بعد أن بدأ صوت الحركات الانفصالية يعلو بشدة داخل الولاياتالمتحدة، هل تشرب أقوى دولة فى العالم من نفس الكأس الذى سقته للعديد من الدول الأخرى بدعمها للانفصاليين؟ وهل تستطيع بعض الولاياتالأمريكية الانفصال؟ وهل تتحقق توقعات الباحث الروسى ايجور بازين الذى أعلن فى 2009 تصوره لبداية تفكك الولاياتالمتحدة؟ رغم صعوبة فكرة الانفصال، إن لم يكن استحالتها، إلا أنها تساؤلات طرحها محللون بعد أن طالب مواطنو أكثر من 20 ولاية أمريكية بالاستقلال السلمى عن فيدرالية الولاياتالمتحدة وأن تصبح ولاياتهم دولا قائمة بذاتها، حيث أثارت قضية انفصال شبه جزيرة القرم عن أوكرانيا وانضمامها إلى روسيا الاتحادية رغبة بعض سكان ألاسكاالأمريكية فى أقصى الشمال الغربى فى الانفصال عن الولاياتالمتحدة وانضمامها لروسيا وتقدمت مجموعة من الأمريكيين من أصول روسية بعريضة للحصول على تواقيع تؤيد الانفصال عن الولاياتالمتحدة. ويقول القائمون على عريضة انفصال ألاسكا عن الولاياتالمتحدة إن السكان الأوائل كانوا من سيبيريا عبروا مضيق البيزنج واستقروا فى ألاسكا قبل أكثر من 15 ألف عام، حيث كانت ألاسكا جزءا من روسيا حتى عام 1867 عندما سلمها الإمبراطور الروسى ألكسندر الثانى إلى الولاياتالمتحدة. ألاسكا ليست الولاية الوحيدة التى تطلب الانفصال عن الولاياتالمتحدةالأمريكية، حيث شهد عام 2012 طلبات رسمية بالانفصال وبالتحديد عقب فوز الرئيس باراك اوباما بولاية رئاسية ثانية، حيث بدأت عرائض التعليقات تتدفق على الموقع الإلكترونى الخاص بالبيت الأبيض وهى تحمل توقيعات مواطنين أمريكيين من ولاية تكساس يتمنون انفصال ولايتهم عن الاتحاد الفيدرالى الأمريكى وذلك للتخلص من الرئيس المنتخب، خاصة أن الولاية قادرة عمليا على الانفصال حيث تعد الولاية داعما قويا للميزانية الأمريكية وتحتل المرتبة 15 فى اقتصاد العالم. ولم تقتصر رغبة الانفصال على ولاية تكساس فقط بل شملت نحو 20 ولاية أخرى معروفة بولائها التاريخى للحزب الجمهورى، كما تسبب حادث إطلاق النار على كنيسة للأفارقة فى تشارلستون بولاية كارولينا الجنوبية فى يونيو 2015 فى المطالبة بإنزال علم الكونفيدرالية المرفوع على مجلس الولاية نظرا للعنصرية التى يمثلها وتم نشر عريضة على الانترنت تطالب حاكم الولاية باحترام مواطنيها واستخدام نفوذه من أجل إنزال علم الكونفدرالية الذى يمثل العنف والإرهاب ضد مجتمع السود مطالبين جميع المواطنين بالتوقيع عليها وحصلت هذه العريضة على 175 ألف توقيع. كما نشرت خمس ولايات أخرى على موقع البيت الأبيض عريضة تطالب باستجواب كل ولاية على حده للتعرف على رأيها بالانفصال السلمى ووقع عليها 600 ألف فرد، ومن بين الولايات التى تطالب بإقامة حكومات منفصلة وكيان مستقل ولاية لويزيانا حيث كانت أول ولاية تقدم على هذه الخطوة ومونتانا وداكوتا الشمالية وإنديانا وميسيسيبى وكنتاكى وكارولينا الشمالية وألاباما وفلوريدا ونيوجيرسى وكولورادو واريجون. ووفق محللين أمريكيين، فإن تعبيرات الانفصال تظل رمزية وتعد ترجمة لعدم الرضا أكثر مما هو تصميم قاطع على المغادرة على الأقل بحكم ترابط المصالح والانتماء إلى بلد بحجم دولة عظمى توفر لمواطنيها من الامتيازات ما لا تحظى به شعوب أخرى، أو فى أحسن أحوالها تبقى هذه الحركات عاجزة عن تعبئة كتل شعبية باتجاه الانفصال، ثم هى أعجز من أن تحصل على موافقة واشنطن على خطوة من هذا النوع، كما أنها لا تتجرأ على تكرار تجربة الانفصال من جانب واحد على الأقل. ويوضحون أن الدستور الأمريكى والقوانين الأمريكية لا تمنع الانفصاليين من ممارسة حقوقهم والإعلان عن مطالبهم بأية صورة كانت إلا أن أية دعوة للانفصال لن تنجح لأن مثل هذا الأمر يحتاج إجراءات طويلة تبدأ من أن يقر برلمان الولاية نفسه ذلك، وإذا حدث ذلك يرفع هذا القرار للمحكمة الدستورية العليا فى أمريكا وإلى الكونجرس بعدها، وإذا أقرت هاتان الهيئتان المجموعة الانفصالية فيمكن للمجموعة أن تنفصل سلميا وهذه إجراءات طويلة وأغلب الظن لن تنجح.