حياته تدرب الدكتور الأديب عادل صادق – يرحمه الله–فى قسم الأورام، وكان أن زار بالصدفة مستشفى الصحة النفسية فرأى هناك مريضا واجما صموتا، قال له ودمعه يتساقط: «كنت أتمنى لو كنت مصابا بالسرطان بدلا من أن أصاب بالاكتئاب !». أثارت هذه العبارة فضول الطبيب، فقرر أن يتخلى عن طب الأورام ويتخصص فى الطب النفسى بقية حياته، فقط ليفهم هذه العبارة الصادمة التى قالها مريض الاكتئاب. الاكتئاب مرض لعين، والأدهى أنه يتطلب قدرا كبيرا من الذكاء والحساسية لدى المريض كى يصاب به، لهذا يقولون إنه فى أهوال الحرب يصاب الجنود البسطاء بالهستيريا بينما يصاب الضباط بالاكتئاب.
لم يبرد جسد زينب الصغير الذى لم يمض فوق الأرض أكثر من 22 سنة، حتى راح الكل يتبارون على تمزيق جثتها واستغلال وفاتها سياسيا ولمصالح ضيقة وبلا أدنى رحمة بأهلها. لماذا انتحرت زينب؟ هى لم تترك تفسيرا سوى كلمات سطرتها فى موقع تواصل اجتماعى تقول: « تعبت.. استهلكت مفيش فايدة، كلهم ولاد كلب واحنا بنفحت فى مياه، مفيش قانون خالص هيجيب حق حد بس احنا بنعمل اللى علينا، أهه كلمة حق نقدر بيها نبص لوشوشنا فى المراية، من غير ما نتف عليها، مفيش عدل وأنا مدركة ده، ومفيش أى نصر جاى، بس بنضحك على نفسنا عشان نعرف نعيش».
إذا أضفنا لهذا أنها قالت لصديق لها: (أنا عايزة انتحر) مرارا، فإن الكلمات تغدو واضحة وتبين بلا شك أنها انتحرت لنفس الأسباب التى تجعل الشباب يقدمون طلبات الهجرة، أو يعتزلون الحياة السياسية: اليأس من التغيير، والنافذة التى انفتحت ودخلت منها الشمس ثم أغلقها أباطرة عصر مبارك وتأكدوا من انها لن تفتح ثانية. بالمناسبة… تزامن هذا فى ذات الأسبوع مع قصة الشاب الذى اعتقلوه بتهمة أنه يحمل نسخة من رواية 1984 لجورج أورويل !.. طبعا لا أعتقد أن الأمر تم بهذه الكيفية ولا أن رجال الداخلية سمعوا عن 1984 أصلا، بل حدثت مشادة مع الشاب لأسباب أخرى فصار كل ما يحمله قرائن اتهام. قالوا فيما بعد إن القصة تهاجم الحكم العسكرى بينما لم يرد فيها حرف واحد عن الحكم العسكرى لو كنت قرأتها. فى زمنى فتشوا بيت طالب تجارة، فضبط بسطويسى كتاب (التنظيم والإدارة) ضمن كتب الطالب. قال للضابط: وجدنا أوراق التنظيم يا باشا. هذه قصة معقولة وأصدقها، بينما يحتاج بسطويسى إلى قدر هائل من الثقافة كى يعرف أورويل. على كل حال لو صحت هذه القصة كما وصلتنا فيبدو أن خيال الخواجة أورويل تحقق فعلا، ونحن نعيش فى عصر 1984 الذى وصفه بالحرف. ولا تريدون أن يكتئب الشباب؟
أضف لأسباب انتحار الطفلة أسبابا نفسية خاصة يعلمها الله وحده. لكن استغلال الحادث سياسيا صار هو الموضة بين الطرفين.. البعض قال إن جماعة الإخوان سبب انتحارها لأنها كانت عضوا فيها وانشقت عنها، وهاجمت الإسلام السياسى والفكر الثيوقراطى. كيف جعلوها تنتحر إذن؟. ثم بدأ تعليق المشانق ل (عبد المنعم ابو الفتوح) لأنها كانت فى حملته الانتخابية.. إذن هو المسؤول، وظهر المذيع المتحمس يهدد أبا الفتوح بفضحه إن لم يعترف!. لاحظ أن هذا هو موسم الانتهاء من أبى الفتوح، وفى الوقت نفسه تم أكل الثور الأبيض والأحمر، وبدأ التهام الثور الأسود الذى لم يفهم قواعد اللعبة جيدا: السلفييون..
على الجانب الثانى رأى المعارضون أنها ماتت لأنها عضو فى تيار الإسلام السياسى ولم تتحمل الحرب الشعواء على رموزه، وقال البعض إن زينب اصيبت باكتئاب رهيب لأنها رأت ملفات المعتقلات وما يحدث لهن. وقال عضو المكتب التنفيذى لحركة قضاة من اجل مصر إن هناك شبهات جنائية وراء الانتحار، لأن المرأة لا تنتحر بالشنق وإنما تفضل السم. إذن هذا الكلام يفترض أولا أنه لا توجد نساء منتحرات بالشنق فى التاريخ كله، ويفترض ثانية أن الجناة استطاعوا التسلل لغرفتها ولم يشعر أهلها بهم. نعم غرفتها.. هذه نقطة أخرى لأن ما يقال عبر وسائل الإعلام أنها كانت تعيش وحيدة، بينما يؤكد أهلها فى روض الفرج أنها كانت تعيش مع أسرتها كأى فتاة أخرى، وقد تأخرت فى الاستيقاظ حتى الحادية عشر صباحا، ففتحوا باب غرفتها ليجدوا المشهد المروع. لو فرضنا أن هناك من قتلها فلماذا؟ وما خطورة هذه الطفلة لدرجة اتباع أساليب أفلام الجاسوسية هذه؟. هناك فقيه قانونى قال إن الموضوع أدير من الإعلام بشكل عصابى منظم بحيث أعلنوا أنه انتحار قبل أن تكتمل التحقيقات، وهذا يؤكد أنها قتلت!.. يا سيدى الإعلام فاسد ومليء بالهراء، لكن ماذا يقول وماذا تقوله أنت لو وجدت جارتك مشنوقة بحبل فى غرفة نومها؟ هل تنتظر التحقيقات قبل أن تقول إنها انتحرت؟. الخلاصة أن الكل استغل ما حدث لزينب، وزعموا مرة أنها انتحرت لأنها كانت ضمن جماعة الإخوان، ومرة انها انتحرت لأنها انشقت عن جماعة الإخوان.. وممكن تكون قتلت كذلك!
ليرحم الله زينب.. كانت تستحق أفضل من هذا بكثير، وبالتأكيد كانت تحتاج لعلاج نفسى مكثف وكانت تستحقه. ما أخشاه فعلا هو ان يمس انتحار زينب وترا حساسا فى نفوس الشباب المكتئب فاقد الأمل أصلا، وهو ما ينذر بتكراره فيما يسمى Copycat suicide الذى يعرفه الغربيون حيث تلى حادث الانتحار المدوى حوادث انتحار أخرى مماثلة تقلده. لهذا ندعو الله أن يكون هذا هو الحادث الأخير من نوعه.
نقلا عن صفحته الرسمية بموقع التواصل "فيس بوك"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.