كتبت هاجر جميل ومي محمد أثار إعلان اتفاق جنيف بين إيران والقوى الدولية الكبرى تساؤلات حول إنتهاء أزمة شكلت صداعا لمنطقة الشرق الأوسط المضطربة على مدى أعوام ، كما ثار تساؤل حول رد فعل أعداء إيران الإقليميين وعلى رأسهم إسرائيل والمملكة العربية السعودية ، وأكد خبراء سياسيون أن الرياض وتل أبيب لن تستطيعا القيام بأي خطوة حقيقية للرد على الاتفاق مع إيران في ظل التوافق الغربي مع طهران . وكانت إيران والقوى الست الكبرى قد توصلوا إلى اتفاق الأحد الماضي للحد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف محدود في العقوبات فيما قد يكون مؤشرا أوليا لتقارب بين الجمهورية الإسلامية والغرب. وجرى التوصل للاتفاق بعد مفاوضات استمرت أربعة أيام في جنيف بين إيرانوالولاياتالمتحدة وفرنسا والمانيا وبريطانيا والصين وروسيا. و تضمن الاتفاق حزمة من البنود وهي تجنب إصدار أي عقوبات جديدة ضد إيران خلال الأشهر الستة المقبلة، والحرص على عدم وصول نسبة صادرات نفط إيران إلى ما هو أقل من النسبة الحالية، وإزالة الحظر على شراء وبيع الذهب والمعادن الثمينة، وإزالة الحظر المفروض على صناعة السيارات وكذلك المنتجات البتروكيماوية، وتسهيل التعاون مع إيران لتصليح الطائرات المدنية العائدة لشركات الطيران الإيرانية، وتحرير 400 مليون دولار من أموال إيران في الخارج لتسديد تكاليف دراسة الطلبة الإيرانيين المبتعثين إلى الخارج، والتعاون مع إيران لشراء المواد الغذائية والطبية. كما تضمن الاتفاق تعهد إيران بوقف عمليات تخصيب اليورانيوم بنسبة 5%، وإبطال ذخائر اليورانيوم المخصب بنسبة 5% إلى 20%، وعدم إضافة أي جهاز للطرد المركزي في المنشآت النووية ، بالإضافة إلى وقف عمل نصف أجهزة الطرد المركزي في منشأة ناطنز (وسط)، و75% من هذه الأجهزة في منشأة فردو (جنوبطهران)، وتكتفي إيران باستبدال أجهزة الطرد المركزي التي يطرأ عليها عطل وتتجنب إنتاج أجهزة أخرى، وتتجنب إنشاء منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم. وينص الإتفاق على أن تحتفظ إيران فقط بتلك الذخائر من اليورانيوم التي تبلغ نسبتها 3.5% خلال الأشهر الستة الماضية، وتتجنب التخصيب بأعلى من هذه النسبة، وتقوم بتحويل الذخائر التي تتعدى هذه النسبة إلى "أوكسيد اليورانيوم"، ووقف النشاط في منشأة أراك، خاصة إنتاج الوقود للمنشأة وإنتاج الماء الثقيل ، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالتفتيش اليومي لمنشآت ناطنز وفردو وكذلك مراكز إنتاج قطعات أجهزة الطرد المركزي ومستودعات تخزينها وكذلك تفتيش المناجم في إيران ، ووضع المعلومات التي يطلبها مفتشو الوكالة حول منشأة أراك بحوزتهم، وتسهيل التفتيش اليومي لهذه المنشأة. وتقرر خلال المفاوضات في جنيف تشكيل لجنة مشتركة بين إيران ومجموعة 5+1 لتسهيل عملية تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتتمكن من التحقق من عدم انحراف نشاط إيران نحو إنتاج قنبلة نووية. وتباينت ردود الأفغال الدولية والأقليمية بشأن الاتفاق الذي أبرم بين الدول الكبرى (5+1) وطهران بشأن الملف النووي الإيراني، حيث رحبت الإمارات بالاتفاق، وأعرب مجلس الوزراء الإماراتي عن تطلعه بأن يمثل ذلك خطوة نحو اتفاق دائم يحفظ استقرار المنطقة ويقيها التوتر وخطر الانتشار النووي. من جهة أخرى، ذكر مصدر رسمي سعودي لCNN إن الرياض "غير راضية" عن الاتفاق الذي توصلت إليه الدول الكبرى مع إيران لمعاجلة ملفها النووي ، و أضاف إلى أن الحكومة السعودية كانت تشعر بالقلق الشديد حيال المفاوضات مع إيران وهي غير راضية عن ما جرى الإعلان عنه من اتفاق معها. من جانبه قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن بلاده غير ملزمة بالاتفاق الذي تم التوصل إليه في جنيف، وشدد على