ماذا ننتظر أن نسمع من السيد جون كيرى وزير خارجية أمريكا أكثر من الذى قاله لكى نسجد لله حمدا وشكرا.. نحن العرب والمسلمين؟! السيد جون كيرى أعلن أنه سيصل إلى منطقة الشرق الأوسط خلال أيام.. وقال إنه سيلتقى بعدد من المسئولين الفلسطينين والإسرائيلين والعرب فى محاولة لإيقاف العنف المتصاعد بسبب أحداث المسجد الأقصى.. تعلمت كصحفى أن أضبط انفعالاتى على الورق.. خاصة مع شخصية فى حجم وأهمية وزير الخارجية الأمريكية.. لكننى فى الحقيقة لا أستطيع أن أمنع نفسى من أن أقول له بمنتهى الأدب... كسبنا صلاة النبى يا سى كيرى!..معنى كلام السيد جون كيرى أن أمريكا قررت التدخل لمنع العنف الذى بدأ يتجاوز الحدود بسبب أحداث المسجد الأقصى.. ومعنى ذلك أيضا أن أمريكا قررت التدخل لإيقاف الاستفزاز الإسرائيلى المستمر والذى يعتبر السبب الرئيسى لتفجر العنف فى مدينة القدس وفى الضفة الغربية وفى غزة.. فهل يستطيع وزير الخارجية الأمريكى أن ينجح فى هذه المهمة؟.. هل يستطيع أن يوقف الاستفزاز الإسرائيلى ويمنع اقتحام المسجد الأقصى؟! مرة أخرى أقول إننى تعلمت كصحفى أن أضبط انفعالاتى على الورق لكننى لا أستطيع أن أمنع نفسى من أن أقول للسيد كيرى.. كان غيرك أشطر.. و«غيرك» الذى أقصده هو الرئيس الأمريكى أوباما.. رئيسك يا سيد كيرى! هل تذكرون خطاب الرئيس باراك أوباما الذى ألقاه فى جامعة القاهرة فى شهر يونيو من عام 2009؟ أيامها تصورنا أن الرئيس أوباما جاء إلى القاهرة يحمل رؤية طموحة لإعادة صياغة علاقات أمريكا بالعرب والمسلمين.. كلماته أقنعتنا بذلك، خاصة عندما أكد أن الإرث الاستعمارى ساهم فى تغذية حالة عدم الثقة بالغرب. وعندما تحدث أوباما عن الصراع العربى الإسرائيلى وأشار إلى التزام أمريكا بحل الدولتين.. دولة فلسطينية ودولة إسرائيلية.. استبشرنا خيرًا وزادت آمالنا فى حصول الفلسطينيين على حقوقهم التاريخية. هل كان أوباما صادقا؟.. هل كان كاذبا؟.. هل حاول بجدية تنفيذ وعوده أم كانت محاولاته مجرد تمثيلية؟! الله وحده أعلم لكن الذى نعلمه جميعا أن الأمور سارت إلى الأسوأ.. فتوقفت عجلة المفاوضات تمامًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين.. وسار أوباما على نفس الدرب الذى سار عليه من سبقوه من الرؤساء.. الانحياز الكامل لإسرائيل!.. وليس مستبعدًا فى إطار هذا الانحياز السافر أن تكون أمريكا هى الشريك الرئيسى لإسرائيل فى تنفيذ مخططاتها.. ومنها بالطبع خطة الاستيلاء على المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان على أنقاضه! ويفسر لنا ذلك لغز داعش (!!!) **** تسعى إسرائيل لإنشاء الدولة اليهودية.. دولة لا مكان فيها إلا لليهود.. دولة عنصرية.. وبالطبع سيكون صعبًا على أمريكا أن تساعد إسرائيل على إنشاء هذه الدولة العنصرية.. لكن الأمر يمكن أن يكون مقبولا لو أن هناك دولة إسلامية.. فى هذه الحالة لن تجد أمريكا حرجا فى مساندة ودعم فكرة إنشاء دولة يهودية. ومعنى ذلك أن أمريكا تسعى لإنشاء الدولة الإسلامية.. من هنا جاءت فكرة داعش.. ومن هنا نفهم لماذا تردد أمريكا - أكبر قوة عسكرية فى العالم - إن هزيمة داعش تحتاج إلى فترة زمنية تتراوح ما بين خمس إلى عشر سنوات.. ببساطة لأن أمريكا لا تريد أن تقضى على داعش وإنما تريد أن تساعدها على البقاء لكى تكون هناك دولة إسلامية ومن ثم تكون هناك دولة يهودية! ويفسر لنا ذلك لماذا لم تحقق الغارات الأمريكية على داعش أية نتائج على امتداد عام وأكثر.. فى الوقت الذى أسفرت فيه الغارات الروسية عن نتائج مرعبة! ثم إن أحد أهم أهداف خطط الفوضى الخلاقة التى تسعى أمريكا لتنفيذها فى المنطقة.. إيجاد وطن بديل للفلسطينيين.. ولم يعد سرًا أن تحالف أمريكا والإخوان كان هدفه الرئيسى هو تهجير الفلسطينيين فى سيناء وتفريغ الأراضى الفلسطينية منهم لكى يرتاح بال إسرائيل وتقيم الدولة اليهودية التى تحلم بها. ولا ننسى أيضا أن الولاياتالمتحدة لم تسع بجدية إلى إيقاف بناء المستوطنات الإسرائيلية.. التى تساعد إسرائيل على تنفيذ حلمها.. ابتلاع القدس بالكامل وهدم المسجد الأقصى. باختصار أمريكا ليست بعيدة عن محاولات تهويد القدس وليست بريئة من المؤامرات التى تستهدف المسجد الأقصى.. والدليل أن الرئيس أوباما أطلق مؤخرًا تصريحًا عجيبًا وغريبًا قال فيه إن من حق إسرائيل حماية مواطنيها من هجمات السكاكين.. دون أن يشير بحرف واحد إلى محاولات اقتحام المسجد الأقصى الذى دفع الفلسطينيين إلى استخدام السكاكين! ولا نلوم إلا أنفسنا! **** ليس خافيًا أن حالة الضعف التى تعترى الدول العربية هى السبب الرئيسى الذى جعل إسرائيل تتجرأ على المسجد الأقصى وتسمح لمواطنيها ومسئوليها بانتهاكه. إسرائيل بالطبع على ثقة من أن حالة الضعف العربى لن تسمح بأكثر من بيانات شجب واستنكار. الحقيقة أيضا أن العالم الإسلامى مشغول بصراعاته التى تزيد المسلمين ضعفا وتجعلهم خارج المعادلة تماما. وهكذا تقودنا الحروب الأهلية والصراعات الطائفية والمذهبية إلى النفق الذى تسعى أمريكا وإسرائيل إلى إدخالنا فيه.. فهل نلوم أمريكا وإسرائيل أم نلوم أنفسنا؟! **** يبدو غريبا أنه فى الوقت الذى يقتحم فيه الإسرائيليون المسجد الأقصى وينتهكون حرمته.. لم يفكر العرب فى قمة طارئة لحماية الأقصى.. متى يستيقظ العرب من غفلتهم؟!