أن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي. واعتبر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أن ما جرى في جنيف "اتفاق سيء يقدم لإيران ما كانت تريده مثل رفع جزء من العقوبات والإبقاء على جزء أساسي من برنامجها النووي". من جانبه، رحب المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، في رسالة إلى الرئيس حسن روحاني باتفاق جنيف، قائلا بإنه أساس مزيد من التقدم وإن دعاء الشعب الإيراني ساهم في تحقيق هذا النجاح. في المقابل ، اعتبر الرئيس الأميركي باراك أوباما الاتفاق الذي تم التوصل إليه "خطوة مهمة" وأنه بداية الطريق. وقال أوباما إن الاتفاق مع طهران يغلق الطريق أمامها لصناعة قنبلة نووية، وأضاف أنه يسمح لإيران باستخدام الجيل الثاني من المخصبات لتوليد طاقة نووية سلمية فقط. الرئيس الأمريكي باراك أوباما وأضاف الرئيس الأميركي أن العقوبات على إيران ستخفف خلال 6 أشهر وإن لم تلتزم إيران خلال هذه الفترة بالاتفاق فإن تخفيف العقوبات سيلغى وسيتم الضغط على طهران مجددا. بينما قال وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، إن "الكل رابحون وليس هناك من خاسرين" في اتفاق جنيف حول الملف النووي الإيراني. وذكرت الصين أن الاتفاق حول برنامج إيران النووي "سيحمي السلام" في الشرق الأوسط. من جهتها، عبرت ألمانيا على لسان وزير خارجيتها، غيدو فسترفيليه، عن ارتياحها بشأن الاتفاق، وقال فسترفيليه: "توصلنا للمرة الأولى إلى وحدة سياسية بخصوص خطوات أولى جوهرية". ودعا إلى "الإفادة من الأشهر المقبلة لبناء ثقة متبادلة"، متمنيا "متابعة سريعة للمفاوضات بغية التوصل إلى اتفاق نهائي". وعن الاتفاق الأخير بين إيران والقوى الكبرى ، قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق إن العلاقات الدولية تحركها المصالح في المقدمة، والولاياتالمتحدةالأمريكية تخشى تصاعد البرنامج النووي الإيراني ومن مصلحتها حل الأزمة الإيرانية للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة العربية. وأكد أن من مزايا الإتفاق تجميد الأزمة الإيرانية وليس حلها وهو ما يحقق سلام مؤقت يشوبه هدوء حذر في المنطقة مشيرا إلى أن الرئيس الإيراني حسن روحاني نجح في الحصول على فرصة لإثبات نية دولته ، والآن الاختيار أمامه إما أن يستخدم النووي بشكل سلمي وإما أن يفاجئ العالم بصناعة قنبلة نووية ما يقلب موازين القوى، موضحاً أن الإتفاق لن يمنع إيران من تصنيع قنبلة نووية إذا عملت في الخفاء. أما عن ردود أفعال الدول الرافضة للإتفاق أوضح بيومي أن إسرائيل لن تصعد و لن تتخذ أي موقف ضد إيران بدون مباركة الولاياتالمتحدة ما يجعل الموقف الإسرائيلي صعب، والمملكة العربية السعودية لا تستطيتع اتخاذ أي مواقف ضد إيران وإنما تعتمد على حلفاؤها الغربيين وبالتالي فانها ستستسلم في النهاية. و أوضح السفير أنه يفضل حدوث توازن بين القوى في المنطقة العربية فإما أن تمتلك إيران قنبلة نووية أو تتوقف اسرائيل عن انتاج اسلحة نووية ولكن في النهاية هذا الإتفاق يشعر مصر وجميع الدول العربية بإرتياح مؤقت، ويمنحهم الفرصة لقضاء فترة هدوء يشوبها الحذر بعد أن منع الإتفاق حدوث حرب جديدة بالمنطقة. فيما أشار السفير عبد الرؤوف الريدي إلى أن الإتفاق يمثل خطوة مبدئية جيدة على الطريق، تفادي توجيه ضربة عسكرية لإيران كما أنه أكد أن السعودية ستستسلم للإتفاق في النهاية بينما لن تكف إسرائيل عن الإحتكاك بإيران، وستحاول تصعيد الأمر. أكد السفير الريدي أن إيران استفادت من تخفيض العقوبات الإقتصادية وروحاني حقق مكاسب عدة بإبرام هذا الإتفاق بعد أن ظهر أمام الشعب الإيراني أنه من حل الأزمة الإيرانية على عكس الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد ونجح في منح الأمل إلى الشعب الإيراني.